تفشت ظاهرة التعصب بين جماهير الكرة المصرية خلال السنوات الماضية بشكل كبير؛ مما تسبب في كوارث كبرى، كادت أن تقتل الحياة الرياضية في مصر، وعلى رأسها «مذبحة بورسعيد»، التي راح ضحيتها 72 شخصًا من شجعي النادي الأهلي، وقررت الدولة على أثرها خوض جميع المنافسات الرياضية وفي مقدمتها كرة القدم بدون جمهور. وباتت الشاشة الصغيرة لا تخلو من المشادات الكلامية التي تطورت إلى الاشتباك بالأيدي؛ مما صدَّر القلق إلى كثير من الأسر المصرية التي ينتمي صغارها إلى أحد الأندية الجماهيرية؛ خوفًا من نقل ذلك التعصب إليهم، وتطور الأمر لحدوث كارثة قد تنهي مستقبلهم. غياب الدور الرقابي من الدولة واتجاه عدد كبير من اللاعبين المتعصبين لأنديتهم للعمل الإعلامي عقب اعتزالهم العمل الرياضي، على الرغم من عدم دراستهم للإعلام تسبب بشكل كبير فيما آلت إليه الأمور في الإعلام الرياضي. «البديل» تستطلع آراء النقاد الرياضيين بشأن ما يدور في الشارع الرياضي المصري وتأثيره على الجماهير والرياضة المصرية. يقول علاء عزت، الناقد الرياضي بالأهرام العربي، ل«البديل» إن ما يحدث في الإعلام الرياضي جزء وتجسيد حقيقي لمأساء الإعلام المصري. وأضاف أن الإعلام المصري يحيط به كثير من الفساد، على الرغم من الدور المؤثر الذي يلعبه في مصر، مشيرًا إلى أن الإعلام الرياضي بات مختصرًا على البرامج الرياضية فقط. وأكد أن ما أفسد الإعلام الرياضي في مصر هو اقتحام نجوم الكرة المعتزلين له وهم غير مؤهلين لهذا العمل، وسرعان ما ينكشف ضعفهم وسطحيتهم وقلة خبرتهم في التعامل مع الكثير من القضايا. ولفت إلى أن الدولة – متمثلة في التليفزيون الحكومي – تعاملت بحزم مع الكثير من المهازل، التي ظهرت عبر بعض الشاشات الخاصة، وأوقفت بعض البرامج، بل ولجأت في بعض الأوقات لإيقاف بعض القنوات، لكن ليس للدولة يد في اختيارات القنوات الخاصة من البداية. وتابع أن الإعلام الرياضي في مصر فاشل؛ لأنه يعتمد على هواة وليس محترفين؛ مما جعل عددًا كبيرًا منهم يحكم على محترفين، وهذا خطأ فادح، مثل طالب فاشل يقيم دكتورًا جامعيًّا. واختتم أن العديد من البرامج الرياضية تنفذ أجندات جماهيرية، أو بمعنى أدق تبحث عن إرضاء فئة معينة من الجماهير، والكارثة الأكبر أن هناك عددًا كبيرًا من معدي البرامج الرياضية من المشجعين المتعصبين؛ مما تسبب في ظهور التقارير الإعلامية التي تزيد من حدة التعصب، والتي وصلت لحد الفتنة بين الجماهير، وأصبحت الرياضة المصرية غير مؤهلة لعودة الجماهير للمدرجات الآن. الناقد الرياضي فتحي سند أكد ل«البديل» أن الإعلام الرياضي في مصر تدهور بشكل كبير، وأصبح محزنًا جدًّا؛ لما وصل إليه خلال الفترة السابقة. وقال إن الإعلام الرياضي تراجع عن أداء الدور المنوط به، وأصبح سببًا في نشر التعصب بين فئة كبيرة من الشعب المصري؛ لأنه يخاطب الفئة الكبرى التي تحرص على متابعته؛ لمعرفة كل كبيرة وصغيرة تدور داخل أروقة الاتحاد والأندية الرياضية في مصر. وشدد على أن كثيرًا من المشاكل الرياضية وغير الرياضية والتوتر الذي يشهده الوسط الرياضي وحالة الانكسار سببها الإعلام الرياضي وعدم المهنية. وطالب بوجود مؤسسة تضع المعايير التي يجب أن تتوفر في الكاتب أو المعلق أو المقدم، ومراقبتهم جيدًا ومنع غير المؤهل منهم في الظهور أو مخاطبة الناس؛ لوضع حد للمهاترات التي شهدها الوسط الرياضي خلال الآونة الأخيرة. واختتم سند مؤكدًا أن الملاعب المصرية باتت غير مؤهلة لعودة الجماهير للمدرجات في الوقت الحالي، في ظل وجود إعلام يدعو للتعصب. وقال أسامة خليل، لاعب الإسماعيلي السابق والناقد الرياضي، ل«البديل» إن كثيرًا من الإعلاميين الرياضيين يرفع شعار المصلحة الشخصية فوق كل اعتبار، وأصبح الإعلام لا يهدف إلى الصالح العام، والدليل على ذلك فشله في حل الكثير من القضايا التي تهم الشارع الرياضي. وأضاف أن الكثير من المشاهدين والمتابعين لوسائل الإعلام الرياضية كون صورة سلبية وهزيلة عن الإعلام الرياضي المصري، الذي بات يتلون ويتكيف مع مختلف الظروف، ولذلك أصبح هذا النوع من الإعلام يحتاج إلى وقفة قوية لضبط معاييره. ولفت إلى أن هناك بعض الشرفاء من الإعلاميين الذين ضاعت أصواتهم وسط إعلام المصلحة والأجندات الخاصة، مرجعًا مسؤولية هذا إلى غياب الرقابة وعدم وجود لوائح تنظم هذا العمل. وتساءل: هل يعقل أن يتحكم في الإعلام الرياضي المصري بعض الشخصيات؛ مما تسبب في فقدانه مصدقيته؟ فمن المضحك أن نقول إننا نمتلك إعلامًا هادفًا. وعن اقتحام عدد كبير من نجوم الكرة للإعلام الرياضي على الرغم من عدم دراستهم، أكد خليل أن الوكالات الإعلامية يجب أن تسأل عن ذلك، فهي السبب في إنتشار الجهل والفساد داخل المنظومة الرياضية في السنوات القليلة الماضية. واتفق معهم في عدم ترجيح وجود جمهور في الفترة الحالية، في ظل وجود إعلام يدعو إلى التعصب بين الجماهير؛ حتى نتجنب وقوع كارثة جديدة في الرياضة المصرية.