تغيرات سريعة، اتفاقات تنعقد وأخرى تنهار وثالثة تترنح، مناوشات ومشاورات ومشادات كلامية، ذلك مجمل الأحداث في الساحة السورية، فقد أشعلت أمريكا أزمة جديدة مع روسياوسوريا بغارتها المفاجئة على دير الزور، ليبدأ مسلسل تبادل الاتهامات في جلسة عاصفة شهدها مجلس الأمن الدولي، حيث تبادلت كل من روسياوأمريكا الاتهامات داخل وخارج قاعة المشاورات بخصوص الهدنة السورية والغارة الأمريكية على دير الزور، الأمر الذي يوحي بتعقيد الأمور على الساحة السورية خلال الفترة المقبلة. قصفت طائرات أمريكية تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، مساء أمس السبت، موقعًا للجيش السوري في جبل الثردة بدير الزور، حيث اخترقت 4 مقاتلات أمريكية، اثنتان من طراز إف 16، وأخريان من طراز إيه 10، الأجواء السورية من جهة الحدود العراقية، وقصفت موقعًا للجيش السوري في جبل ثردة بريف دير الزور الجنوبي الشرقي، ومن هنا بدأت الأزمة والخلافات تشتعل من جديد بين واشنطنوروسيا، حيث قالت وزارة الدفاع الروسية إن القصف تسبب فيي ارتقاء عدد من الشهداء ووقوع عدد من الجرحى، موضحة أن الهجوم مكن إرهابيي تنظيم داعش من السيطرة على جبل ثردة في محيط مطار دير الزور العسكري، متهمة واشنطن بمساندة داعش في معركة ضد الجيش السوري المدعوم من القوات الروسية، حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا: إذا كانت لدينا في وقت سابق شكوك بأنهم يتسترون على جبهة النصرة، فالآن وبعد هجمات اليوم على الجيش السوري نصل إلى استنتاج مرعب، البيت الأبيض يدافع عن تنظيم داعش. في الوقت نفسه أعلن الجيش الروسي، أمس السبت، أن الوضع في سوريا يسوء، مؤكدًا أن الفصائل المقاتلة نفذت أكثر من 50 هجومًا على القوات الحكومية السورية والمدنيين خلال 24 ساعة، وقال مسؤول مركز تنسيق العمليات في سوريا الجنرال، فلاديمير سافتشنكو، إنه إذا لم يتخذ الجانب الأمريكي الإجراءات الضرورية لتنفيذ التزاماته، فإن الولاياتالمتحدة ستتحمل المسؤولية الكاملة عن انهيار وقف إطلاق النار. من جانبها قالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية إن طائرات التحالف الأمريكي قصفت أحد المواقع العسكرية في محيط مطار دير الزور؛ ما مهد بشكل واضح لهجوم إرهابيي داعش على الموقع والسيطرة عليه، مؤكدة أن هذا العمل اعتداء خطير وسافر ضد الجمهورية العربية السورية وجيشها ودليل قاطع على دعم واشنطن وحلفائها لتنظيم داعش الإرهابي، ويفضح زيف ادعاءاتهم بمحاربة الإرهاب. وسط هذه الضجة التي أحدثتها الغارات الأمريكية على دير الزور، حاولت واشنطن الدفاع عن نفسها، حيث أعلن التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، أمس السبت، أنه قصف ما كان يعتقد أنه موقع للإرهابيين في سوريا، لكنه أنهى العملية فور تلقيه تحذيرًا من موسكو بأنه ربما يكون تابعًا للجيش السوري، وقال بيان صادر عن قيادة القوات الأمريكية في الشرق الأوسط إن سوريا هي مسرح عمليات معقد مع تواجد قوات عسكرية وميليشيات مختلفة تعمل في محيط قريب، لكن التحالف لم يستهدف عمدًا وحدة عسكرية سورية. في ذات الإطار اندلعت مناوشات كلامية بين ممثلي كلتا الدولتين في الأممالمتحدة، حيث وصفت ممثلة الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة، سامانتا باور، دعوة روسيا مجلس الأمن للانعقاد بالعمل المنافق، وقالت باور للصحفيين: يجب أن تخجل المتحدثة باسم الخارجية الروسية من تصريحها بأن الولاياتالمتحدة تدافع عن مقاتلي داعش، وأضافت هذه المجموعة قطعت رؤوس مواطنين أمريكيين، ونحن نرأس تحالفًا من 67 بلدًا للقضاء على هذه المجموعة، وفقد داعش 40% من أراضيه. هذا ليس لعبة، ولذلك يجب أن يخجل المتحدث الذي عبّر عن اعتقاد أننا نتعاون مع داعش. من جانبه أكد ممثل روسيا في الأممالمتحدة، فيتالي تشوركين، أن تصرفات الممثلة الأمريكية غريبة، إذ قال إنه حين اجتمعنا للتشاور، ورحت أعبر عن قلقي لأعضاء المجلس، تبين أنها خرجت إلى الصحافة، ودون أن تسمعني، راحت تنتقد وتشتم روسيا، وانتقدتنا حتى على دعوتنا للاجتماع، وأضاف تشوركين أن باور دخلت قاعة المشاورات بعد أن أنهى مداخلته، وأعلنت أنها غير معنية بالاستماع إليه، وأن هذا مجرد خدعة. وتابع تشوركين: في هذه الظروف لم أعد أنا معنيًّا بالاستماع لاتهاماتها لنا بكل الخطايا، فخرجت، لكن وفدنا بقي". وأعلن ممثل روسيا لدى الأممالمتحدة، فيتالي تشوركين، عقب انتهاء الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن، أن موسكو تنتظر من واشنطن أن تبرهن لروسيا وشركائها الآخرين على التزامها بحل سياسي في سوريا بعد أحداث دير الزور، وردًّا على سؤال حول إمكانية التحدث عن نهاية الاتفاق بين روسياوالولاياتالمتحدة بشأن الهدنة في سوريا، قال تشوركين: لا، هنا علامة استفهام كبيرة. دخلت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على خط الأزمة بين ممثلي روسياوأمريكا في الأممالمتحدة، حيث دعت "زاخاروفا" الممثلة الأمريكية "سامانتا باور" لزيارة سوريا؛ لترى بعينها كيف يعيش الناس في ظروف الحرب، ولتعرف معنى الخجل، وكتبت زاخاروفا على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: عزيزتي سامانتا باور، لمعرفة معنى كلمة الخجل، أنصحك بالذهاب إلى سوريا والالتقاء مع الناس هناك، ليس مع النصرة، ولا مع المعارضة المعتدلة التي يقلق واشنطن إيصال المساعدات الإنسانية إليها، ولا مع مناضلي المستقبل النير المقيمين في الغرب، بل مع الناس الذين يعيشون هناك رغم ست سنوات من الاختبار الدموي الذي يجرب في بلدهم بمشاركة نشطة من واشنطن. وأضافت زاخاروفا أنها تلتقي بالسوريين كثيرًا، بممثلي المعارضة من المدن السورية، وبأطفال يتامى يأتون إلى روسيا للراحة أو العلاج، وبالصحفيين، وتعهدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية بتحمل نفقات سفر باور إلى سوريا كاملة، وقالت: لا تخافي، معي لن يلمسك أحد، إلا إذا ضرب طيرانكم مرة أخرى بالخطأ، ستجدين فيما بعد ما يمكن تذكره، وتعرفين معنى كلمة خجل.