لم تكن تجربة المسرح المستقل وليدة اليوم، لكن جذورها تعود إلى أعوام كثيرة مضت، منذ أن ظهرت فى ثمانينيات القرن الماضي، محققة نقله نوعية في المسرح المصري، ساهمت في عودته مجددًا وجذب الجمهور إليه، عقب الإخفاقات التي شهدها مسرح الدولة آنذاك، ويرجع الفضل إلى الفنان جورج أبيض، الذي أسس أول فرقة مستقلة في مصر، ليفتح المجال لغيره من الفنانين. ثمة صراع اليوم، بين مسارح الدولة وتابعيه والفرق المستقلة التي تعاني من بعض المشكلات؛ إذ يرى بعض المسؤولين عن مسرح الدولة أن تجربة الفرق المستقلة سطحية لا تستحق الحديث عنها، على الجانب الآخر، موجة غضب تنتاب العاملين بالفرق المستقلة؛ بسبب ما يصفونه ب"غياب التقدير" لدورهم فى إحياء المسرح وتقديم تجارب فنية ناجحة وقوالب جديدة ومختلفة جذبت الجمهور إليه من جديد. وصف الفنان أشرف طلبة، مدير فرقة المسرح الحديث، الفرق المستقلة ب"الوهم"، يتملكهم الحماس فقط، مضيفا ل"البديل": "من الممكن أن يخرج منهم شباب موهوبين بالفعل، لكنهم ليسوا الأمل". من جانبه، قال المخرج محمد مبروك، مؤسس فرقة سوء تفاهم: "يوجد خلط بين مستقل وهاوي، فالأخير يمارس المهنة من أجل تنمية مهاراته أو استغلال وقت فراغة، أما الأول يعمل بالفن كمهنة يحترفها"، مضيفا: "الهاوي وجدت واسطة، فتم تعيينه، بعكس المستقل"، متابعا أن العنصرية والتفرقة بين المسرحيين وتحويلهم إلى مسميات مثل مستقل ويعمل بالدولة تخلق الصراعات التي لا تفيد المسرح، الذي يتطور بمن يعمل وينتج ويبدع أيّ كان اسمه وصفته. وأوضح مبروك، أن دعم الدولة ليس تفضل من أحد؛ فالدستور يفرض عليها دعم وحماية الإبداع والمبدعين ماديا ومعنويا، مطالبا بتقنين وضعهم داخل نقابة المهن التمثيلية كونهم يعملون باحترافية منذ زمن ويتقاضون أجورا منها، ويمارسون الفن كمهنة يعتمدون في حياتهم عليها، مضيفا أن الفرق المستقلة أسست واستقلت وعملت على حل كل المشكلات؛ فهي الفرق الوحيدة في الدولة القادرة على إيجاد حلول وتقدم عروضها بأقل الإمكانيات. وأكد أحمد الليثي، أحد ممثلي فرقة أستديو البروفة، أن أحد العوائق التي تواجهم، نظرة الوسط الفنى لهم؛ فلا أحد يقدر موهبتهم في التمثيل أو يتيح لهم فرصة للظهور في دور كبير، مضيفا: "بعض المسرحيين ينظر خطأ إلى الفرق المستقلة بأنهم أشخاص لابد أن يأخذوا السلم من أوله دون النظر إلى حجم الموهبة". وفي السياق، قال يوسف إسماعيل، مدير المسرح القومي: "على الدولة الاهتمام بالفرق التابعة لها أولا ثم النظر فيما بعد إلى الفرق المستقلة التي تعمل بمفردها ولا تنتظر دعم من الدولة؛ لأن لها من يصرف عليها ويدعمها غير وزارة الثقافة". فرقة "سوء تفاهم" أسست المخرج محمد مبروك، عام 2008، وتضم مجموعة كبيرة من الفنانين المتخصصين دارسي الفن وغيرهم من الموهوبين الممارسين المهنة في مجال الاحتراف، اشتركت في العديد من المهرجانات، وحصلت على العديد من الجوائز من لجان تحكيم مكونة من "اساتذة ودكاترة متخصصين في مجال المسرح" مثل الراحل المخرج الكبير هاني مطاوع، والراحل الدكتور خليل مرسي، والناقد الدكتورة نهاد صليحة، والدكتور حسين العزبي، وغيرهم الكثير. فرقة "استديو البروفة" أسسها الممثل والمخرج محمد جبر، عام 2002، ولفتت الانتباه حلولها بعد ثورة 25 يناير، وقدمت العديد من العروض المسرحية ومن أبرز مسرحيتها "1980 وأنت طالع" الذى حقق نجاحاً غير مسبوق، فيما تعرضت الفرقة لبعض التضيق والتعنت من الدولة فى العروض على مسارحها او مسارح هيئة قصور الثقافة، وفازت الفرف بالعديد من الجوائز وهى تتبع الجمعية المصرية لهواة المسرح، ويعرضون حاليا مسرحية "البروفة".