بدأت منذ سنوات قليلة ظاهرة مستشاري أو خبراء الدرسات والأبحاث.. واذا تطلعت إلي السيرة الذاتية للباحثين أو الخبراء الذين يعدون هذه الدراسات والابحاث، تجد عاملا مشتركا بينهم وهو أنهم خبراء وباحثين يعملون مع ولاجل بعض الجهات سواء الجهات الوطنية أو الاقليمية، أو الدولية كخبير حر، يحصل علي مبالغ ضخمة بالدولار او اليورو. وذلك إلي جانب عملهم الأصلي في أي مؤسسة وفي معظم الأحيان يكون عملهم في مؤسسات حكومية! والعجيب أن الأبحاث والدرسات التي يبتكرونها تكون من صلب عملهم الحكومي! او بالمعني السوقي الدارج من دقنه وافتل له! ودعونا نوضح اكثر ونشرح ونحلل مفهوم الأبحاث، بمعناها العلمي كوسيلة علمية لبحث قضية أو موضوع ما، وشرحه جيدا وتحليله من شتي الزوايا استنادا علي محاور ونظريات علمية، تؤدي في النهاية الي خلاصة ونتائج وتوصيات لصناع القرار، من شانها الارتقاء بالقضية او الظاهرة محل البحث. ونعود مرة اخري إلي الباحث المزعوم العامل بالجهاز الحكومي ، والبحث الذي يعده مع اي جهة من الجهات المذكورة سالفا ..فنجد ان ما يفعله هذا الباحث هو تضارب مصالح، حيث تتشابك المصلحة بشتي الطرق مع عمل الباحث، وتعد نمطا غير لائقا من انماط استغلال السلطة.. ونوضح مجددا ان البحث سالف الذكر مبني علي خبرة الخبير في عمله الحكومي، بل انه هو لب وفحوي بطاقة وصفه ، وما يقوم به من اعمال يومية ، فالبحث الذي يعده الباحث الموقر ما هو الا نموذج مصغر من المخرجات المرجوه منه في عمله اليومي، والتي يستعير من مضمونها هذه الابحاث، او الدراسات ، اقصد يسطو عليها ، وبمعني اخر اقصد..... في الواقع نحن بحاجة الي قوانين وتشريعات تنظم عملنا، عملنا جميعا كباحثين صغار، او كبار، تنظم عملنا كموظفين او مسئولين نعمل مع ولاجل قضايا محورية، تفرض علينا طبيعة عملنا ان نتحمل مسئولية ان تتوفر لدينا بيانات دقيقة عن قضايا هامة، هذه القضايا قد تعد من قضايا الامن القومي، التي يحذر نشرها، والتفريط فيها او نشرها كابحاث ودراسات باسمائنا لاسيما مع جهات دولية تعد خرقا للقانون، ولاداب المهنة، واخلال بمهام الوظيفة التي كلفنا امام الله والوطن بالاضطلاع بها! فلنراجع انفسنا ونقف وبصراحة امام الله وضمائرنا ونحدد ماهو البحث ?وما هي الدراسات?وهل ما نقوم به هو اختراع علمي نابع من عقولنا وأفكارنا، ويعد ملكية فكرية ?ام هو استعاره غير أمينة من البيانات التي تتوفر لدينا بحكم وظائفنا? وأرجو من الجهات المعنية ان يكون هناك ضوابط لغلق هذا الباب الخلفي للتربح من خلال الوظيفة، والتزام كتابي من الباحثين ، والعاملين في جهاز الدولة بعدم نشر أو استخدام المعلومات التي تتوفر لديهم بحكم وظائفهم في أي أبحاث خاصة سواء علي المستوي الوطني، أو الاقليمي أو الدولي، وأعلم أن هناك العديد من التنبيهات في هذا الشأن ولكن هناك ضرورة ملحه لتغليظ العقوبات، ونشر هذه العقوبات للردع المطلوب، ولوقف هذه الفوضي غير اللائقة.