تاريخ طويل وكفاح مستمر.. هكذا يمكن وصف أهل النوبة، بعد سلسلة من عمليات التهجير المستمرة بدأت مع 1898 لأجل بناء أساسات خزان أسوان، ثم عام 1902 بناء خزان أسوان مرورًا 1912 بسبب تعلية المياه في الخزان و1934؛ بسبب التعلية الآنية للخزان، وأخيرًا في عام 1963 لأجل بناء السد العالي، وهو أكبر تهجير حدث في تاريخ مصر، حيث تم تهجير أكثر من 100 ألف من أبناء النوبة من أراضيهم. للنوبة حضارة عريقة وتضحية كبيرة دفعوها من أجل الوطن، مع وعود مستمرة لحكومات وأنظمة متعاقبة بحق العودة الذي لم يتحقق بعد، وفي اليوم العالمي للنوبة 7 يوليو، مازالت الجراح مفتوحة، تنتظر من يضمدها ويعيد الحقوق لأصحابها. قال هاني بهلول، المنسق العام للاتحاد النوبي بأسوان: بعد أكثر من نصف قرن يشعر المواطن النوبي بعدم المواطنة وان حقوقه مهدرة، سواء في اليوم العالمي للنوبة أو كل يوم ليس للنوبيين سوى مطلب وحيد وهو حق العودة، فالجميع يفقد الأمل في مصداقية الدولة تجاه أبنائها النوبيين حيث خدعهم الإخوان بعد ثورة يناير وينخدعون مرة ثانية بعد 30 يونيو. وأضاف أن الدستور نص في مادته رقم 236 على أن تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة، ومنها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة، لكن بعد مرور عامين انتهك خلالها الدستور بأبشع صور، فلا نية للدولة لتطبيقه حتى لو ضم حقوق عادلة لجميع طوائف المجتمع، وتم تشكيل لجنة وهمية تحت شعار «لجنة أعمار النوبة» زارت النوبة واستمعت للنوبيين ومطالبهم وكتبت تقريرها ثم ألغيت وتم تجميد أعمال هذه اللجنة. وأوضح أن طموحات النوبيين في العودة أصبحت مستحيلة بعد قرار السيسي رقم 444 لسنة 2014، بشأن تحديد المناطق المتاخمة لحدود جمهورية مصر العربية والقواعد المنظمة لها، الذي يقضي باعتبار أراضي 16 قرية نوبية أراضٍ حدودية عسكرية، وهذه القرى تقع من امتداد قرية العلاقي شمالًا إلى أدندان جنوبًا، ويعتبر القرار الأرض بطول 110 كيلو مترات شرق بحيرة السد و25 غرب بحيرة السد، أرضًا عسكرية حدودية؛ وبهذا يقوض هذا القرار حق عودة النوبيين إلى موطنهم الأصلي، ويسلب 16 قرية من أصل 44 قرية إلي جانب قرى الشلال. ويضيف بهلول أنه من المدهش أن يوافق على القرار بقانون مجلس النواب، الذي كان من المفترض أن يقفوا بجوار الشعب وليس المقاعد التي يخشون فقدانها، مطالبًا رئيس الجمهورية بقرار رئاسي بإنشاء الهيئة العليا لإعادة توطين النوبيين، والرئيس وحده عليه أن يؤكد أنه رئيس لكل المصريين وأن أبناء النوبة جزء أصيل من هذا الوطن ولن يتنازلوا عن حقوقهم. من جانبه قال الشيخ أحمد إسحاق، رئيس قبيلة توماس وعافية: كل الأنظمة السياسية التي مرت على مصر منذ عهد عبد الناصر إلى الآن فهي ظالمة لحقوق النوبيين، وإن كنت أشعر بالأمل مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلَّا أن حكومته تعمل في جزيرة منعزلة عن رؤيته، ولم يطبق من مواد الدستور التي أقرت حق النوبيين في العودة خلال عشر سنوات، حرفًا إلى الآن! وأضاف أن النوبة دائمًا على استعداد للتضحية من أجل مصر، والدليل ما فعلته خلال عشرات السنوات الماضية، فالمليارات التي دخلت علي الدولة المصرية منذ بناء السد العالي إلى الآن لم يحصل النوبيون على نصيبهم منها، بل ضحى النوبي من أجل البلد، وإسعاد مصر كان على أنقاض قرى النوبيين وأحلامهم وتراثهم وحضارتهم تحت مياه السد العالي. وأكد إسحاق أهمية تطبيق الدستور وتنفيذ التنمية الاقتصادية للنوبة، كما نص عليها، وإعادة تشكيل لجنة واضحة الرؤية فيما يتعلق بإعمار النوبة بعد حق العودة، مشيرًا إلى أنه يحذر الحكومة من تعويم أزمة النوبة والاستهانة بالنوبيين؛ لأن الشباب الجديد مندفع ويستطيع أن يفعل أي شيء، نتيجة شعوره بالمرارة منذ سنوات، مطالبًا السيسي بإخماد ثورة الشباب النوبي قبل اشتعالها وإعادة حق النوبيين في العودة إلى قراهم القديمة.