بالرغم من أهمية مرفق ترام الإسكندرية التاريخية كأول وسيلة نقل جماعية فى مصر وإفريقيا، والذي أنشأته الحكومة الإيطالية عام 1860، إلا أن يد الإهمال طالته، ووصل به الحال إلى التوقف عن العمل تمامًا، وكان الترام مكونًا من عربتين تجره أربعة خيول، ثم تطور بعد ذلك ليعمل بجرار بخاري، ثم كهربائي، وكان سائقو الترام من الإيطاليين ومحصلو التذاكر من المالطيين حتى تأميم هذا المرفق عام 1952. ومع مرور عشرات السنوات وامتداد هذا المرفق؛ ليكون شريانًا رئيسيًّا فى قلب عروس البحر المتوسط، وتعدد أشكاله وعرباته، فهناك ترام المدينة الأصفر المكون من عربتين، ويجول داخل أحياء الإسكندرية القديمة فى مينا البصل والمتراس وكرموز ومحرم بك والورديان ومحطة مصر، وهناك الترام الأزرق، وما يسمى بترام الرمل الذي يصل أحياء الإسكندرية الجديدة ببعضها من محطة الرمل وسبورتنج وسيدي جابر وسان استيفانو وسيدي بشر وفيكتوريا، وأصبح هناك الترام السياحي ذو العربة الواحدة والذي بدون أبواب، وأخيرًا الترام كافيه الذي يمثل كافيتريا متحركة. يتميز الترام بأنه وسيلة الغلابة؛ حيث إنه ما زال رخيص الثمن، فتذكرتها خمسون قرشًا، ويستخدمه 30 مليون راكب شهريًّا وفقا لآخر الإحصائيات، إلا أنه أصبح صداعًا في رأس المسؤولين بسب تدهور المرفق وكثرة الأزمات المرورية، كما يعد مأساة للمواطنين، وخاصة في الموسم الدراسي، حيث أصبح يتأخر كثيرًا، مثل ترام الرمل الذي وصل زمن التقاطر لنصف ساعة على الأقل بين كل قطار والذي يليه، كما أن ترام المنشية الذي يربط المدينة شرقًا وغربًا لم يعد يكمل خط سيره. يقول محمد منصور المحامي: من ضمن مهازل المسؤولين الخاصة بمرفق ترام الإسكندرية مشروع ترام المنشية، ذلك الخط الذي كان يعمل منذ عشرات السنين، ويربط بين شرق المدينة وغربها، وتم إلغاؤه منذ 17 عامًا عندما عطل مرور موكب رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد آنذاك، وحتى الآن وهو حائر بين المحافظة ووزارة النقل، حيث أمر محافظ الإسكندرية الأسبق هاني المسيري بإعادة تشغيله، وتم تخصيص ميزانية له والبدء في الحفر وتركيب القضبان، إلا أن استقالة المسيري حالت دون تكملة المشروع، وجاء المحافظ السابق محمد عبد الظاهر ليلغي الخط، والآن لا نعلم ماذا سيقرر المحافظ الحالي. وعن حل الأزمة المرورية بالإسكندرية وخاصة بمرفق الترام وتطويره قال الدكتور جلال قراعة، الخبير العالمي لتخطيط المدن والبحث العلمي، ل "البديل" إنه عندما عاد من ألمانيا استاء جدًّا مما وصل إليه الترام، وجاءت فى ذهنه فكرة القطار الطائر أو "المونوريل"، وأوضح: بإمكاننا وضع أعمدة على جانبي شريط الترام، لنصنع كوبريًّا علويًّا يسير عليه الترام، وبذلك نحصل على سيولة مرورية، وأضاف أنه طرح الفكرة عام 2008، ووعده اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية حينها بعرض المشروع على رئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد نظيف، وأنه عمل جديًّا على دراسة