رشح الحزب الديمقراطي رسميا، هيلاري كلينتون للانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، لتدخل السيدة الأولي السابقة التاريخ السياسي الأمريكي من أوسع أبوابه كأول امرأة في تاريخ الولاياتالمتحدةالامريكية يرشحها حزب بصورة رسمية لانتخابات الرئاسة في نوفمبر المقبل، مبشرة ببدء "مرحلة تاريخية" للنساء في أمريكا. كلينتون كانت لها نفوذ واسع إبان حكم الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون؛ كونها استطاعت أن تكون الزوجة الأكثر تمكينا فى التاريخ الأمريكي، ومثلت اختياراتها وقراراتها عاملا حاسما في اختيار مسؤولي المناصب العليا خلال فترة تولي زوجها رئاسة الولاياتالمتحدة، ولها سوابق عدة في السياسة الأمريكية لا يعلمها الكثيرون انعكست سلبيتها على الخارجية الأمريكية في أوقات كثيرة. ومنذ اليوم الأول لظهور هيلارى ديان رودهام كلينتون، المرشحة الرئاسية عن الحزب الديمقراطى وزيرة الخارجية السابقة، على ساحة السياسة الأمريكية، صاحبها الجدل خلال مسيرتها، بداية من الانتقادات العنيفة التى وجهها معارضو زوجها لها كونها تتدخل فى قراراته، مرورا بمواقفها المثيرة للجدل خلال توليها وزارة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما. التدخل الأمريكي في العراقوأفغانستان أول السوابق لكلينتون دعمها الواضح لتدخلات الجيش الأمريكي في الخارج كافغانستان والعراق بحجة دعم الاستقرار ومكافحة الإرهاب في هذه الدول، ولها تاريخ من التصريحات والقرارات المؤيده لمثل هذا التدخل الذي لم ينتج عنه سوى التدمير والخراب أكثر من الماضي، وتوسيع رقعة المتطرفين ليهدد وجود هذه الدول في المستقبل. في عام 2001، دعمت كلينتون بشدة الهجوم الأمريكي على أفغانستان، بذريعة "أنها فرصة لمكافحة الإرهاب وتحسين حياة النساء الأفغانيات اللاتي عانين من حكومة طالبان"، ومرت السنوات وتأكد أن حديث كلينتون عن دعم الاستقرار في أفغانستان ما هو إلا ضربًا من الخيال؛ حيث انتشرت الجماعات المسلحة، الأمر الذي صعب مهمة القوات الأفغانية في تحقيق السيطرة الكاملة على البلاد. وفي العراق، لم يختلف موقف كلينتون كثيرًا؛ حيث صوتت لصالح قرار الغزو الأمريكي للعراق في أكتوبر 2002، ما سمح للرئيس جورج دبليو بوش باستخدام القوة العسكرية ضد البلد العربي، وعندما بدأت الحرب، ذهبت كلينتون إلى العراقوأفغانستان لزيارة فرق الجنود الأمريكية المتمركزة هناك لدعم بقائهما. وفي تصريح أثار الجدل حينها وأثبت أن رؤيتها المستقبلية فاشلة، أكدت خلال زيارة لها إلى العراق في فبراير 2005 أن التمرد المسلح قد فشل في تعطيل الحياة بالعراق مستدله بإقامة الانتخابات التي عقدت في ذلك الوقت، مشيرة إلى أن أجزاء من البلاد تسير على ما يرام، لكن بعد سنوات من التصريح وتحديدًا في وقتنا المعاصر، تشهد العراق تفتتًا وانقسامًا كبيرا يدعمه تمدد التنظيمات الإرهابية. ورغم أن غزو العراق أثبت فشله واستنفاد قوات الجيش الأساسية والاحتياطية الأمريكية، شاركت هيلاري في تقديم تشريع جديد لزيادة قوات الجيش الأمريكي الأساسية بنسبة ثمانين ألف جندي بحجة قلة الضغط، وفي أواخر 2005، قالت كلينتون إن الانسحاب الفوري الأمريكي من