تعددت في العصرين الفاطمي والأيوبي مصادر الدخل المصري لسكان الحجاز، فقد وضعت مصر قسطًا كبيرًا من أموالها لمساعدة أهل مكةوالمدينة؛ نظرًا لأنها مهبط الوحي وقبلة المسلمين، بالإضافة لما كانت توفره قافلة الحج المصرية سنويًّا لهؤلاء السكان من مصادر رزق ثابتة في مقابل الخدمات التي يقدمونها لهم أثناء موسم الحج، غير أن أمير الحج كان يأخذ مبلغًا سنويًّا من الخزانة المصرية لإعطاء الراتب السنوي لأمير مكة، ونفقات أخرى لمهام كان يكلف بها. خصصت مصر ثلاثة أبواب يعم من خلالها الخير على الحجاز وهي المعونات المالية وقد تعددت أسباب المعونات المالية للحجازيين ففي عام 364ه/ 974م حصلت الحجاز على 400 ألف درهم وكان هذا المبلغ عبارة عن صلات وفد الحجاز من الأشراف في عهد المعز لدين الله الفاطمي. وفي عام 369ه/ 979م حصلت أيضًا على 100 ألف دينار صلات الأشراف وطيب وشمع، واستمرت الصلات ففي عام 382ه/ 992م ذهب للحجاز صلات للأشراف وكسوة للكعبة 300 ألف دينار، وصلات أخرى للأشراف وكسوة للكعبة في عام 383ه/ 993م 300000 ولعل هذه كانت آخر الصلات إذ تغيرت دوافع المعونات المالية. ففي عام 402ه/ 1011م أعطي الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله 50 ألف دينار مساعدة لأمير الحجاز أبي الطيب ابن عم أبي الفتوح الحسن بن جعفر الحسني كي يوطد سلطانه بالبلاد عقب خروج أبي الفتوح على الحاكم، وفي عام 415ه/ 1024م ساعد الخليفة الظاهر أشراف الحجاز بألفي دينار عندما أتوا لمصر طالبين العون، وفي عام 417ه/ 1026م تصدق الخليفة الظاهر أيضا على الحجازيين ب40 ألف دينار لشفائه من المرض، وفي عام 440ه/ 1048م حصلت الحجاز على 3000 دينار صلة لأمير مكة. وفي العصر الفاطمي الثاني كانت نفقة الحجاج 120 ألف دينار، وفي عهد الوزير الفاطمي اليازوري كانت نفقة الحجاج 200 ألف دينار، وفي عام 551ه/ 1156م أخرج الخليفة الفاطمي للحجازيين 15 ألف دينار، وعندما أبطل صلاح الدين المكوس المفروضة على الحجاج في البحر إلى مكة عن طريق عيذاب عوض أمير مكة سنويا بألفي دينار بالإضافة للغلال، و3 آلاف دينار في عام 611ه/ 1214م، عندما حج الملك المسعود بن الملك الكامل نثر على الناس ألف دينار، وأعطى أمير مكة ألف دينار وقماشا بألف دينار. المعونات التجارية لم تقتصر المساعدات المصرية للحجاز على المعونات المادية فقط، بل هناك معونات تجارة مثل القمح والشعير والدقيق والزيت والمحراب من ذهب الذي أرسل للكعبة في عام 368ه/ 978م، وكان سنويا تحمل لمكة الكثير من المساعدات، فمثلا تحمل الجمال من عيذاب لأمير مكة في السفن، ومرتان في السنة تحمل أيضًا الخيول والخلع على الأمير ذاته، وفي عام 516ه/ 1122م حمل للحجاز 8 آلاف و940 أردبًا من الغلال بأنواعها، وعام 550ه/ 1155م 100 أردب من القمح، وفي عام 567ه/ 1171م جلبتان مشحونتان بالغلال، وفي عام 572ه/ 1176م 8000 أردب وتقرر أن يكون سنويًّا، وكان يبعث لهم أيضًا في كل عام 72 قنطارًا من الزيت لإضاءة قناديل المسجد النبوي، و160 شمعة ما بين صغيرة وكبيرة، و100 مثقال من الند، وألف أردب قمح لأمير مكة. الوقف وقف الفاطميون ثم الأيوبيون الكثير من الأوقاف لأجل الحجاز ومنها وقف الوزير الفاطمي طلائع بن رزيك بركة الحبش، وبلقيس على أشراف الحجاز بمكةوالمدينة، واستمر هذا الوقف طوال العصرين الفاطمي والأيوبي، ووقف صلاح الدين الأيوبي ناحية نقادة من عمل قوص، وقبالة بالصعيد، وثلث ناحية سندبيس بالقليوبية على أربعة وعشرين خادمًا لخدمة الضريح الشريف، وضمن ذلك كتابا ثابتا تاريخه 18 ربيع الآخر عام 569ه، كما وقف متحصلات مدينة بلبيس لفك أسرى المدينةالمنورة الذين أسرهم الصليبيون عام 564ه، كما أن كسوة الكعبة وقاضي مكة عز الدين أبو المعالي الشيباني كان لهم وقفا بمصر.