المشروع، إلا أنه لم يلقَ اهتمامًا في السابق، ويشرح قراعة فكرته قائلًا: المشروع يبدأ بإنشاء "كومباوند" بمنطقة برج العرب وإنشاء مصنع للبنية التحتية للقطار، ويتم تصنيع الأعمدة الخرسانية الجاهزة به، إضافة إلى إنشاء جامعة هندسية خاصة بهذا المشروع، حتى نضمن استمراريته. وتابع: سوف أرسل فريق عمل للصين ليدرس من 6 أشهر إلى عام كيفية تصنيع هذا القطار، وفى خلال هذا العام تصنع الصين أول قطار طائر لمصر، ويتم إرساله قطعًا مع فريق العمل المصري ومشرفين من المصنعين في الصين، ويتم تركيبه بأيدٍ عاملة مصرية تحت إشراف مهندسين من الخارج، حتى يتقن العامل المصري تركييب "المونوريل"، وبعد السنوات الخمس الأولى يبدأ العامل المصري في تعلم تصنيع القطار، وبعد عشر سنوات يتقن تقنية تصنيعه في مصر دون تدخل الخبير الأجنبي. وأشار قراعة إلى أنه من ضمن الدراسات التي قدمها للحكومة المصرية إنشاء الشركة الوطنية "شركة قطار التنمية الطائر"، شركة مساهمة برأس مال وطني 100%، وذلك بقانون معلن من السيد رئيس الجمهورية. وأضاف: معي أسماء كبيرة جدًّا من رجال الأعمال المصريين المقيمين بالخارج، وهم على استعداد لإنشاء الشركة الوطنية لتمويل "المونوريل"، وبانتظار صدور القرار لبدء المشروع. وأوضح قراعة أن وزارة النقل عقدت معه اجتماعات عديدة لتنفيد المشروع، إلا اأنه فوجئ بمسؤول كبير بالاستثمار يجلب شركة يابانية لإنشاء "المونوريل" بتكلفة 35 مليون دولار للكيلو متر الواحد، رغم أن تكلفته طبقًا للدراسات التى أجراها ومرفقة بالمشروع 35 مليون جنيه مصرى، متسائلًا: أين يذهب هذا الفارق فى قطعة طولها 20 كيلومترًا؟ واختتم: من هنا بدأ استبعادي عندما رفضت إهدار المال العام، ولا أدري ماذا تم لتنفيذ الفكرة حتى الآن. من جانبه صرح اللواء خالد عليوة، رئيس الهيئة العامة لنقل الركاب بالإسكندرية، أن مشروع إعادة إحياء خط ترام المنشية حاليًّا بالإدارة القانونية بالمحافظة، مؤكدًا أن له أهمية كبيرة جدًّا إذا تم تشغيله؛ لأنه سيربط أماكن ذات كثافة سكانية عالية، مثل المتراس وكرموز والمكس ومحرم بك ومحطة مصر بوسط وشرق المدينة، حيث إن هذه المناطق محرومة من وسائل النقل الجماعي وسكانها من محدودي الدخل، كما أنه سيجلب دخلًا كبيرًا للهيئة، وسيخدم أكثر من 7 ملايين مواطن. وأضاف عليوة أن عدد ترام المدينة كان 119، تقلص إلى 60 ترامًا فقط؛ بسبب إلغاء وصلة ترام المنشية، والتي أدت الى عزوف المواطنين عن ترام المدينة وتفاقم الأزمة المرورية بسبب الميكروباصات. وعن أزمة ترام الرمل قال عليوة بأن قطارات ترام الرمل تعمل بجداول نظامية مخططة بفترات تقاطر 6 دقائق، وتعمل تحت إشراف جهاز حركة من أكفأ الافراد، إلا أنه نظرًا لوجود 37 مزلقانًا وليس للترام أولوية المرور عند هذه التقاطعات، فإن ذلك يتسبب في تعطيل الترام وتقليل سرعته، واعدًا بأنه سيتم حل هذه المشكلة بمشروع إعادة تأهيل وتطوير ترام الرمل كمترو حضري سريع المقرر تنفيذه إن شاء الله نهاية 2017.