رغم التصريحات والبيانات الأوروبية التي تدين الكيان الصهيوني؛ بسبب انتهاكاته وممارساته في حق الشعب الفلسطيني واستمرار احتلاله لأراضي عربية بفلسطينوسوريا، يرى مراقبون أن هذا الأمر لا يعني أن هناك تغيرات جوهرية في العلاقات بينهما، وأن التصعيد الأوروبي ضد الاحتلال الصهيوني مهما وصل له حدود خاصة وأن هناك علاقات اقتصادية كبيرة تربطهما تزيل التوترات التي تحدث من حين لأخر بسبب الانتهاكات الإسرائيلية. وانتقدت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية ومسؤولة العلاقات الخارجية، فيديريكا موجريني، الثلاثاء الماضي، تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الأخيرة التي تحدث فيها عن سيطرته على الجولان للأبد، وقالت إن الاتحاد لا يعترف بسيادة الكيان الصهيوني على مرتفعات الجولان السورية المحتلة التي قال عنها بنيامين نتنياهو منذ إيام إنها "إسرائيلية إلى الأبد." وكثيرا ما ينتقد الاتحاد الأوروبي ممارسات إسرائيل اتجاه الفلسطينين، خاصة المتعلقة بإنشاء الكيان مزيد من المستوطنات على الأراضي الفلسطينية ضاربًا القوانين الدولية عرض الحائط، حيث شهدت السنوات الأخيرة تطورات كبيرة في مواقف وسياسات بعض الدول الأوربية، منها دولًا بالاتحاد الأوروبي تجاه الكيان، التي سعت إلى توسيع نشاطها الاستيطاني وهو ما اسهم بتقيد الأمور، خصوصا وأن دول الاتحاد الأوروبي قد عمدت إلى اتخاذ بعض القرارات والقيود والعقوبات الاقتصادية ضد هذه المستوطنات، بالإضافة إلى الانتقادات والمناوشات بين الكيان الصهيوني وبعض الدول، والتي أسفرت عن خلافات وأزمات كبيرة. وعلقت موجريني مؤخرًا، على التطورات الأخيرة، أن الاتحاد الاوروبي يعترف بالكيان الصهيوني داخل الحدود التي سبقت حرب عام 1967 مهما ادعت الحكومة الإسرائيلية، حتى يتم التوصل إلى حل نهائي، مضيفة أن هذا موقف موحد للاتحاد الاوروبي وكل دوله الأعضاء. وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة نتنياهو عقدت أول اجتماع لها في الجولان المحتل الأحد المضي، وهي الأرض التي احتلتها إسرائيل من سوريا في عام 1967 وضمتها عام 1980 في خطوة لم يعترف بها العالم العربي والإسلامي والدولي. ورغم ما يحدث مؤخرًا بين الجانبين، فقد أكد بعض الخبراء أن هذه الخلافات بين الاتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني ظاهرية فقط على خلفية ضغط بعض الدول الأوروبية مثل السويد، وأن هذه الخلافات لن تستمر طويلا خصوصا مع وجود أطراف ودول أخرى تسعى إلى تقريب وجهات النظر من أجل خدمة مصالح الكيان وضمان تفوقها في المنطقة. ويعول الكيان الصهيوني في الفترة الأخيرة على صعود اليمين المتطرف في أوروبا، وهو أكثر دعما لإسرائيل في أوروبا خاصة مع صعود ما تعرف بالإسلاموفوبيا كرد فعل على الهجمات الإرهابية التي تجتاح العواصم الأوربية، وكذلك موجة اللاجئين المرتفعة القادمة من الشرق الأوسط، وتعمل أوساط إسرائيلية في أوروبا على دعم هذا التيار العنصري المعادي للمهاجرين دعما سياسيا في محاولة لتصديره في السلطة لتتلافي حالة التوتر الحالية التي تسود العلاقة مع بعضًا من دول أوروبا. وبعيدًا عن ذلك تلتزم دول الاتحاد الأوروبي بالعديد من الاتفاقيات الاقتصادية، حيث ترتبط بعلاقات تجارية وثيقة مع الكيان الإسرائيلي، حيث بلغت حجم الصادرات الإسرائيلية لتلك الدول خلال العام الماضي حوالي 25 مليار دولار، وتعد أوروبا من أكبر مستوردي التكنولوجيا العسكرية وفق مكتب الإحصاء الإسرائيلي. رغم الاهتمام المتزايد بالتصعيد والتخوفات الإسرائيليية من المقاطعة الاقتصادية الدولية، تظهر المؤشرات أن هناك تغييرا في حجم التبادل التجاري بين إسرائيل وأوروبا آخذ بالازدياد، هذا ما تشير إليه المعطيات التي نشرتها الكثير من الإحصائيات، ووفقًا للمعطيات، فإنّ كل من حجم البضائع الواردة للكيان الصهيوني وحجم البضائع الصادرة منها ارتفع في الأشهر الثلاثة الأخيرة،وكان سفير الاتحاد الأوروبي كشف عن الوجه الحقيقي للتعاون الإسرئيلي الأوروبي خاصة الاقتصادي حيث في أواخر العام الماضي قال سفير الاتحاد الأوروبي لدى تل أبيب، لاس فابورغ اندرسون، إن الحديث عن المقاطعة الأوربية للبضائع الإسرائيلية غير واقعي، مضيفا في تصريحاته، أقولها بصوت عال أوروبا لا تقاطع إسرائيل ولا تقاطع المستوطنات. وكشف أندرسون، أن حجم التبادل التجاري بين تل أبيب ولندن على سبيل المثال تضاعف منذ بدء حملة وسم منتجات المستوطنات، مضيفا ان الاتحاد الأوربي يعارض حملة المقاطعة وحملة BDS، وستبقى منتجات المستوطنات في أسواق الاتحاد الأوروبي، وهذا ما يوضح الموقف الحقيقي للاتحاد الأوروبي من الكيان الصهيوني بالرغم من التظاهر بالمقاطعة والتهديد أمام ممارساته القمعية ضد فلسطين واحتلاله للأراضي العربية كالجولان.