"مؤسس دولة الاحتلال" أو "مجرم الحرب" أو "قائد مجزرة قانا" أو "مؤسس الاستيطان"، كلها أوصاف تطلقها العديد من الشعوب العربية وعلى رأسها الفلسطينية على الرئيس الإسرائيلي السابق، شمعون بيريز، لكن لدى الحكام والزعماء والملوك العرب رأي آخر، حيث ظهرت نظرة دول ما توصف ب "الاعتدال العربي" للرئيس بيريز بعد وفاته، ليصفه البعض ب"رجل الحرب والسلام" ويصفه آخرون ب"صانع السلام"، ويتهافت فريق ثالث على حضور جنازته. وفور الإعلان رسميًا عن وفاة الرئيس السابق، شمعون بيريز انهالت برقيات التعزية على الكيان الصهيوني، حيث كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية من أول المعزيين في بيريز ولحقتها العديد من الدول الغربية والأوروبية، أمثال روسيا وألمانيا والصين وفرنسا واليابان والمفوضية الأوروبية والفاتيكان. تعزية الدول الغربية والأوروبية في الرئيس الإسرائيلي السابق لم تكن غربية أو مثيره للغضب أو الدهشة، لكن جاءت بعض ردود الفعل العربية لتثير غضب العديد من الشعوب التي لاتزال داعمة للقضية الفلسطينية، وكان في مطلع ردود الفعل المثيرة للدهشة والسخرية، ما قاله الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تعليقًا على وفاة بيريز، حيث سارع الرئيس الفلسطيني ببعث برقية تعزية لعائلة بيريز، أعرب فيها عن حزنه وأسفه لوفاة الرئيس الإسرائيلي السابق، ووصف عباس بيريز بأنه كان شريكًا في صنع سلام الشجعان مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، ورئيس الوزراء إسحق رابين، وأشاد الرئيس الفلسطيني بالجهود الحثيثة التي بذلها بيريز من أجل إحلال سلام دائم، منذ اتفاق أوسلو وحتى آخر لحظة في حياته. في ذات الإطار، ذكر موقع واللا العبري أن وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، نعى اليوم الخميس الرئيس الإسرائيلي السابق، وكتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي تويتر: أرقد بسلام، الرئيس شمعون بيريز، رجل الحرب ورجل السلام، الذي لا يزال بعيد المنال في الشرق الأوسط. في ذات الإطار، لاقت تغريدة وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، ردود فعل معظمها غاضبة من مستخدمي "تويتر"، حيث قال أحد الناشطين: كيف يرقد بسلام وصرخات الأمهات الثكالى تطارده؟ كيف يرقد بسلام ودماء الشهداء في فلسطين ولبنان تستصرخ الانتقام؟، ورد ناشط آخر: تترحم على مرتكب مجزرة قانا؟ تترحم على من ساهم في تهجير شعب عربي من أرضه؟ تترحم على قيادي في كيان محتل عنصري؟ من جانبها أكدت القناة العاشرة الإسرائيلية، أن عددًا من الدول العربية بينها دول من منطقة الخليج العربي تجري اتصالات مع جهات إسرائيلية تطلب فيها الإذن بالمشاركة في جنازة رئيس دولة الاحتلال، شمعون بيريز، ولفتت القناة إلى أن عددًا من دول الخليج ودولة من المغرب العربي لم تسمّها طلبت الإذن بالمشاركة في الجنازة التي ستقام غدًا الجمعة. من جهته أفاد موقع "i24" الإسرائيلي، أن المغرب سيرسل أحد مستشاري الملك محمد السادس، أندريه أزولاي، لحضور جنازة شمعون بيريز، مؤكدًا أن وزير الخارجية، سامح شكري، سيمثل بلاده في الجنازة أيضًا منوهًا أنه من غير المؤكد إذا كان السيسي سيحضر الجنازة أم لا، فيما رجحت إذاعة "كول حاي" الإسرائيلية حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن، عبد الله الثاني، وأكدت القناة العاشرة الإسرائيلية عبر حسابها على تويتر هذا الخبر. وفي السياق ذاته، قال نائب الوزير الاسرائيلي، أيوب قرا، إن زعيم من إحدى دول الخليج بكى لعدة دقائق حين سمع منه أثناء لقائهما في نيويورك الليلة الماضية، أن الرئيس الإسرائيلي السابق قد توفي، حيث قال القرا: التقيت الليلة في نيويورك بأحد القادة الخليجيين، وبادرني بالسؤال: ما هو وضع شمعون؟ فأجبته، للأسف تلقيت الآن نبأ وفاته، فبدأ بالبكاء ولم يهدأ لعدة دقائق. ردات الفعل العربية المثيرة للسخرية والاستفزاز دفعت العديد من ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي إلى إطلاق التعليقات والتذكير بما ارتكبه مجرم الحرب، شمعون بيريز، من جرائم ومجازر بحق الفلسطينيين، خاصة أن الإعلان عن وفاة بيريز وردود فعل العرب جاءت بالتزامن مع ذكرى وفاة الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، وكذلك مع الذكرى السادسة عشر لانتفاضة الأقصى. في الوقت نفسه سخر البعض من علاقة "بيريز" المفترضة بالسلام مع الفلسطينيين وحصوله على جائزة نوبل للسلام، ووصلت السخرية إلى الوفود العربية والفلسطينية التي عزت في رحيل بيريز، حيث نشر المدون الفلسطيني، محمد أبو علان، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: ننتظر قائمة المشاركين في جنازة بيريز وكم من العربان سيكون فيها؟ نأمل أن لا يخرج أحد منا يعزي بموت أبو المشروع النووي الإسرائيلي، وواضع حجر الأساس للإستيطان الإسرائيلي، وجزار قانا شمعون بيرز. ومن جانبه سخر الصحفي الفلسطيني، علي عبيدات، من ذات الأمر قائلًا: سمعت جماعتنا أي الفلسطينيين واخدين عزاء بيرز عند القبور، ونشر تعزية مفترضة "باسم عشائر أوسلو في الوطن العربي الكبير وأفخادها كامب ديفيد ووادي عربة وطابا وشرم الشيخ وواي ريفر وباريس شمعون بيريز عن 93 عامًا قضاها في استباحة أرضنا. أما الصحفي "حمدي فراج"، فكتب يقول: عباس زكي قال إن فتح هي التي فتحت عيون العرب مع انطلاقتها لخطر إسرائيل، وبالتالي يجب ألا تكون غطاء للاحتلال أمام الأمة العربية، هذا اعتراف خطير لكنه متأخر فالعرب اليوم حلفاء بنيامين نتنياهو فحين اقتربتم من إسرائيل كانوا بعيدين وحين تبتعدون يكونون قد أصبحوا في حضنها، وكما قال قباني: ستردد القصص التي أسمعتني ولسوف تخبرها بما أخبرتني. فيما قال الكاتب "خالد عيسى": مات بيريز عن عمر يناهز 93 عامًا، وليس بعيدًا عن المستشفى الإسرائيلي الأنيق الذي توقفت فيه حياة ما يقارب قرن من عمر الرجل، يموت طفل فلسطيني بسنواته العشر برصاص أحفاد الرجل الحائز على جائزة نوبل للسلام على أرصفة القدس، وتحضن والدة ياسر حمدونة جثة ابنها الأسير الذي أطلق سراحه شهيدًا، وأضاف: لنا موتنا ولكم موتكم، لنا الجثث المثلجة في البرادات الإسرائيلية ولكم جثثكم الطازجة في الموت الأنيق، لنا تشردنا ولكم استقراركم، يموت الرجل الذي ولد في بولندا ويدفن في فلسطين، ويموت الفلسطيني الذي ولد في فلسطين ويدفن في بولندا، مات بيريز وعاد الأسير ياسر حمدونة إلى أحضان أمه شهيدًا، لا شماتة في الموت ولكن لماذا تشمتون بنا في الحياة؟