منذ زمن قريب، كان هناك العديد من المهن التي تميز المجتمع الصعيدي الريفي وجعلت له طابعا خاصا عن غيره، ومع تداخل الثقافات واعتماد الإنسان على الوسائل التكنولوجية الحديثة في شتى مناحي الحياة اليومية، اندثر بعضها، وترصد «البديل» تلك المهن «مبيض النحاس، الحراث، الدراس، لحام القصدير». وكانت أسر بعينها تشغل مهنة "مبيض النحاس" وتقوم بالترحال إلى القرى والإقامة فيها لمدة معينة لتبييض النحاس مقابل مبلغ مالي، وهى عبارة عن استعمالهم كير الفحم وبعض المواد المذيبة للصدأ والجنزرة في عملية "الدعك" لترجع الأواني النحاسية مثل "الهون والتشت والصنية وكفات الموازين والبراد والكنكة والأباريق والمناقد" وغيرها من الأدوات المنزلية، كما كانت تزهو وتلمع، واختفت المهنة بسبب استبدال تلك الأواني بأخرى مصنوعة من البلاستيك والألومونيوم والزجاج والمواد الخام الأخرى. ومن المهن التي اندثرت أيضا "لحام القصدير" وهم الذين كانوا يقومون بعملية لحام الأواني المنزلية من مصابيح وبوابير الجاز والجوزة، والأطباق والمناجل، ولم يعد يعمل في هذه المهنة إلا النذر القليل الذين نشأوا عليها وتوارثوها عن أجدادهم. "الحراث".. كان يقوم بحرث الأرض عن طريق المحراث الخشبي الذي يجره البقر "محراث البقر"، وكان الفلاح يقوم بري الأرض ثم يستعين ب"الحراث" ليقود محراث الخشب من الخلف بطريقة فنية يراعي فيها نظام الحرث بطريقة طولية، ما يساعد على تقليبها ونظافتها تماما من الحشائش، ولم يعد هذا المحراث مستعملا الآن إلا عند بعض مزارعي قصب السكر فقط، لاحتياج زراعات القصب إلى تفجيج الأرض من العام للعام. أما "الدراس" كان يعتلي دكة "النورج" ليقوم بتوجيه الحيوانات بشكل دائري حول جرن القمح حتى يتم درسه و تنعيمه بشكل يسهل على المزارع تذرية القمح حتى يفصل القمح عن التبن، وانتهت هذه المهنة بظهور الدراسة التي يقوم الجرار الزراعي بتشغيلها، وانتهت مهنة أيضا "المدردر" الذي كان يقوم بتذرية القمح بالمدراية، عن طريق غرسها في الجرن ورفع الكمية من التبن في الهواء ويتم الفصل من خلال تطاير التبن، وبقاء القمح في المكان المراد، إلا أنه بعد دخول التكنولوجيا واستخدام الآلات الحديثة "الدراسة الهوائية" انتهت تلك المهنة.