حالة من التباين والرفض عكسها الإعلان المشترك بين الكنيسة والمقر البابوي في أمريكا وإبراشية نيويورك ونيو إنجلاند، بدعوة رجال الكنيسة إلى حشد أقباط المهجر؛ لاستقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته للولايات المتحدةالأمريكية قبل إلقاء كلمة مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في افتتاح دورتها ال 71، وصفها بعض النشطاء ب«تدخل الدين في السياسة». خطاب استفزازي الخطاب الكنسي الموجه لجموع أقباط المهجر استفز كثير من الشخصيات السياسية الوطنية من المسلمين والأقباط على حد سواء، بدرجة دفعتهم للتبرؤ من أفعال وتصرفات البابا تواضروس الثاني والمطارنة والقساوسة، واصفين الأمر ب"تسييس" الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث دعا الدكتور علاء الأسواني، الناشط السياسي، لاستنكار الخطاب، مؤكدًا أن كرامة مصر تتمثل فقط في كرامة مواطنيها. وفي كلمته أمام جموع الأقباط بعد القداس في مدينة نيوجيرسي أول أمس، أعلن القمص تادرس يعقوب ملطي، كاهن كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس سبورتنج الذي يخدم حاليًا في أمريكا، رفضه الشديد لدعوات الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والإنجيلية بدعم السيسي في أمريكا، قائلا: "في هذا اليوم نحتفل بعيد الصليب فقط، لا خلط الدين بالسياسة". دعوات الكنيسة الأرثوذكسية جموع أقباط المهجر للتظاهر أمام مقر الأممالمتحدة لدعم الرئيس خلال جولته الحالية لأمريكا دفعت عشرات الشخصيات السياسية والحزبية القبطية إلى توجيه رسالة مفتوحة غاضبة للنظام والكنائس المصرية ومنظمات المجتمع المدني جاء فيها: "منذ خطاب 3 يوليو 2013 والنظام الجديد يستحسن الزج بالكنائس المصرية في المعادلة السياسية كممثلين -وحيدين- عن عموم المواطنين المسيحيين، وتجلى ذلك في تشكيل لجنة الخمسين لتعديل دستور 2012، حيث ظهرت الكنائس الثلاثة كممثلين عن عموم مسيحيي مصر، ونتج دستورا يضم موادً تعزز من سطوة المؤسسات الدينية على المواطنين خاصة المسيحيين، من خلال المادة الثالثة، وفي أحد أهم الملفات الشائكة وهو الأحوال الشخصية، الذي أثار جدلا واسعا في العقدين الأخيرين على الأقل. دعوات للتبرؤ من حشد الكنيسة وأضاف خطاب النشطاء: "لا يصح أن نقبل أن تقوم الكنيسة سواء بناء على عمل طوعي منها أو بطلب من النظام أن تتعامل مع المواطنين المصريين المسيحيين بمنطق الشحن والتعبئة، ونؤكد على إيماننا العميق بحرية الرأي والتعبير للجميع في إطار سياسي مدني غير موجه من قبل مؤسسات دينية، ونشدد على رفضنا أن تتصدر الكنائس المصرية مشهد الحشد والتعبئة لمظاهرات سواء داعمة أو مناهضة للرئيس، ما يمثل خروجًا عن القواعد الديمقراطية وإقحام للدين في السياسة". ورغم العلاقة الدافئة بين النظام الحالي والكنائس المصرية، ظل بسطاء المواطنين المسيحيين، خاصة في القرى والنجوع ومحافظات الجنوب، يعانون من العنف الطائفي والتمييز، ولم تختلف سياسات النظام في التعامل مع أحداث العنف الطائفي المختلفة التي تمس مواطنين مسيحيين، عن سابقيه، ولم تختلف نتائجها ومردودها عليهم، فظلت منازل ومتاجر المواطنين المسيحيين عرضة لهجمات المتطرفين، وظلت أزمات بناء الكنائس حاضرة وبقوة، كما استمرت سياسات إفلات مرتكبي تلك الجرائم من العقاب واللجوء إلى جلسات الصلح العرفية بدلا من إعمال القانون. وانعكست العلاقة بين النظام الحالي والكنائس على مشروع قانون بناء وترميم الكنائس؛ فتم قصر جولات مناقشة مشروع القانون على ممثلي الكنائس والحكومة، ولم يتم طرح القانون لحوار مجتمعي، بل سعى النظام لتمرير القانون عبر البرلمان، دون الاكتراث لكثير من التحفظات من قبل الرأي العام، الأمر الذي نتج عنه تقنينا للسياسات البائدة التي عانى منها المواطنون المسيحيون في مصر. أسعد: أخرجوا الكنيسة من صراعات السياسة "أخرجوا الكنيسة من السياسة، أخرجوا الكنيسة من صراعاتكم السياسية".. دعوات للمفكر القبطي جمال أسعد، الذي لفت إلى خطورة الزج بالكنيسة في الصراعات السياسية والاستقطاب، قائلًا: "الكنيسة هتخسر كتير جدا بسبب ذلك.. في فرق بين الدور المجتمعي ولعب السياسة". وحذر أسعد من خطورة استمرار الزج بالمؤسسات الدينية بشكل عام، والكنائس بشكل خاص، في المعادلة السياسية، وسط مجتمع يعاني من أزمة طائفية بالأساس وتُحمل النظام والكنائس تبعات ذلك على بسطاء المواطنين المسيحيين الأقباط، ولا يخفى على أحد ما يعانيه المواطنين المسيحيين من أزمات جراء دخول الكنائس كطرف بالمعادلة السياسية، حتى لا يتحمل المواطنون المسيحيون خاصة في الصعيد تبعات المواقف السياسية التي يتخذها قيادات الكنيسة، مناشدة الكنائس المصرية بضرورة الابتعاد عن السياسية والاكتفاء بالدور الروحي والديني المنوط بها. أقباط المهجر يقاطعون وأوضح الدكتور وجدي ثابت غبريال، أستاذ القانون الدستورى بكلية الحقوق و العلوم السياسية وأحد أقباط المهجر، أن هناك فرقا كبيرا بين دعم الوطن والدعوة لخروج الأقباط بالمئات للتصفيق للرئيس خلال حدث عادي ومكرر يحدث كل عام في ذات المكان بالجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء افتتاح دورتها السنوية ويرتاده على الأقل نحو 200 من رؤساء الدول والحكومات فى الوقت ذاته، مضيفا: "هذا دليل على المنطق الطائفي الفاسد في التفكير، ومؤشر واضح على الفساد العالق بالذهن، الانحراف في الضمير والإيمان الذي من مكوناته الأولى الشهادة للحق، بحسب تعبيره.