حين تخوض الولاياتالمتحدة حربًا في منطقة الشرق الأوسط، توجد لديها عادة سيئة تتمثل في تجنيد قوى محلية كوكلاء، ثم تتخلى عنهم حين تأخذ الأحداث صبغة سياسية أو تدخل إقليمي، هذا النمط من "الإغواء والتخلي" واحد من الخصائص الأقل شعبية، وواحد من أسباب عدم ثقة الشرق الأوسط بواشنطن. لا تلتزم الولاياتالمتحدة بوعودها التي قد تتحول إلى مخاطر مثلما في العراق ومصر ولبنان وغيرها، والآن يحدث ذلك في سوريا، حيث تدعم الحكومة الأمريكية الأكراد، وتعتمدهم كأفضل حليف لها ضد تنظيم داعش الإرهابي، وفي المقابل يستهدفهم الجيش التركي. يصر الأكراد على القتال حتى آخر رجل منهم، وأيضًا تشارك النساء في الحرب، ولكن للأسف تحالفهم مع الولاياتالمتحدة قد يكون اقتراحًا خطيرًا في منطقة الشرق الأوسط. ذكرت تركيا الخميس الماضي أن طائرتها الحربية دمرت 18 هدفًا في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في شمال سوريا، حيث يريد الأتراك منع الأكراد من السيطرة على المناطق الحدودية، ولا يريدون أن يلعب الأكراد دورًا في تحرير مدينة الرقة (معقل داعش في سوريا) كما خططت الولاياتالمتحدة. حذر مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية من الهجوم التركي على الأكراد، قائلًا: "إذا لم يتوقف الهجوم، من الممكن أن تفشل الخطط الخاصة بتحرير مدينة الرقة"، ومن جانبها قالت مصادر كردية: إذا لم تتدخل الولاياتالمتحدة لوقف الهجوم التركي، فقد يلجأ الأكراد إلى مناشدة روسيا. جاء التحالف بين الولاياتالمتحدة والأكراد أثناء تحرير مدينة كوباني من قبضة تنظيم داعش في عام 2014، حينها كان عدد الجنود الأكراد بالمئات، وتدخلت القوات الأمريكية الخاصة لمساعدتهم، حتى وصل دعم من خلال الجو عن طريق مركز العمليات في مقر الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية بالعراق. حاولت الولاياتالمتحدة، ولكن دون جدوى، حل الصراع التركي الكردي، قبل هجوم منبج في مايو الماضي، حيث استخدمت واشنطن قاعدة إنجرليك التركية، واستقبلت وفدًا كرديًّا بها، ولكن هذا الجهد ضاع هباء بعد محاولة الانقلاب في تركيا، ويقال إن بعض الضباط الأتراك الذين شاركوا في الحوار مع الأكراد السوريين تم وضعهم في السجن كمشتبه بهم في التخطيط للانقلاب. تصاعدت طموحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد محاولة الانقلاب، وبدأ في محاولة السيطرة على الشريط الحدودي مع سوريا، ولكن يستمر تقدم الأكراد في العراق، لتحرير مدينة الموصل، وهو ما يرفضه أردوغان أيضًا، وقد بدأ مؤخرًا في الحديث عن أن الموصل وحلب كانتا تحت الحكم العثماني. يجب على الأكراد أن يكونوا على علم أفضل: إما بالتحالف مع الولاياتالمتحدة أو نيل ثقة تركيا والبقاء بعيدًا، حيث إن التاريخ الكردي مليء بالخيانة. ولحسن الحظ بالنسبة للولايات المتحدة، لا تزال هناك منطقة حظر الطيران فوق شمال العراق، والتي فرضتها واشنطن بعد حرب الخليج عام 1991، مما ساعد على تشكيل حكومة إقليمية كردية مزدهرة في العراق. ولكن الناس في الشرق الأوسط تعلموا أن يحذروا من الوعود الأمريكية، وقد رفض أحد رجال الدين المسيحيين في العراق المساعدة الأمريكية الجديدة، بعد تحرير مدينته من قبضة داعش، قائلًا: "سوف تسير بعيدًا، هذا ما تفعله". واشنطن بوست