دائمًا ما يقترن اسم فيينا بالملف السوري، لكن هذه المرة تم إضافة مكون عربي جديد، وهو الملف الليبي على طاولة المفاوضات، حيث بحث وزراء خارجية عدد من الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة ودول جوار ليبيا، أمس الأولفي فيينا، سبل تقديم دعم دولي لحكومة الوفاق الوطني التي تشكلت حديثًا، والفوضى في هذا البلد الذي يعاني من انقسامات سياسية وتنامي الخطر الإرهابي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيري إن وزراء الخارجية يبحثون خلال الاجتماع "الدعم الدولي للحكومة الجديدة، وسيركزون على المسائل الأمنية". ويُعقَد الاجتماع بعد مرور نحو شهر ونصف على وصول حكومة الوفاق الوطني إلى العاصمة طرابلس، في الوقت الذي استطاع فيه تنظيم داعش الإرهابي مؤخرًا توسيع نفوذه إلى غرب مدينة سرت الليبية، التي يسيطر عليها منذ يونيو 2015. وتجد حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت برعاية الأممالمتحدة صعوبة في بسط نفوذها بعد أكثر من شهر ونصف على تولي مهامها في طرابلس. تحديات المؤتمر يواجه مؤتمر فيينا في الشق المتعلق بالملف الليبي عدة تحديات، أهمها الانسداد الكبير في أفق الاتفاق السياسي، إذ إن هناك انشقاقات داخل المجلس الرئاسي؛ بسبب تمثيله لميليشيا فجر ليبيا وليس الليبيين، حيث إن عضوين من المجلس الرئاسي انشقا عنه؛ للانضمام إلى قائد الجيش الليبي خليفة حفتر في طبرق، والذي لا يدعمه المجلس الرئاسي، في المقابل أعلن عضو المجلس الرئاسي محمد العماري تعليق عضويته في المجلس، ووقف مشاركته في مشاورات تشكيل الحكومة، فبراير الماضي، على خلفية لقاء رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج باللواء المتقاعد خليفة حفتر. ويرى مراقبون أنه لا يمكن مواجهة داعش بينماكل الأطراف الدولية ترفض دور خليفة حفتر، ولا بد من الوصول إلى حل دولي لإدماج خليفة حفتر في العملية السياسية، خاصة بعد أن أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، قرارًا يقضي بتشكيل غرفة عمليات خاصة لقيادة العمليات العسكرية في المنطقة الواقعة بين مدينتي مصراتة وسرت، غربي ليبيا، في إطار مكافحة تنظيم داعش، وبالتالي فإن القرار يحظر على أي قوى عسكرية أو شبه عسكرية، ما عدا الجيش الليبي، مباشرة أي عمليات قتالية ضمن حدود المنطقة المذكورة، باستثناء حالات الدفاع عن النفس. الأمر الذي من شأنه أن يجعل من تحرير سرت من داعش أمرًا صعب المنال، خاصة أن الحرب ضد داعش تأتي على هامش معركة أخرى تجري بين قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليًّا، وقوات موالية للفريق أول ركن خليفة حفتر، تدعم حكومة موازية مقرها في شرق البلاد، حيث تتسابق السلطتان الليبيتان في الشرق والغرب على خوض معركة تحرير مدينة سرت بشكل منفرد. واعتبر رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الايطالي نيكولا لاتوري أن السباق لتحرير سرت "خطأ"، ولم يعد من الممكن أن نقبل بهذا الانقسام، ويرى أن اجتماع فيينا سيكون فرصة لتوحيد الصفوف حول الاستراتيجية الواجب اتباعها في ليبيا، ومن الممكن أن يفضي إلى وضع أسس لتحرك مشترك. كما يرى خبراء في الشأن الليبي أن حالة التسابق بين القوات الشرقيةوالغربية في ليبيا نحو الإعلان عن قتال "داعش" نوع من التصارع السياسي بينهما لكسب الدعم اللوجيستي الغربي، الأمر الذي سيعقد المشهد في فيينا. أهداف مؤتمر فيينا في الشأن الليبي واستنادًا للبيان الختامي لاجتماع فيينا، قدم وزراء الخارجية الدعم الكامل للقرارات والخطوات العسكرية التي اتخذتها حكومة السراج، خاصة تشكيل غرفة عمليات لقتال داعش، وتشكيل قوة عسكرية جديدة، وتبني القيادة العليا للقوات المسلحة الليبية. فيينا والملف السوري على الصعيد الآخر تدور مجموعة من النقاشات في فيينا، لكن حول الملف السوري هذه المرة، حيث يترأس وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري بصورة مشتركة اليوم اجتماعًا للمجموعة الدولية لدعم سوريا، التي تضم الدول الأعضاء في الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تركيا وإيران والصين، وأعلنت الحكومة النمساوية أن الاجتماع سينعقد بمشاركة وزراء خارجية 20 بلدًا، منها البلدان دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وقبل اجتماع فيينا، التقى وزير الخارجية الأمريكي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في جدة أمس الأول؛ لبحث الهدنة الهشة والتطورات المتعلقة بالأزمة السورية. أهداف المؤتمر يُعَدُّ وقف العمليات من أهم وأعقد المسائل التي يتم بحثها في اجتماع فيينا، حيث قال كيري إنه يأمل في تقوية اتفاق "وقف العمليات القتالية" بين القوات الحكومية السورية ومقاتلي المعارضة، الذي أضعفه انتشار القتال في بعض المناطق، كما يسعى إلى زيادة إمدادات المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة. ويأمل اجتماع فيينا في الخروج بنتائج مهمة، خاصة أن روسيا وأمريكا، طرفي الصراع الدوليين في سوريا، سيشرفان على المؤتمر، حيث تدعم الولاياتالمتحدة والسعودية وبعض الدول الغربية ودول الخليج العربية، إضافة إلى تركيا، المعارضة السورية، التي تقاتل من أجل الإطاحة بحكم الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم عسكريًّا من روسيا وإيران. لكن السعودية ترى أن دعم الولاياتالمتحدة للمعارضة السورية غير كافٍ، وتخشى أن تتخلى واشنطن عن الموقف المشترك بينهما والقائل بضرورة أن يترك الأسد السلطة على الفور في إطار أي اتفاق سياسي يجري التفاوض عليه.