رحب الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بالخلاف الفقهي حول رأيه في تقنين العمرة والحج مرة كل 5 سنوات، مؤكداً أنه يتسع صدره للرأي المخالف. وقال وزير الأوقاف في تصريح خاص، إنه ذكر في مقاله "شجاعة التجديد وعقلانية النقد" عدة نقاط منها أن ما ثبت بدليل قطعي الثبوت والدلالة، وما أجمعت عليه الأمة وصار معلومًا من الدين بالضرورة؛ كأصول العقائد وفرائض الإسلام من وجوب الصلاة، والصيام، والزكاة، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا، كل ذلك لا مجال للخلاف فيه، فهي أمور توقيفية لا تتغير بتغيّر الزمان ولا المكان و الأحوال. وأضاف أن مجال الاجتهاد هو كل حكم شرعي ليس فيه دليل قطعي؛ يقول الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه المستصفى: ووجوب الصلوات الخمس والزكوات وما اتفقت عليه الأمة من جليَّات الشرع فيه أدلة قطعية يأثم فيها المخالف ، فليس ذلك محل الاجتهاد. وأوضح أنه ينظر بكل التقدير والاحترام لآراء الأئمة المجتهدين: الإمام أبي حنيفة، والإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد، ومن كان على شاكلتهم من العلماء والفقهاء، ونرى أنهم جميعًا أهل علم وفضل، بذَل كل منهم وسعه في الاجتهاد والاستنباط، وتلقت الأمة مذاهبهم بالرضا والقبول. وأشار إلى أنه يؤمن ببعض الفتاوى ناسبت عصرَها وزمانها، أو مكانها، أو أحوال المستفتين، وأن ما كان راجحًا في عصر وفق ما اقتضته المصلحة في ذلك العصر قد يكون مرجوحًا في عصرٍ آخَر إذا تغير وجه المصلحة فيه، وأن المُفتَى به في عصر معين، وفي بيئة معينة، وفي ظل ظروف معينة، قد يصبح غيره أولى منه في الإفتاء به إذا تغيَّر العصر، أو تغيَّرت البيئة، أو تغيَّرت الظروف، ما دام ذلك كله في ضوء الدليل الشرعي المعتبر، والمقاصد العامة للشريعة. ونوه بأنه يؤمن بالرأي والرأي الآخر، وبإمكانية تعدد الصواب في بعض القضايا الخلافيّة، في ضوء تعدد ظروف الفتوى وملابساتها ومقدماتها، وإذا كان بعض سلفنا الصالح قد قال: رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، فإننا نذهب أبعد من ذلك فنقول: إن كلا الرأيين قد يكونان على صواب، غير أن أحدهما راجح والآخر مرجوح، فنأخذ بما نراه راجحًا مع عدم تخطئتنا لما نراه مرجوحًا، ما دام صاحبه أهلا للاجتهاد، ولرأيه حظ من النظر والدليل الشرعي المعتبر، فالأقوال الراجحة ليست معصومة، والأقوال المرجوحة ليست مهدرة ولا مهدومة. وأكد أن تسارع وتيرة الحياة العصرية في شتى الجوانب العلمية والاقتصادية والتكنولوجية، إضافة إلى التقلبات والتكتلات والتحالفات والمتغيّرات السياسية، كل ذلك يحتم على العلماء والفقهاء إعادة النظر في ضوء كل هذه المتغيِّرات، ويعلم الجميع أن الإقدام على هذا الأمر ليس سهلاً ولا يسيرًا، ويحتاج إلى جهود ضخمة من الأفراد والمؤسسات، غير أننا في النهاية لابد أن ننطلق إلى الأمام ، وأن نأخذ زمام المبادرة للخروج من دائرة الجمود. ولفت جمعة إلى أنه يأمل ألا يسلك العقلاء مسلكَ العامة في النقد العاطفي، أو النقد الانفعالي، أو تجاوز الموضوعية بالتسرع في الأحكام قبل القراءة الوافية المتأنِّية لما يُراد الحكم أو التعليق عليه، وأن نقدم المصلحة الشرعية والوطنية على أي اعتباراتٍ أخرى ، وساعتئذٍ فلا حرج في النقد الموضوعي، ولو ردَّنا الحق عبيدًا لرددنا إليه صاغرين. واستطرد أنه وإذا كان أهل العلم يقولون: إنه لا إنكار في المختلَف فيه، وإنما يُنكَر على مَن خرَج على المتفق عليه، فقد نتفق أو نختلف حول فكرة تقنين العمرة، غير أنَّ عالمًا أو فقيهًا يُدرِك معنى فقه الواقع وفقه الأولويات لا يمكن أن يختلف معنا أو نختلف معه في أهمية ترشيد الحج والعمرة في ظل كل المعطيات العصرية، أما أن يكون هذا الترشيد استجابة للرأي الشرعي الذي أصَّلناه أو للحس الوطني الذي يتطلب ذلك، فهذا ما نسعى إليه. وبين وزير الأوقاف أن قضية التقنين وعدم التقنين فليست من سلطة العلماء تنفيذها، فهم أهل دعوةٍ ورسالة ورؤية يضَعُونها تحت نظر السلطة التشريعية، وهذه السلطة التشريعية هي صاحبةُ السلطة التقديرية للأمور، ولها عند التقنين أن تأخُذ بالرأي أو لا تأخذ به، ولها أن تستطلع آراءَ العلماء والفقهاء والمؤسسات المعتبَرة، وتُقدِّرُ ما تقتضيه المصلحة، فتختار من بين الآراء المتعددة ما تراه مناسباً للظروف الراهنة والمصلحة الوطنية ما دام له سند فقهي معتبر. وتابع: غير أن الذي نسعى إلى تأصيله هو ضرورة القراءة الجديدة لكل القضايا القابلة للاجتهاد بلا جمود أو تحجر عند بعض الآراء التي ناسبت عصرها وزمانها وبيئتها . يذكر أن وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، دعا إلى ضرورة تقنين السفر لأداء العمرة والحج مرة واحدة كل 5 سنوات، وذلك بسبب ضعف الاقتصاد المصري في البلاد.