يبدو أن الدولة تسعى لتأميم النقابات المهنية العامة، على رأسها الصحفيين والأطباء؛ بعدما أعلن عدد من الأطباء وبعض وزراء الصحة السابقين، وعمداء كليات طب حاليين وسابقين، ورؤساء جامعات وأعضاء نقابات فرعية عن تشكيل ما يسمى ب"جبهة تصحيح المسار"، على غرار ما حدث في نقابة الصحفيين. الجبهة المزعومة تتهم مجلس نقابة الأطباء الحالي بنشر الفكر اليساري فقط، دون النظر إلى مصلحة النقابة والأطباء، وترى أن النقابة دخلت في سجالات وصراعات مع الدولة خلال الفترة الأخيرة دون داعِ، في الوقت الذي أغفلت فيه حق الطبيب، الذي أنشئت النقابة في الأساس لاسترداد حقه، كما دعت الجبهة إلى عقد جمعية عمومية طارئة لسحب الثقة من الدكتور حسين خيري، نقيب الأطباء، والدكتورة منى مينا، وكيل النقابة. الغريب، أن بعض أعضاء مجلس النقابة يوافقون علي المقترحات التي دعت إليها ما بسمى بجبهة تصحيح المسار، في حين يؤكد عدد من أعضاء مجلس نقابة الأطباء أن الجبهة مسيسة، وتخرج من رحم الدولة؛ لإخماد انتفاضة الأطباء مؤخرًا، إثر الاعتداء على طبيب مستشفى المطرية التعليمي من قبل بعض أمناء الشرطة، فيما يبدو انقسام المشهد؛ بين موافقة بعض الأطباء على سحب الثقة من النقيب والوكيل، ورفض آخرون الأمر، وحريصون على الترابط والإصرار على قرارات الجمعية العمومية التي أجريت في شهر فبراير الماضي. يقول الدكتور رشوان شعبان، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن ظهور بعض المعارضين أمر وارد في أي عمل نقابي، فمن الطبيعي وجود أفكار مختلفة من قبل بعض الأطباء أو حتى بين أعضاء المجلس، لكن سحب الثقة من نقيب الأطباء أو وكيل النقابة، يجب أن تأتي في إطار قانوني، ولا يحق لكل من خرج مطالبا بسحب الثقة من المجلس يتم سحبها. وأضاف رشوان ل"البديل" أن ما يسمى بجبهة تصحيح المسار "مسيسة"؛ لأنها تضم وزراء صحة سابقين، والهدف منها شق صف الأطباء بعد الانتفاضة الكبيرة ضد الاعتداء على الأطباء من قبل أفراد الشرطة. وأكد الدكتور سمير علي توني، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن المطالبة بسحب الثقة من مجلس النقابة حق أصيل للجمعية العمومية وحدها وفقا للقانون، متسائلا: أين كان من يروجون لما يسمي بجبهة تصحيح المسار حينما دخلت النقابة في حروب مع الدولة؟ أين كانوا حينما طالب النقيب والوكيل وأعضاء المجلس بحقوق الأطباء المعتدى عليهم؟ وهل دور النقابة من وجهة نظرهم يقتصر علي الرحلات والمصايف فقط، أم أنها حصن حصين لكل طبيب مصري. وأوضح توني ل"البديل" أن نقابة الأطباء وقفت في مواجهة التيار ضد تعنت وزارة الصحة والعديد من الجهات الأخرى التي كانت تهدف إلى القضاء على حقوق الأطباء، مختتما: "إذا كانت جبهة تصحيح المسار تستطيع ممارسة مهام النقيب وأعضاء المجلس، فلتتفضل، لكن الأمر أكبر من ذلك بكثير، وهدف هذه الجبهة واضح ومعروف".