أعلن الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس عن اتفاق تاريخي مع متمردي "فارك" لإنهاء 50 عامًا من النزاع، وفقًا لصحيفة "إل باييس" الإسبانية. ومن جانبهم أعلن ممثلو المتمردين اليساريين أن قوات "فارك" توصلت مع حكومة كولومبيا، الأربعاء، إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار، تم التوقيع عليه، أمس الخميس، خلال حفل في هافانا، بحضور رئيس كولومبيا وزعيم فارك تيموليون خيمينيث والرئيس الكوبي راؤول كاسترو ووزير خارجية النرويج بورج برندي وممثلي الدول الوسطية. يذكر أن الحكومة الكولومبية والقوات المسلحة الثورية (فارك) وهي أكبر حركة تمرد في البلاد، تجريان مفاوضات في كوبا منذ نهاية 2012 لإنهاء النزاع المستمر منذ خمسين عامًا. وطلب الرئيس الكولومبي، الثلاثاء الماضي، من المفاوضين بذل كل الجهود للتوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار فيما وصفه بأنه "خطوة أساسية" لإحلال السلام، وقال إن خاتمة الحوار ستكون في 20 يوليو، وهو العيد الوطني لكولومبيا بعد جولة مفاوضات تنتهي في 6 يوليو. وبحث المفاوضون إقامة مناطق تجميع لنحو سبعة آلاف متمرد، على أن تشرف الأممالمتحدة على نزع أسلحتهم، فما إن يتم توقيع اتفاق السلام،حتى تتولى بعثة سياسية للأمم المتحدة متابعة الأمر وعلى رأسها الدبلوماسي الفرنسي جان إرنو. وكان قد سبق الاتفاق التاريخي مجموعة من الاتفاقات، ففي شهر يوليو عام 2015 أعلن المتمردون وقف إطلاق النار من جانب واحد، فيما أوقفت الحكومة عمليات القصف الجوي. كما وقع الجانبان عدة اتفاقات لا سيما حول مكافحة الاتجار بالمخدرات أو لتعويض الضحايا. وفي الشهر الماضي توصل مفاوضون يمثلون الحكومة الكولومبية ومتمردو (فارك) اليسارية إلى اتفاق على نقل الأطفال خارج معسكرات المتمردين وعودتهم إلى الحياة المدينة، واتفق الطرفان على عدم فرض أي عقوبة على أعضاء «فارك» الذين تقل أعمارهم عن 14 عامًا، بينما يجب أن يتم تبرئة أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عامًا من أي اتهامات ضدهم، ويعتبر حوالي من 20 إلى 30% من مقاتلي الحركة المتمردة هم من الأطفال تحت سن ال 18 عامًا. وفي سياق متصل أعلنت الحكومة وحركة التمرد الثانية في البلاد "جيش التحرير الوطني"، التي تعد 1500 مقاتل، عن بدء مفاوضات سلام قريبًا. وسيتيح الاتفاق مع حركتي التمرد اليساريتين اللتين تأسستا في 1964 إنهاء أقدم نزاع مسلح في أمريكا اللاتينية، أدى وفق الأرقام الرسمية إلى مقتل 260 ألف شخص، وتسبب في اختفاء 45000 شخص، وتشريد 6,6 مليون شخص منذ أكثر من نصف قرن. "فاراك" المتمردة تأسست قوات كولومبيا المسلحة الثورية "فاراك" سنة 1964 كجناح عسكري للحزب الشيوعي الكولومبي وكحركة عسكرية تعتمد حرب العصابات كاستراتيجية لها. في ثمانينيات القرن الماضي تورط التنظيم في تجارة المخدرات؛ مما أدى إلى حدوث انفصال بين الحركة والحزب الشيوعي الكولومبي، وتقدر أعداد المنضمين إلى الحركة حسب التقديرات الحكومية الكولومبية بما بين ستة آلالف وثمانية آلالف جندي، ويسيطر التنظيم على 15 إلى 20 % من أراضي كولمبيا. تم إدراج المنظمة على لائحة الإرهاب الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبرلمان أمريكا اللاتينية وكندا سنة 2005، بينما ترفض كل من فنزويلاوكوبا هذا التصنيف، وطالب الرئيس الفنزويلي شافيز باعتبار الحركات اليسارية الثورية قوات محاربة؛ لأن ذلك من شأنه أن يضطر الحركة إلى ترك أعمال الخطف والإرهاب من أجل احترام اتفاقيات جنيف. في بداية مارس 2008 قامت القوات الكولومبية بالهجوم على أحد معسكرات فارك داخل الأراضي الإكوادورية، وقتلت راؤل رييس الرجل الثاني في التنظيم والمتحدث الرسمي باسم الحركة؛ مما تسبب في أزمة دبلوماسية حادة بين الإكوادور وكولمبيا وبين فنزويلاوكولومبيا، وكاد الهجوم أن يتسبب في حرب إقليمية، وتبع ذلك اغتيال ايفان ريوس أحد قادة الحركة على أيدي أحد أتباعه، وشكلت هذه الأحداث أكبر ضربة عسكرية للحركة في الأربعة عقود الماضية. وتعلن حركة "فاراك" نفسها كحركة سياسية عسكرية ماركسية لينينة، يقودها مانويل مورلاندو وستة آخرون من بينهم راؤل رييس الذي تم اغتياله، وتزعم الحركة أنها المدافع عن الفقراء في الريف الكولومبي ضد الطبقات الأكثر ثراء، وتحارب النفوذ الأمريكي في كولمبيا، والشركات متعددة الجنسيات وخصخصة الموارد الطبيعية؛ وذلك من أجل التمهيد لثورة يسارية مسلحة، وتمول الحركة عملياتها العسكرية من عمليات الخطف والابتزاز وتجارة المخدرات.