تكليفات رئاسية حاسمة للحكومة ورسائل قوية للمصريين    توافد أطباء الأسنان للإدلاء بأصواتهم في انتخابات النقابة الفرعية بالقليوبية    تمريض الإسكندرية تعقد مؤتمرها الطلابي الأول    كيلو البلطي ب64 جنيها.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور الجمعة    بلومبرج: ثروة إيلون ماسك تتجاوز مارك زوكربيرج ب 23 مليار دولار    طلاب هندسة الجامعة الألمانية بالعاصمة الإدارية يزورون العلمين الجديدة    ملفات ساخنة على طاولة مباحثات بلينكن في الصين.. المنافسة الاقتصادية "الأبرز".. وواشنطن تهدد بكين بورقة تايوان    مشهد مروع لاعتقال الشرطة الأمريكية أستاذة اقتصاد بجامعة إيموري بسبب غزة (فيديو)    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات إلى أوكرانيا    فرنسا: قوة التدخل السريع الأوروبية سترى النور العام المقبل    اليونان:لا يمكننا إرسال منظومات إس-300 إس أو باتريوت إلى أوكرانيا    اليوم، مد فترة تشغيل المترو ساعة لتشجيع النادي الأهلي    تحرير 1410 مخالفات ملصق إلكتروني ورفع 43 سيارة ودراجة نارية متروكة    حبس 3 أشخاص كونوا تشكيلا عصابيا تخصص في تجارة المخدرات    بدلا من بيعه، الشركة الصينية المالكة ل تيك توك ترضخ للضغوط الأمريكية    مايا مرسي تشيد بالمسلسل الإذاعي "يوميات صفصف" لصفاء أبو السعود    فحوصات يجب إجراؤها عقب ولادة الطفل حفاظا على صحته    ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن.. 7 أهداف ضمن الحوار الوطني    رمضان صبحي: الأهلي والزمالك الأقرب دائما للفوز بلقب الدوري    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. الأهلي ضد مازيمبي    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للاسكواش    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    خزنوا الميه.. إعلان ب قطع المياه ل12 ساعة عن هذه المناطق    حصول 4 معاهد أزهرية على الاعتماد والجودة رسمياً بالإسكندرية    بدون إصابات.. إنهيار أجزاء من عقار بحي الخليفة    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    القناة الأولى تبرز انطلاق مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة    فضل قراءة سورة الكهف ووقت تلاوتها وسر «اللاءات العشر»    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا إلى صلة الأرحام والتواصل مع الآخرين بالحسنى    أماكن الاحتفال بعيد شم النسيم 2024    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    «إكسترا نيوز» ترصد جهود جهاز تنمية المشروعات بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    الزمالك يزف بشرى سارة لجمهوره بشأن المبارة القادمة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    «جريمة عابرة للحدود».. نص تحقيقات النيابة مع المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيدة المنيا ودولة القانون
نشر في البديل يوم 29 - 05 - 2016

أن تُعرَّى امرأة، عجوز، وفي الصعيد، وتوشك أن تُسحل ويُفتك بها، فهذا يشير بوضوح إلى ما وصلنا إليه من انحطاط غير مسبوق في سلوكياتنا ومنظومة قيمنا وتهافت سلطات الدولة القانونية والتشريعية وغيرها.
لم تكن هذه الحادثة، في بُعدها الطائفي، هي الأولى ولن تكون الأخيرة إذا تعاملنا معها كما تعاملنا مع سوابقها، أي بمحاولة «لمّ الموضوع» والمصالحة والاعتذار أو حتى معاقبة «كبش فداء» خارج سياق القانون.
ما الحل إذن، وكيف نضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث الفاضحة في بلادنا؟
الحل ميسور وسهل جداً، شرط توافر الإرادة، وهو تطبيق القانون على مستويين: الأول، أو القريب، هو محاسبة المخطئ وفقاً للقانون وإظهار قوة الدولة في المكان المناسب كي لا تتعرَّض للهزؤ والسخرية كأن ينادي بعضنا باعتبار المعتدين متظاهرين ضد بيع الجزيرتين.
الثاني، وهو الأبعد، هو تأكيد معنى دولة القانون المدنية التي لا تفرِّق بين أحد من مواطنيها الذين يقفون أمامها سواسية لا فرق بين غني وفقير ولا وزير وغفير ولا متدين بدين ومتدين بدين آخر أو غير متدين على الإطلاق.
