تخرج العديد من التقارير، بين الحين والآخر، لتؤكد تعامل الاحتلال الصهيوني بشكل وحشي وهمجي مع الأسرى الفلسطينيين، ويجاهر الاحتلال بأنه لا يحترم أيا من القوانين الدولية أو الأعراف الإنسانية، وسط صمت عربي ودولي. لم يعد الاحتلال يحتاج إلى مناسبة ليظهر فيها مدى وحشيته وعدم احترامه لإنسانية الشعب الفلسطيني؛ لأن التقارير الحقوقية تثبت ذلك بالأدلة، فأكد مركز أسرى فلسطين للدراسات في تقرير له بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، أن الاحتلال يمارس التعذيب ضد الأسرى في السجون كسياسة ممنهجة ومدروسة وبتصريح من الجهاز القضائي الذي يعطى الضوء الأخضر للمحققين لاستخدام أساليب التعذيب المحرمة ضد الأسرى لانتزاع المعلومات، وليس سلوكًا فرديًا، موضحًا أن الاحتلال يستخدم 80 أسلوبًا للتعذيب داخل السجون منهم الجسدي والنفسي. وقال المدير الإعلامي للمركز، الباحث رياض الأشقر، إن الاحتلال يحاول إخفاء ما يجرى في غرف التحقيق من تعذيب وتنكيل بالأسرى؛ عبر السعي لسن قانون ثابت ودائم يسمح بإعفاء الشرطة الإسرائيلية والشاباك من توثيق التحقيقات الأمنية التي تجريها سواء توثيقًا صوتيًا أو بالصورة، خاصة التي يجريها جهاز الشاباك. وأضاف الأشقر أن سلطات الاحتلال تشرع التعذيب باسم القانون؛ فيسمح لمجرمي الشاباك بممارسه التعذيب ضد الأسرى، دون احترام لآدمية الإنسان، ووفرت لهم غطاء من المحاكم الصهيونية، حتى لا تتم ملاحقتهم قضائيًا في حال رفعت دعاوى ضدهم أمام هذه المحاكم، وعدّ الأمر دعوة صريحة للتمادي في استخدام أساليب التعذيب المحرمة دوليًا ضد الأسرى الفلسطينيين في سجونه، حيث استشهد العشرات من الأسرى تحت التعذيب، كان آخرهم الأسير عرفات جرادات من الخليل، موضحا أن الوسائل العنيفة التي يستخدمها الاحتلال أدت إلى استشهاد 71 أسيرًا في سجون الاحتلال، من أصل 207 هم شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967. وأكدت الإحصائيات، وفق الأشقر، أن 98% من الأسرى الذين تعتقلهم سلطات الاحتلال تعرضوا للتعذيب في غرف التحقيق التابعة لأجهزة الأمن الصهيونية ومراكز التوقيف والاعتقال المختلفة، خاصة في الأيام الأولى للاعتقال، مضيفا أن التعذيب في سجون الاحتلال لم يقتصر على السجان أو المحقق، بل امتد ليشمل من يسمى نفسه بالطبيب، حيث كشفت العديد من المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، ممارسة الأطباء في السجون التعذيب ضد الأسرى وحرمانهم من العلاج لإجبارهم على الاعتراف. وتابع المدير الإعلامي لمركز أسرى فلسطين للدراسات، أن الأطباء يتعمدوا تجاهل الأمراض التي يعانى منها الأسرى حين الكشف الأوليّ فور وصولهم إلى السجون، ويكتبون تقريرًا مزورًا بأن الأسير بصحة جيدة ولا يعانى من أي مرض، ما يشكل تصريحًا طبيًا بمواصلة تعذيبه، ويدفع بالمحققين لممارسه ضغط بدني ونفسي أكبر على الأسير، ليكونوا بذلك متواطئين في تعذيب السجناء. من جهته، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، عيسى قرقاع، إن إسرائيل تعد الدولة الوحيدة بالعالم التي شرعت التعذيب ووضعت له قوانينًا وأصبح منهجًا ثابتًا في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين، مضيفا أن نسبة التعذيب تضاعفت 400 % عام 2016 عنها في عام 2015، وكل أسير فلسطيني تعرض لأشكال مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي على يد المحققين، إضافة إلى أشكال مختلفة من التنكيل والتعذيب منذ لحظة الاعتقال. وأكد قراقع أن إسرائيل أعطت حصانة للمحققين وحمتهم من الملاحقة والمساءلة من خلال قانون إعفاء المحققين من توثيق التعذيب بالصوت والصورة، وإعطاء تصريحات للمحققين باستخدام التعذيب بحق الأسرى، مشيرا إلى أن التعذيب يعتبر جريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني وميثاق المحكمة الجنائية، وأن شهادات كثيرة حول ممارسة التعذيب بحق الأسرى قدمت في تقرير إلى المحكمة الجنائية من أجل الإسراع في إجراء تحقيقات حول الجرائم. وعلى جانب آخر، كشف تقرير جديد لمركز الأسرى للدراسات عن شراهه الاحتلال في تنفيد عمليات اعتقال تعسفية مسعورة بحق الشعب الفلسطيني خلال شهر رمضان، فقال المركز إن الاحتلال لم يراع حرمه الشهر المبارك أو خصوصيته، وواصل عمليات الاعتقال في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية، حيث رصد المركز 330 حالة اعتقال لمواطنين فلسطينيين منذ بداية رمضان فقط، بينهم ما لا يقل عن 60 طفلا وطفلة، وأوضح الناطق الإعلامي للمركز، رياض الأشقر، أن الاحتلال واصل خلال هذا الشهر الفضيل عمليات الاقتحام للمناطق الفلسطينية، خاصة في مدن وقرى الضفة الغربية ومداهمة المنازل وتفتيشها، واعتقل المئات كان من بينهم نساء وأطفال قاصرين وكبار في السن ومرضى وأسرى محررين وصيادين وغيرهم من فئات الشعب الفلسطيني المختلفة. تقارير مركز أسرى فلسطين للدراسات لم تكن صادمة أو مفاجئة للشعب الفلسطيني والعديد من المراقبين المتابعين لأوضاع الأسرى في سجون الاحتلال، حيث خرجت سابقًا العديد من التقارير التي تؤكد انتهاج الاحتلال الصهيوني لأبشع أنواع التعذيب لانتزاع الاعترافات من المعتقلين الفلسطينيين، فقد أكدت العديد من المنظمات الحقوقية والدولية أن سلطات الاحتلال تمعن في انتهاك الأعراف والمواثيق الدولية الخاصة بالأسرى خاصة النساء، وأن ما يقارب 95% من الأسرى الفلسطينيين يتعرّضون لصنوف التعذيب منذ لحظة اعتقالهم حتى نقلهم إلى مراكز التوقيف والتحقيق الإسرائيلية.