مخاطر بيئية وصحية يتعرض لها سكان وادى القمر بالإسكندرية وشركة المكس للملاحات التى تنتج 70% من متطلبات المصريين من ملح الطعام؛ وذلك بسبب إنشاء شركة أسمنت تيتان اليونانية داخل كتلة سكانية تقدر ب 100 ألف نسمة. "البديل" زار منطقة وادى القمر التابعة لحي العجمي؛ ليتفقد الأمر على طبيعته. هانى عقل المتحدث باسم أهالى المنطقة قال: في الماضي كانت توجد مساحات كبيرة من القمح ومسطحات ملح الطعام الطبيعية، وعندما تأتي الليالي القمرية، تجد المنطقة مضيئة بمنظر جمالى منقطع النظير؛ ولذلك سميت بهذا الاسم، وكانت منطقة جذب لعدد من الشعراء والفنانين كأحمد شوقى وخليل مطران. وفي عام 1949 صدر مرسوم ملكي بإنشاء الشركة الوطنية للأسمنت، وكانت على جزء صغير من الأرض، وتعمل بالطريقة الرطبة التى ليس لها أى أضرار بيئية. وعندما قامت حكومة عاطف عبيد بخصخصة الشركات الوطنية، اشترى الشركة مستثمر يوناني، وهدم المبنى الأساسي للشركة، وبنى عدة مراحل بدون ترخيص حتى الآن، ورغم أن وزيرة البيئة السابقة ليلى إسكندر قالت "على جثتي أن تعمل تلك المصانع بحرق الفحم الملوث للبيئة"، إلا أن المرحلة الأخيرة بالشركة تعمل بالفحم بدلًا من الغاز الطبيعي. وأضاف عقل أن سكان وادي القمر جميعهم مرضى بالتحجر الرئوي والأمراض الصدرية، والكثير منهم فقد بصره؛ بسبب الدخان والغبار الكثيف اللذين يصدران من تلك الشركة التي لا تراعى الاشتراطات البيئية، مشيرًا إلى أن أهالي المنطقة رفعوا عدة قضايا منذ 6سنوات ضد الشركة؛ لتسببها في أضرار صحية، بجانب مخالفتها لقوانين البيئة وتهربها الضريبي وممارسة عملها بدون ترخيص، وتلك القضايا ما زالت بالمحكمة، ولم يبت فيها حتى الآن، مطالبًا باتخاذ قرار رادع لوقف هذه الكارثة؛ لأن ملح الطعام الذي نتناوله في منازلنا أصبح مسرطنًا؛ بسبب الانبعاثات السامة التي أصابت شركة المكس للملاحات، فانتقل الضرر لمعظم الشعب المصري، وليس لأهالي الإسكندرية فقط. وقال عادل عبد العظيم رئيس الشؤون القانونية بشركة المكس للملاحات إن الشركة تتبع القطاع العام، وتنتج حوالي 70% من إجمالى ملح الطعام الذي يستخدمه المواطنون على مستوى الجمهورية، وكل الكمية التي تستخدم في الصناعات، بالإضافة إلى التصدير لكل دول أوربا وأمريكا الشمالية والجنوبية. وأكد عبد العظيم أن الشركة تخسر سنويًّا مليون و750 ألف دولار منذ عام 2010، وكان سعر صرف الدولار وقتها 6جنيهات، فما بالك الآن مع الارتفاع الجنوني لسعر الدولار؟ وتابع أن كل هذه الخسائر من أموال الدولة وإهدار لمواردها، ونحن فى أمسِّ الحاجة إلى العملة الصعبة، مؤكدًا أن هذه الخسائر نتيجة للانبعاثات والأتربة الكثيفة المنبعثة من مصنع الأسمنت، والذى كون طبقة بكثافة 10 سم على أكوام الملح أثناء عملية التخفيف، فنضطر إلى غسل الملح مرة أخرى وتنقيته أربع مرات، فيتم فقد 40% من كمية الملح المنتجة، كما أن معظم تعاقدات الشركة مع الدول الأوروبية التى نصدر لها الملح تم إلغاؤها؛ بسبب أن عينات الملح غير مطابقة للمواصفات، هذا بخلاف الشحنات التى تم إرجاعها من أمريكا الشمالية. وتابع عبد العظيم "قمنا برفع دعوى قضائية ضد الشركة المزعومة، وقامت المحكمة بندب خبير، والذي أثبت الضرر الواقع علينا، وأثبت نسبة الانبعاثات السامة وكمية الأتربة، وحكمت المحكمة بضرورة التعويض لهذه الخسائر، بالإضافة إلى أن شركتنا تتكلف 2 مليون جنيه سنويًّا لعلاج العمال من الأمراض الصدرية وإجراء عمليات لهم بعد تضررهم من استنشاق الانبعاثات السامة القادمة من تلك شركة أسمنت تيتان". وطالب عبد العظيم بضرورة نقل هذه الشركة فى المنطقة الصناعية؛ حتى لا تضر العمال والمواطنين والصناعة الوطنية أكثر من ذلك. من جانبها صرحت سوزان ندا رئيس المركز الجمعية المصرية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أن "المركز أقام شكوى ضد الشركة في صندوق النقد الدولي، الذي يمول تلك الشركة بقروض، وأثبتنا مخالفة الشركة لمعايير واشتراطات قوانين البيئة الدولية، وبالفعل البنك الدولي أرسل لجنة تحقيق إلى منطقة وادي القمر، ونحن في انتظار نتيجة التحقيق، بالإضافة إلى القضية الخاصة بالعمال الذين فصلتهم الشركة تعسفيًّا بعد مطالبتهم بعلاجهم على نفقة الشركة"، مؤكدة أن المركز يتولى الدفاع عنهم في المحكمة العمالية.