لا أظنه يخفى على أحد ما تعانيه بلادنا من انحطاط مخيف على مستويات عدة، أولها وأهمها، من وجهة نظري، تآكل فكرة دولة القانون، ثم يأتي بعد ذلك ما شئت من انهيار في منظومة القيم وسلوكيات المواطنين تجاه بلدهم أو نحو بعضهم البعض. كلنا نشكو من انهيار قيمنا وأخلاقنا وتصرفاتنا في الشارع والفضاء العام وكأن كلمة «احترام» صارت كلمة قبيحة يفر منها الناس. الشخص الذي يلقي القمامة في الشارع هو الذي يؤذي غيره بالتدخين في الأماكن العامة ويتحرش بالنساء ويفتري على الأضعف إن وجد لذلك فرصة دون رقيب أو محاسب، بل قد يتبجح بذلك مع وجود الرقابة والحساب، وقد ترى أغلبهم يصرخون في السائق ليخفض صوت الأغنية وقت الأذان وقد تجد منهم من يحرصون على ارتياد الكنيسة باستمرار.
ولا نريد أن نشرع في تقصِّي أسباب ذلك، فهي كثيرة ومتشعبة ومتشابكة ومعقدة.
وقد يبرز ها هنا سؤال مهم: إن أردنا إصلاحاً فمن أين نبدأ، أمن القاعدة بنشر الوعي بين عموم المواطنين ونعتمد على نضجهم واحترامهم للقانون، أم من الأعلى أي بفرض احترام القانون ومدنية الدولة من قبَل السلطة العليا تشريعية وقضائية وتنفيذية؟
لا شك أن السياقين متقاطعان، فرغم أننا نزعم أننا نعيش في دولة مؤسسات ودولة قانون فإن ثمة تداخلاً بين سلطات الدولة الثلاث يحتاج إلى مراجعة وتصحيح. والمشرِّع والقاضي ومنفِّذ القانون هو في النهاية ابن هذا المجتمع وثقافته وأعرافه وتقاليده، يتأثر بكل ذلك ويتعاطف مع الجانب الذي يتلاءم وثقافته.. والأمثلة كثيرة.
نحن نحتاج، وبشكل عاجل، إلى:
ردع المخطئ ومعاقبته دون تجاوز القانون ترسيخاً لقيمة العدالة واستحضار دولة القانون في الضمائر والأذهان بتطبيق القانون والعدالة على الجميع، فإن المواطن البسيط إذا ما رأى أصحاب الجاه والنفوذ يفلتون من تطبيق القانون فإنك لا تجرؤ على مطالبته باحترام القانون.. هذا فُجر.
إعادة النظر في منظومتنا القيمية (ثقافياً واجتماعياً وتشريعياً) من أجل صياغة عقد اجتماعي جديد يراعي قيمة الإنسان الفرد في ذاته وينتبه للمتغيرات والتطورات في العالم الذي نحن جزء منه.
التركيز على التنمية الاقتصادية منفردة، أي دون محاربة الفساد وترسيخ العدالة والديمقراطية والإصلاح الثقافي والاجتماعي واحترام المواطن صاحب الحق في هذه التنمية، سيأتي بنتائج عكسية لأن مردود هذه التنمية سيأكله الفساد ولن ينعم به سائر المواطنين.
الكلام على إصلاح الخطاب الديني لا بأس به، لكنه غير كافٍ ولن يأتي وحده بنتيجة مرجوَّة، بل قد تحدث له انتكاسات خطيرة. لا حلَّ إلا بفصل الفضاء الديني عن الفضاء السياسي والاجتماعي العام كي يُبنى عقد اجتماعي على أسس عقلية واضحة لا دخل للأهواء والتعصبات الدينية فيها.
إذا روعيت هذه المبادئ فقد نسمح لأنفسنا بأن نحلم بوضع أقدامنا على بداية طريق التقدم والنهوض. وعندها قد نسترد إنسانيتنا وبلادنا وثقافتنا الضاربة في القِدم والعراقة. وأظنه من البديهي أن شيئاً من ذلك لن يحدث بعيداً عن الديمقراطية وتداول السلطة واحترام الحريات وإفساح المجال لعمل حزبي جاد يتمتع بالاستقلال والجدية والمنافسة.
وأخيراً..
لكل سيدة تعرضت للتحرش أو الإهانة في بلادنا..
ولكل مواطن أو ضيف مستضعَف تعرَّض للظلم والعدوان..
لا أملك إلا أن أتقدم لكم بخالص الأسف وعميق الاعتذار علَّكم تدركون أن هناك من يتعاطف معكم ويتمنى بل ويسعى لتغيير الأحوال كي لا يُظلم في هذا البلد إنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.