في يوم 3 مايو من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة. أما في مصر مغاير فالوضع مختلف، حيث فوجئ الجميع، وقبل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، باقتحام قوات الأمن مساء أمس مبنى نقابة الصحفيين، وإلقاء القبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا، من مقر اعتصامهما داخل مبنى النقابة، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ نقابة الصحفيين، التي احتفلت منذ شهر باليوبيل الماسي على إنشائها. ما فعله الأمن من اقتحام نقابة الصحفيين يخالف نص المادة 70 من قانون إنشاء نقابة الصحفيين، الذي ينص على أنه لا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحفيين ونقاباتها الفرعية أو وضع أختام عليها إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة، وبحضور نقيب الصحفيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلها، الأمر الذي رفضته معظم النقابات المهنية والشخصيات العامة والصحفية، وأعلنوا التضامن مع نقابة الحريات. اقتحام قلعة الحريات جريمة.. وحرم النقابة يبدأ من الرصيف الذي يسبق سلمها قال بشير العدل، مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة: من المؤسف أن يتم الاعتداء على نقابة الصحفيين بهذه الطريقة الصارخة من قِبَل قوات الأمن، وإلقاء القبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا، اللذين سبق وأن أعلنا اعتصامًا بداخلها. وأضاف العدل أن اقتحام القوات للنقابة يمثل واقعة مؤسفة غير مسبوقة في تاريخ النقابة، كما يمثل اعتداء صارخًا على حرمها وعلى الجماعة الصحفية، وهو أمر لا تقبل به الجماعة الصحفية بحال من الأحوال، مؤكدًا أن ما قامت به قوات الأمن جريمة بحق النقابة؛ لأن حرم النقابة يبدأ بأول درجة في سلمها، بل بالرصيف الذي يسبقها، ولا يجوز لقوات الأمن أن تتخطاه في الظروف الطبيعية. انتبه.. حرية الصحافة ترجع إلى الخلف الأوضاع التي تشهدها الصحافة المصرية ونقابة الصحفيين لا تنبئ بتحسن أحوال الصحافة والصحفيين، حيث إنه يوجد في السجون أكثر من 60 صحفيًّا، بالإضافة إلى الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون أثناء ممارسة عملهم، ففي 25 إبريل الماضي تم احتجاز وتوقيف 46 صحفيًّا خلال تغطية التظاهرات التي دعا إليها عدد من القوى السياسية؛ لرفض بيع جزيرتي تيران وصنافير المصرية للمملكة العربية السعودية. وشهد عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي تراجعًا ملحوظًا في حرية الصحافة والإعلام، حيث تم فرض رقابة على الصحف وفرم أعداد وتغيير عناوين كثيرة بعد طباعتها، بالإضافة إلى منع نشر مقالات واستمرار حبس بعض الصحفيين احتياطيًّا رغم انقضاء المدة المقررة للحبس. إقالة وزير الداخلية مطلب أساسي من جانبه أكد يحيي قلاش، نقيب الصحفيين، أن كرامة الصحفي من كرامة نقابته، التي ظلت على الدوام قلعة للحرية ومنارة للوطنية المصرية، مشددًا على أن ما حدث من اقتحام النقابة عدوان استباح مقر الحريات بالمخالفة للقانون والدستور، ولكل الأعراف السياسية والوطنية والدولية، مطالبًا بإقالة فورية لوزير الداخلية. وأضاف قلاش أن قوات الأمن باتت تتصرف وكأنها خارج سلطة الدولة وفوق القانون دون تحرك المسؤولين في الدولة، مشيرًا إلى أن هناك اجتماعًا عاجلًا لأعضاء الجمعية العمومية ورؤساء تحرير جميع الصحف القومية والحزبية والخاصة، والنقباء وأعضاء مجالس النقابة السابقين والصحفيين أعضاء مجلس النواب، ورؤساء ومجالس النقابات المهنية كافة الأربعاء المقبل، مع استمرار الاعتصام المفتوح في مقر النقابة حتى انتهاء الاجتماع. رغم الأنظمة القمعية.. النظام الحالي أضاع سمعة الصحافة أوضح عامر الوكيل، عضو مجلس نقابة الإعلاميين، أن الحريات تطعن يوميًّا من هذا النظام، الذي يعتقد أنه يحمي نفسه بحبس وترهيب الجميع، لكنه يوميًّا ينجح فقط في استعداء الجميع، مؤيدين ورافضين، موضحًا أن اقتحام مقر نقابة الصحفيين رمز الحريات هو اقتحام لبيت كل صحفي، وأن دخول بيت المصريين دون إذن شيء مؤلم وفادح لدى كل مصري لديه كرامة ونخوة، لذلك تجد ردود الأفعال غاضبة وحادة ضد هذه السلطة العنيدة، التي لا ترى سوى أمنها هي فقط. وعن الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا اللذين تم اعتقالهما من مقر النقابة قال الوكيل: إنهما لم يقترفا ذنبًا في الأساس، فالدعوة للتظاهر السلمي لا تكدر أحدًا سوى نظام لا يريد أن يسمع أي صوت يقول له «لا»، مؤكدًا أن النظام لديه عشرات القنوات الخاصة والحكومية، ومع ذلك يخاف من مواقع إلكترونية صغيرة، ويحبس رئيس تحريرها وصحفيًّا شابًّا صغيرًا؛ ليلحقوا بعشرات الصحفيين. وشدد الوكيل على أن سمعة الصحافة المصرية ضاعت بعد أن ظلت لها مكانة رغم كل الأنظمة القمعية التي حكمت مصر، ولذلك لابد من التضامن مع كل الصحفيين، مطالبًا بتغيير سياسات الداخلية وليس مجرد تغيير أو إقالة وزير، فالوزراء يتغيرون، وتظل السياسات كما هي، بل تزداد سوءًا.