العراق قد يكون غلطة، وتسبب موقفها في نوبة إحباط بين الديمقراطيين الذي فضلوا الانسحاب السريع من العراق. وفي شهر أبريل الماضي، تنصلت كلينتون من كل هذا، وأعربت عن أسفها للحرب في العراق؛ لدواع انتخابية، في محاولة منها لإرضاء الناخب الأمريكي الذي عاني من هذه الحرب، قائلة: "حرب العراق أكبر أسف سياسي"، واعترفت بأنها ارتكبت خطأ عندما صوتت لصالح هذه الحرب خلال عضويتها بمجلس الشيوخ الأمريكي عام 2002. اتهامات بتسريب رسائل الخارجية الأمريكية تلقت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، هجمة شرسة بعد تورطها في استخدام بريد إلكتروني "E-mail" غير رسمي في مخاطبات متعلقة بعملها في الخارجية، الأمر الذي يعتبره كثيرون خطر يهدد الأمن القومي للبلاد، الأمر الذي تبرأت منه خلال الأيام القليلة الماضية، لكن سيظل مرتبطًا باسمها طول مشاركتها في الحياة السياسية. وحقق القضاء الأمريكي في الآلاف من الرسائل الخاصة بالوضع الأمني في ليبيا بين 2011 و2012، خصوصًا الهجوم الذي استهدف القنصلية الأمريكية في بنغازي في عام 2012، وأودى بحياة السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة عناصر أمن أمريكيين، حيث اتهمت كلينتون بالتسبب في الحادث، وسبب الهجوم الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام الأمريكية «فضيحة» بنغازي خلافًا بين الحكومة الديموقراطية والكونجرس الجمهوري، وأدى إلى جلسات استماع طويلة وتحقيقات وتقارير. فساد مؤسسة كلينتون الخيرية وتعرضت حملة هيلاري كلينتون، لسلسلة من الطعنات جراء نشر أكبر الصحف ووسائل الإعلام في الولاياتالمتحدة عددا من التقارير تؤكد فساد مؤسسة كلينتون الخيرية، حيث كشفت هذه الصحف تفاصيل خطيرة فيما يخص الشؤون المالية لهذه المؤسسة، وفي وقت واحد تقريبًا، نشرت صحيفة نيويورك تايمز، وصحيفة وول ستريت جورنال، وموقع ذا إنترسبت الإخباري، وموقع شبكة فوكس نيوز، تقارير مطولة، تتضمن تفاصيل عن ارتباط التبرعات غير المعلنة لمؤسسة كلينتون الخيرية بصفقات لبيع اليورانيوم المنتج في الولاياتالمتحدة لوكالة حكومية روسية، وبممارسة المملكة العربية السعودية والمغرب الضغوط للتأثير على السياسة الأمريكية، وبالإضافة لكل هذا، ربطت واشنطن بوست بين ثروة كلينتون الشخصية وشبكة المانحين للمؤسسة، وكشفت وكالة رويترز للأنباء عن أن المؤسسة قدمت تقارير مغلوطة عن عشرات الملايين من الدولارات المقدمة لها من قبل حكومات أجنبية. ورغم أن هذه المؤسسة تؤكد على موقعها الرسمي أنها تهدف إلى تنمية المجتمع، ومساعدة الأفراد على عيش حياة كريمة، وتهدف إلى مساعدة النساء والأطفال في تحسين حياتهم، إلا أنها أثارت جدلًا شديدًا في عام 2016 مع انحصار التوقعات بتواجد هيلاري في الرئاسة الأمريكية للعام المقبل، حيث واجهت المؤسسة يوميا اتهامات بواقعة فساد جديدة، تؤكد تورطها مع العديد من الدول العربية والأجنبية في صفقات غير أخلاقية ولا ترتبط بنشاط المؤسسة. ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في أبريل عام 2015 تفاصيل عن صفقة أكدت أنها بين مؤسسة كلينتون الخيرية وروسيا حيث استغلت وزيرة الخارجية السابقة منصبها بالوزارة ووافقت على البيع لوكالة روساتوم المملوكة للدولة الروسية حصة 51٪ من شركة "يورانيوم ون"، وهي شركة تعدين كندية تمتلك ضمن ما تمتلكه منجمًا هائلًا لليورانيوم في منطقة وايومنغ، وذكرت الصحيفة أنه، ومع امتلاك للموقع وايومنغ، تستطيع شركة "يورانيوم ون" أن تنتج ما يصل إلى نصف إنتاج الولاياتالمتحدة من اليورانيوم ، وكان بعض النواب الفيدراليين حثوا الحكومة الأمريكية لمنع عملية البيع في ذلك الوقت. وحصلت روسيا أيضا في نفس الصفقة على مناجم في كازاخستان، مما منحها السيطرة على خمس الطاقة الإنتاجية لليورانيوم فى الولاياتالمتحدة، ومن شروط الاتفاق -وفقا للصحيفة الأمريكية- أنه كان يجب الموافقة عليه من قبل لجنة مؤلفة من ممثلين في عدد من الجهات الحكومية بالولاياتالمتحدة، ومن بين هذه الوكالات الحكومية التي وقعت في النهاية على الاتفاق كانت وزارة الخارجية بقيادة هيلاري كلينتون وقتها. وتظهر سجلات كندية أنه خلال مفاوضات الصفقة لسيطرة الروس على شركة "يورانيوم وان" منذ عام 2009 وحتى انتهائها عام 2013، كانت هناك 3 حوالات مالية في تلك الفترة، ذهبت إلى مؤسسة كلينتون بقيمة 2.35 مليون دولار، وهذه التبرعات لم تكشف عنها المؤسسة رغم اتفاق عقدته كلينتون مع البيت الأبيض بكشف جميع الجهات المانحة، وفضلا عن هذا، فإن أشخاص آخرين على صلة بالشركة قدموا تبرعات أيضا. مواقف متناقضة تجاه ثورات الربيع العربي وأظهرت ثورات الربيع العربي التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في عام 2011 مدى التناقض الواسع في السياسة الخارجية الأمريكية التي كانت تترأسها هيلاري كلينتون آنذاك، حيث تسببت الثورة المصرية والتونسية في إحراج كلينتون أكثر من مرة وبدت كأنها تدعم الطرفين (نظام مبارك- وثوار 25 يناير)، أو تنتظر توضيح الرؤية لتحدد موقفها فبعد ساعات من خروج المتظاهرين في ميادين مصر معبرين عن غضبهم من سياسات نظام حسني مبارك كان رد فعل كلينتون أن حكومة مبارك مستقرة، لكن تغير بعض الشيء من تقييمها المبكر بعد أيام لتطالب بضرورة وجود "فترة انتقالية منظمة لتشكيل حكومة تشاركية ديقراطية"، وأيضًا إدانتها استخدام العنف ضد المتظاهرين. تدخل الناتو في ليبيا خلال الاجتماع الذي عقد في لندن في مارس 2011 ومثل غطاءً لتدخل الناتو عسكريًا في ليبيا بعد اندلاع ثورة فبراير على العقيد الليبي معمر القذافي، تحول موقف كلينتون من المطالبة بتنحي القذافي من على رأس سلطة ليبيا وتقديم حكومته مزيدا من الإصلاحات، للتدخل العسكري، الأمر الذي مهد إلى اتفاق مع سفيرة الأممالمتحدة سوزان رايس وعضو مجلس الأمن القومي الأمريكي سامانثا باور، كان بمثابة نقطة تحول في التغلب على معارضة الإدارة الداخلية من قبل وزير الدفاع جيتس ومستشار الأمن توم دنيلون اللذان كان يرفضوا التدخل العسكري في ليبيا. كما أدى تحول موقف هيلاري كلنيتون، وزير الخارجية الأمريكية حينذاك، إلى موافقة العرب والأممالمتحدة على تدخل الناتو عسكريًا في ليبيا في عام 2011، وإعطاء الجامعة العربية غطاءً لهذا العمل الذي وصفه كثيرون في الوقت بأنه أدى إلى دمار ليبيا فعليًا وبدلًا من أن يقضي على الإرهاب أعطي التنظيمات المتطرفة حرية الحركة أكثر في المنطقة.