احتفل الآلاف من أبناء الطرق الصوفية ومحبي آل البيت من مختلف محافظات الصعيد، بالليلة الختامية لمولد الشيخ "العارف بالله" بمسجد وميدان العارف بمدينة سوهاج حتى فجر اليوم الثلاثاء. أقامت كل من الطرق الصوفية سرادقا خاصا بها في ميدان العارف لاستقبال أتباعها وضيوفها وإحياء الليلة الختامية بأحد المنشدين الدينين، كما انتشر حول المسجد من يُعرفون ب"الخدمة" أو "المريدين" وهم الذين يقدمون الأطعمة والمشروبات المختلفة للزوار دون مقابل حبا لآل البيت، وقبل منتصف الليل تفاعل الحاضرون مع الإنشاد الديني للشيخ ياسين التهامي، الذي أنشد أبيات الشعر الصوفي، وسط تشديدات وإجراءات أمنية مكثفة. ما إن يأتي ذكر مسجد العارف بالله حتى ترتفع الروح الإيمانية لدى كل مسلم أو غير مسلم من أبناء محافظة سوهاج، فالمسجد معروف منذ القدم بأنه أحد الرموز الدينية والأثرية التي يقصدها القاصي والداني، كما أن المسجد به ضريح من أشهر وأكبر الأضرحة التي يرجع تاريخها لمئات السنين. وتقام في مسجد العارف بالله منذ نشأته حتى اليوم شعائر جميع المناسبات الدينية السنوية كليلة القدر، وليلة النصف من شعبان، وليلة الإسراء والمعراج، وغير ذلك من المناسبات. وقال الشيخ عصام أبو الطيب رضا، إمام وخطيب المسجد، إن الشيخ العارف بالله صاحب المسجد والضريح ولد في 4 من ذي القعدة عام 724 هجرية بدولة المغرب الشقيق، ويسمى الشريف العارف بالله ابن الشريف إسماعيل ابن الشريف علي السميدع ابن السيد عبد المتعال اليماني، ويرجع نسبه إلي الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، ابن عم رسول الله عليه الصلاة السلام، وقد درس الفقه والحديث والسنة وجاء مصر منذ القدم وحكم مديرية جرجا حينها. وأضاف أن مسجد العارف بالله أنشئ في القرن الثامن الهجري، وأعيد بناؤه مرتين إحداهما عام 1968، والثانية عام 1993، ويمتاز بمساحته الكبيرة التي تصل إلي حوالي 7 آلاف متر، وبوجود مصلى للسيدات، ومكتبة كبيرة تضم العديد من أمهات الكتب النادرة ودار مناسبات، وقاعة للاجتماعات، ومكتبا خاصا بإمام المسجد، وأشار إلى أن ضريح العارف بالله يقع داخل المسجد وله بابان أحدهما يقع في صحن المسجد والآخر خارجي تدخل منه السيدات. من جانبه قال الشيخ عبد الرحمن اللاوي، مدير إدارة المساجد بمديرية أوقاف سوهاج إن مسجد العارف بالله يمتاز بروحانياته العالية طوال العام وخاصة في شهر رمضان، ويقصده المصلون من شتى أنحاء المحافظة لاسيما يوم الجمعة، وإمامه خطيبه دائما من خريجي الأزهر ومن أصحاب الفكر الوسطي. أهالي مركز المنشاة والمراكز المحيطة يحرصون على زيارة مسجد العارف بالله والصلاة به وقراءة الفاتحة لصاحب المقام ومعايشة حالة الصفاء الروحي التي تضفيها أجواء المولد. من جانبها، تقول أم إبراهيم، من مركز المنشاة: نحرص أنا وزوجي على زيارة المسجد وقراءة الفاتحة لصاحب المقام، وتساعدنا الأجواء الإيمانية التي تنتشر في المكان في التغلب على مشاكل الحياة أيا كان نوعها، وتضيف: أئمة المسجد وشيوخه تحيطهم البركة فنحكي لهم ما في قلوبنا ونستشيرهم في مشاكلنا وببركة العارف تنقضي حوائجنا. وتقول أم ياسمين، من مركز المنشاة، لدينا مشاكل عديدة وما إن يهل موعد الحضرة "المولد" حتى نأتي أنا وزوجي لزيارة الضريح، وبعدها نتناول وجبة عشاء طيبة "لحم وأرز" حيث يقوم بعض المريدين بتوزيع أطعمة وعصائر على المتواجدين بالمسجد وبمحيطه، ثم نعود بعدها لمنزلنا ونفوسنا صافية ولا يعكرها شيء، وذلك ببركة شيخنا العارف بالله. ويؤكد أحمد موسى، صاحب مطعم بالقرب من ميدان ومسجد العارف، أن "العارف بالله" يعتبر المصدر الأول والأساسي لزبائنهم طوال العام، خاصة في فترة المولد والتي تبدأ من يوم 21 شوال حتى يوم 5 ذو القعدة.