رغم أن العمال هم ضمن الركائز الأساسية في تقدم أي مجتمع على المستوى الاقتصادي والصناعي والعمراني، إلا أن حقوقه تكاد تكون مهضومة في هذا البلد وصوتهم لا يأبه به رغم كونه عاليا، فالكل يعلم ما تلعبه نقابات العمال وبقية النقابات المهنية من دور مؤثر وفاعل فى عملية التطور والبناء، ولا يخفي أيضا دورهم الذي يوطد أسس بناء المجتمع المستقر الآمن المتقدم. وليست تجارب حركات النقابات العمالية فى أوربا و أمريكا و بقية أنحاء العالم إلا دليلا ساطعا على قدراتهم المؤثرة فى مجال حماية حقوق العمال، وتنمية الاقتصاد الوطني ورفاهيه المجتمع. أول عيد عمال وسبب الاحتفال به. عيد العمال أو عيد العمل كما يسمى في بعض البلدان هو احتفال شيوعي اشتراكي، يحتفل به في أول مايو من كل عام، وقبل الإعلان عن هذا اليوم بسنوات، كانت شيكاغو في القرن التاسع عشر تشهد اضطرابا من قبل العمال لتخفيض ساعات العمل في هاميلتون، وكانت تعرف هذه الحركة بحركة الثمان ساعات، كانت البداية باستراليا يوم 21 إبريل 1856م، ثم انتقلت من هناك إلى شيكاغو ومنها إلى كاليفورنيا، إلى أن شهد عام 1886م أكبر عدد من الاضطرابات العمالية في تاريخ أمريكا أنذاك، فقد فاقت الإضرابات الخمسة آلاف إضراب، اشترك فيها 340 ألف عامل وكلن شعارهم المشترك في هذا اليوم هو "من اليوم ليس على أي عامل أن يعمل أكثر من ثمان ساعات" مصر والحركة العمالية. لم تكن الحركة العمالية في مصر وليدة العصر الحديث، بل لها جذور تمتد والحضارة المصرسة القديمة، فقد قامت هذه الحضارة على تقديس العمل وتكريم أفراده، ودليل ذلك الإنجازات التي حققوها قديما في مجالات متعددة من عمارة ونحت ورسم وهندسة وزراعة ونقش وتعدين، فكل هذا كان نتاجا لنظام دقيق محكم، ومبادئ عادلة تحكم العلاقات بين مختلف القوى الاجتماعية، أتاحت لهم براعة الإبداع وإظهار الطاقة الكامنة في إطار من الموضوعية والحرية، غير أنهم أيضا منذ القدم لم يبخسوا حق العامل وهذا ظهر من خلال العطلة الإسبوعية التي كانت تمنح للعمال. مع مرور الوقت عرفت الحركة العمالية المصرية نظام الطوائف، وهذا في عصورهم الوسطى، فضمت كل طائفة مجموعة من الحرفيين أو العمال في مجال ما، وكل طائفة يترأسها فرد عرف بال "الشيخ" يتولى شؤنها والدفاع عنها والمطالبة بحقوقها، كان هذا الشيخ يفصل في المنازعات ويرتب درجات الإجور، ويجمع الضرائب والرسوم المقررة على أفراد طائفته، وظل هذا النظام ساريا حتى عام 1890م. من ثم ظهرت التنظيمات العمالية التي تبلورت فيما بعد على شكل نقابات، فجاءت نقابة عمال السجائر عام 1898م كأول نقابة مصرية ولدت من إضراب ناجح حدث لينتهى بالاعتراف بهم عام 1900م، إذ كان الانطلاقة لميلاد النقابات في مصر من خلال الإضرابات، فصدر أول قانون يعترف بالنقابات في مصر في سبتمبر 1942م وهو القانون رقم 85 لسنة 1942م. وفي عام 1959م تم إلغاء نقابات المنشآت، والأخذ بالنقابات العامة على المستوى الصناعي وهذا هو النظام المتبع الآن الذي يفضي بتصنيف الصناعات والأنشطة الاقتصادية الذي يمكن للعاملين بها تكوين نقابة عامة، فبرزت 23 نقابة على رأسهم الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وكلن ذلك بمقتضى القانون المنظم للنقابات العمالية في مصر رقم 35 لسنة 1976م المعدل بقانون رقم 1 لسنة 1981م بالقانون رقم 12 لسنة 1995م. نقابة العمال في مصر. يقوم التنظيم النقابي للعمال في مصر على شكل هرمي، فقاعدته هي اللجان النقابية، وقمته هي اتحاد عام نقابات العمال، ومستوياته هي اللجان النقابية للعاملين في المنشآت، ثم النقابات العامة على المستوى القومي للصناعة أو النشاط الاقتصادي، ثم في النهاية الاتحاد العام للنقابات العمالية الذي يجمع النقابات العامة. ومن الجدير ذكره أنه في الدورة النقابية لعام 2006م بلغ مجموع اللجان النقابية 2200 لجنة تضم 7 ملايين عامل في مختلف مجالات الأنشطة من اقتصادية وصناعية وخدمية. ما ترمي إليه النقابات العمالية. لم تكن أهداف وأحلام العمال ونقابتهم العمالية في مصر سوى حقوق لهم، ولكن من واقع ما تتعرض له العمال أصبحت حقوقهم أحلام بالنسبة لهم، فعلى سبيل المثال من أهداف النقابة العمالية في مصر الدفاع عن حقوق أعضائها والعمل على رفع مستواهم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، والمساهمة بالرأي في مشروعات القوانين واللوائح والقرارات المتعلقة بتنظيم شؤون العمل والعمال، المشاركة في المجالات العمالية العربية والأفريقية والدولية، وتأكيد دورهم الفعال في مختلف المجالات. واختصارا ليس ما نحن فيه من تخلف وصدارة للركب الأخير من الأمم إلا من غياب العدل والشفافية، وهدر حقوق الفرد من عامل وغير عامل، ومن ثم تأخر الانتاج الصناعي والعمراني في مصر، وأصبح لا مناص لنا من استيراد الكثير والكثير من الخارج، وذلك لتقييد العمال وإهدار حقوقهم.