أعلن بشير حسن، المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم، أن الفساد وصل إلى الوزارة، وعلى الطلبة دفع ضريبة الفساد، ولو وصل الحال لإلغاء كل الامتحانات وإعادتها من جديد ستفعل الوزارة ذلك؛ من أجل القضاء على مافيا التسريبات والغش الجماعي. تصريحات "متحدث التعليم" وصفها البعض بالمستفزة للطلبة وأولياء الأمور الذين يعانون الأمرَّين، ويعلنون حالة الطوارئ القصوى طوال سنوات الدراسة بصورة عامة، وخلال أوقات الامتحانات على وجه الخصوص، حيث تستنزف "سنترات" الدروس الخصوصية، وشراء الملازم والمذكرات جُل ما يملكون في سبيل الانتهاء من "كابوس" الثانوية العامة. الأمر الذي دفع عددًا من الطلبة وأولياء الأمور للتقدم ببلاغات عديدة ضد الدكتور الهلالي الشربيني، وزير التربية والتعليم ومتحدثه الرسمي، بشأن وقائع التسريبات وإلغاء امتحانات بعض المواد وإعادتها من جديد، كما حدث مع مادتي التربية الدينية والديناميكا وتحميل الطلبة وحدهم ضريبة فساد مسؤولي الوزارة، مما يمثل اهدارًا للوقت والمال والجهد على الطلبة وذويهم الذين يتحملون نفقات الدروس الخصوصية الباهظة، وكذا مسؤولية تقصير الوزارة. في المقابل تصاعدت الدعوات الإلكترونية من الطلبة لعدم حضور امتحان الديناميكا وكذلك باقي الامتحانات المؤجلة، بعد تسريب امتحان التربية الدينية المُعاد أمس الأربعاء على صفحات الغش الإلكترونية؛ وذلك لفضح تجاوزات وزارة التسريبات بحسب وصفهم، ونظموا الوقفات الاحتجاجية أمام مقر الوزارة أمس التي حاصرها طلبة الثانوية العامة؛ لرفض تأجيل وإعادة امتحاناتهم؛ تخوفًا من التسريب وإعداد امتحانات أخرى بديلة، والمطالبة بإقالة وزير التربية والتعليم ومحاكمته. وبعد منعهم من التظاهر أمام مقر الوزارة، توجهوا إلى شارع المبتديان ونقابة الصحفيين، ورفعوا لافتات غاضبة تطالب بإقالة الوزير، وتعبر عن مدى تعرضهم للظلم خلال العام الدراسي الحالي، حتى وصفوا أنفسهم عبر لافتة عريضة رفعوها أمس بأنهم "دفعة الظلم عام 2016". ومن أبرز الهتافات التي رددها الطلبة "أنا طالب مش إرهابي، مش هنأجل مش هنعيد.. إحنا طلبة مش عبيد، يسقط يسقط الوزير، ياللي بتسأل إحنا مين إحنا الطلبة المظلومين، مش هنسيب الحق.. فاهمين ولا لأ؟ يا وزير إحنا جينا.. انزل يلا رد علينا، يا كلية فينك فينك التنسيق بيننا وبينك، آه يا وزارة التسريبات شوفي كام حلم مات، يا اللي ساكت ساكت ليه عندك واسطة ولا إيه". فيما أرجعت الوزارة أسباب التأجيل وإعادة امتحاني الديناميكا والتربية الدينية إلى أنها تأتى فى ضوء مبدأ الشفافية، والمصارحة الذى تنتهجه وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى مع المجتمع، وحرصًا منها أيضًا على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب، على حسب قولها. وهنا نطرح تساؤلات حول مدى أحقية طلبة الثانوية العامة في رفع قضايا وتقديم بلاغات ضد وزارة التربية والتعليم، وأن يتم الاحتفاظ بإجاباتهم ودرجاتهم على أساس أن هذا حق دستوري لهم، ومن ثم عدم التزامهم بالقرار الوزاري الصادر بإعادة الامتحانات من جديد؛ لأنهم غير مسؤولين عن تقصير الوزارة في مسؤوليتها العامة. يأتى هذا بعد تسريب امتحانات الثانوية العامة أكثر من مرة في ظل نشاط صفحات "شاومينج" و"القيصر بيغشش ثانوية عامة" وغيرهما من صفحات غش الثانوية العامة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لتسريب الامتحانات، وقرارات الوزارة بإلغاء امتحانات بعض المواد المُسربة وإعادتها وتأجيل مواد أخرى، رغم تأكيد وزارة التربية والتعليم إحكام سيطرتها على كنترولات توزيع الأسئلة والأجوبة الخاصة بالثانوية العامة. "الطلبة وحدهم من يدفعون فاتورة تسريبات امتحانات الوزارة وفسادها في كل مرة".. هكذا أعلنها الخبير التربوي كمال مغيث، الذي أكد أنهم من حقهم مقاضاة الوزير بصفته ورئيس مجلس الوزراء كذلك بعد حالة الفوضى والتخبط والعشوائية الجارية التي تُدار بها منظومة التعليم في مصر خلال فترة الامتحانات وما قبلها، وتورط قيادات مسؤولة بالوزارة والمطبعة السرية في فضيحة التسريبات. وفي هذا الإطار تقدم المحامي أشرف سعيد فرحات ببلاغ للنائب العام المستشار نبيل صادق ضد وزير التربية والتعليم الدكتور الهلالي الشربيني، بصفته، بشأن تسريبات امتحانات الثانوية العامة وإعادة الامتحانات في بعض المواد ومدى تأثير ذلك القرار على الطلاب خلال الأيام المقبلة. وجاء في نص البلاغ الذى تقدم به المحامي أشرف سعيد فرحات للنائب العام الاثنين الماضي، والذي يحمل رقم 8891 لسنة 2016 عرائض النائب العام، أن التسريبات تلاعبت بكل الأسر المصرية منذ بداية امتحانات الثانوية العامة إلى الآن. واستند سعيد في بلاغه على مجموعة من الأدلةالموضوعية التي تبين أن الوزارة أخطأت فى قرارها الأخير، منها أنه رغم القبض على بعض مديري صفحات الغش، إلا أن التسريب لا يزال مستمرًّا رغم الإعلان عن القبض على القائم بعملية التسريب ومثوله أمام المحاكمة، وهو ما يعد تهديدًا للأمن القومي المصري وإهدارًا للمال العام، وضياعًا لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الطلاب. فيما يرى الدكتور جابر جاد نصار، أستاذ القانون الدستوري ورئيس جامعة القاهرة، أن من حق الوزارة إعادة الامتحانات مرة ثانية بعد التأكد من تسريبها قبل بدئها؛ وذلك إعمالًا لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة الكاملة بين الطلبة. وأكد نصار في تصريحات خاصة ل "البديل" أن هؤلاء الطلبة لا يحق لهم رفض أداء الامتحان البديل حسبما نشرت بعض الصفحات الإلكترونية، أو المطالبة بحقهم في درجات المادة التي تم إلغاؤها بسبب التسريبات؛ لأن ذلك يتنافى مع نصوص الدستور والقانون، خاصة بعد ثبوت تسريب الامتحان وتداوله بين الطلبة عقب نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي.