انتهت فعاليات الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني السوداني بالخرطوم أمس، بمشاركة الحكومة وحلفائها، فضلاً عن أحزاب ليس لها وزن حقيقي في الشارع السوداني، الأمر الذي وضع نهاية دراماتيكية لعملية الحوار، لاسيما أنه لم يتوصل إلى حل للأزمة باعتبار أن الفصائل المشاركة في المؤتمر ليست رئيسية أو فاعلة سياسيا، وأن الحرب في مناطق النزاع ستظل مستمرة مع عدم مشاركة القوى التي تقاتل الحكومة في الحوار. الحوار الذي جاء الحديث عنه في أعقاب مظاهرات احتجاجية في سبتمبر 2013، قتل فيها حوالي 200 شخص، مشروع أطلقه الرئيس السوداني عمر البشير، في يناير 2014؛ للتفاوض بين مكونات الشعب السوداني السياسية المدنية والعسكرية المختلفة، مطلقا عليه اسم "الوثبة"، لكن قاطعته منذ البداية مكونات سياسية رئيسية بينها حزب الأمة القومي المعارض بزعامة الصادق المهدي، وسط اتهامات بعدم وجود إرادة حقيقية عند الحزب الحاكم لإنجاح الحوار. كان الرئيس السوداني دعا زعماء الدول المجاورة كمصر وموريتانيا لحضور ختام الحوار على اعتبار أنه إنجاز لم شمل السودانيين، إلا أن عدم مشاركة القوى السياسية ومقاطعتهم للحوار كان ضربة قوية له، بعد تغيب قوى رئيسية في المعارضة، أبرزها بجانب حزب الأمة القومي الحركات المسلحة الرئيسية بدارفور، مثل «العدل والمساواة» بزعامة الدكتور جبريل إبراهيم، و«جيش تحرير السودان» بزعامة مني أركو ميناوي، وحركة عبد الواحد إبراهيم، التي ترفض من حيث المبدأ الدخول في حوار مع الحكومة وتتمسك بخيار إسقاط النظام أو بدء حوار جدي تحت رعاية دولية يكون خارج السودان. ورغم تأكيد الجميع محليا ودوليا أن للمقاطعة تداعيات كبيرة على مجمل عملية الحوار الوطني، هوّن حزب المؤتمر السوداني الحاكم من ذلك، معتبرا أن كل القوى المؤثرة أصبحت داخل منظومة الحوار، وبدا حزب المؤتمر السوداني المعارض واثقا من تأثيرات جمة سيخلفها غياب القوى السياسية المعارضة على نتيجة الحوار الوطني، قبل أن يتهم المؤتمر الحاكم "بتجاوز التزاماته المنصوص عليها في خريطة الطريق". وقال رئيس الحزب المعارض، عمر الدقير، إن القوى السياسية الحقيقية هي خارج منظومة الحوار الوطني، مضيفا أن ما يجري الآن محاورة المؤتمر الوطني لشركائه في الحكم، مما يجعل نتائجه غير معتبرة، ولن توقف الحرب أو تعالج أزمات البلاد المتشعبة. وكان نداء السودان اقترح حوارا بديلا للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية، من بين بنوده وقف القتال في مناطق النزاع، وعقد حوار شفاف بإدارة محايدة، معلنا رفضه القاطع لمخرجات حوار الوثبة، كما اعتبر الدقير أن الحكومة تجاوزت التزاماتها المنصوص عليها في خريطة الطريق، مؤكدًا أن إصرار الحكومة على مخرجات الحوار الوطني ستقابله المعارضة بالتواصل في المواجهة لإسقاط الحكومة بالوسائل السلمية، مشيرًا إلى أن الحكومة بإقدامها على ختم الحوار الوطني "تجاوزت التزاماتها المنصوص عليها في خريطة الطريق التي وقعت عليها إلى جانب قوى نداء السودان". أستاذ العلوم السياسية في جامعة أم درمان الإسلامية، عبده مختار موسى، يرى أن رفض أي طرف المشاركة في الحوار سيؤثر على نتائجه، وبالتالي سيؤثر على عملية الوفاق الوطني، وكان الأجدى للحكومة إقناع القوى السياسية الممانعة خلال الفترة الماضية لإلحاقها بالحوار، معتبرا أن الأجواء الحالية غير مواتية حاليا لختام حلقات الحوار. في السياق ذاته، يرى مراقبون أن الحوار الوطني الذي عقد في السودان سيكون في صالح المعارضة، خاصة أنها لم تلتزم بمخرجاته لأنها لم تشارك فيه، كما يقول الصادق المهدي، إن النظام في الخرطوم إذا رأى أن الحوار الوطني أوصله لنتائج، فهو أيضا غير ملزم لقوى "نداء السودان" ولا يعنيها، مضيفًا أن الحوار الداخلي بمثابة حوار تمهيدي، لا يكتمل إلا بالحوار مع الأطراف التي وقعت على خارطة الطريق في أديس أبابا. وتابع: الحكومة إذا جاءت بتوصيات حوارها الوطني في الخرطوم إلى مفاوضات أديس أبابا، باعتباره ما توصلت إليه في الداخل، حينها يمكن أن نتناقش ونتحاور حول توصيات المؤتمر، مضيفا: إذا تطابقت توصيات الحوار مع تطلعات "نداء السودان" فمرحبا بها، مشددًا على ضرورة خضوع الحكومة لاتفاقها مع قوى "نداء السودان" التي وقعت معها على خارطة الطريق برعاية الوسيط الإفريقي، ثابو امبيكي، مشيرا إلى أن الحكومة وقعت خارطة الطريق التي توجب عليها إجراء الحوار في الخارج، تحت مظلة مجلس السلم والأمن الإفريقي.