رغم التحذيرات والرفض السياسي والشعبي لقرض صندوق النقد الدولي، مازال الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته يسيرون باتجاه تنفيذ الاتفاق على قرض بقيمة 12 مليار دولار من الصندوق، دون النظر إلي تجارب الدول الأخرى مع خطورة الاقتراض من المنظمة الدولية. واجهت رومانيا أزمة اقتصادية كبيرة عام 2009، فلجأت إلي تلقي المساعدات والقروض من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، واقترضت 20 مليار يورو "28 مليار دولار"، وتبنت الحكومة خطة تقشفية لخفض عجز الموازنة الذي وصل إلي 7.2% من الناتج المحلي لإيصاله إلي 6.8% في 2010 ثم 4.4% في 2011، وشملت الخطة التقشفية الاستغناء عن 70 ألف موظف حكومي وخفض الأجور. وضعت رومانيا نظاما ضريبيا بالاتفاق مع صندوق النقد أثر بشكل مباشر على الطبقات الفقيرة في البلد، وعندما حاولت رومانيا تعديل النظام الضريبي للتخفيف من معاناة الطبقات الأشد فقرا بخفض ضريبة القيمة المضافة علي السلع الغذائية الرئيسية من 24% إلي 5% وإلغاء الضرائب المفروضة علي رواتب التقاعد الأقل دخلا، اعترض صندوق النقد بحجة أن التعديل يخل بالخطة التقشفية للبلاد ويضاعف عجز الموازنة. قال عبد العزيز الحسيني، أمين تنظيم حزب الكرامة: «لا أحد يعلم إلي أين تتجه الدولة بعد قرض صندوق النقد الدولي، لكن التجارب السابقة، التي لم ينظر إليها المسؤولون، تؤكد أن مشاكل كل الدول التي اقترضت من صندوق النقد لم تحل»، مضيفا أن تجربة إفلاس المكسيك قديما، وأزمة اليونان مؤخرا، رغم دعم الاتحاد الأوروبي، تؤكد أن سكة صندوق النقد والقروض خطر، ولنا في التاريخ عبره، فالديون قديما أدت في النهاية، إلى احتلال مصر. وأوضح عادل المليجي، أمين تنظيم حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن السبب في تجاهل النظر إلى تجارب الدول الأخرى مع صندوق النقد الدولي والأثار التي لحقت بشعوب هذه الدول يعود في الأساس لقناعة الرئيس وحكومته بأن مساره هو الصحيح ولا بديل عنه، والدليل ما قاله الرئيس عن سبب الأزمة الراهنة وإرجاعها للحروب التي خاضتها مصر في الحقبة الناصرية دفاعا عن تنمية الوطن ونهضته. وأضاف المليجي ل«البديل»: «إذا نظرنا بحياد وموضوعية لهذه الفترة التي مضى عليها أكثر من أربعين عاما، سنجد أن الحروب لم تؤثر على التنمية ومعدلاتها المرتفعة بالمقارنة بما تلاها من سنوات، لكن ما يدعو الرئيس للي عنق الحقيقة وترويج الأكاذيب وتزييف التاريخ والوقائع، في الحقيقة انحيازه الكامل لمؤسسة الفساد التي لا تهتم إلا بجني المزيد من الأرباح على حساب الوطن والمواطن، الأمر الذي يتوافق مع مصالح الإمبريالية العالمية بإفراغ مصر تحديدا من مقومات النهوض والتقدم إلى مصاف الدول المتقدمة».