تعالت الأصوات الغاضبة والرافضة لقرار مجلس الوزراء المصري هذا الأسبوع بإعلان جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر أراض سعودية، وهو ما أعطى هذا الأسبوع زخمًا إعلاميًّا واسعًا حول هذه القضية، في ظل محاولات الإدارة المصرية احتواء الوضع من خلال نشر مستندات ووثائق تدعى أن الجزيرتين سعوديتان. كما شهد الأسبوع الماضي مشاركة وزير الخارجية سامح شكري في القمة الإسلامية بتركيا والتي كانت تثار حولها الكثير من التكنهات بأنها تمثل ورقة لعودة العلاقات التركية المصرية برعاية سعودية، وهو ما فشلت فيه المملكة بعد رفض الجانبين إبداء أي مرونه للمصالحة. قرار تيران وصنافير قرار الحكومة بشأن تيران وصنافير، والذي أعقبه موجة من الغضب الشعبي والسياسي، جاء في وقت تعددت فيه الأزمات الاقتصادية والخارجية بمصر، فمن ناحية ارتفعت قيمة الدولار أمام الجنيه المصري، و زادت أعباء الاقتصاد، ومن ناحية أخرى تعددت الأزمات الخارجية، بدءًا من إسقاط الطائرة الروسية وضرب أهم مورد اقتصادي وهو السياحة، مرورًا بمقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني والذي انتهى بسحب السفير الإيطالي، وصولًا إلى شن هجمة غربية على ملف حقوق الإنسان المصري، ما يوحى حسب المراقبين بأن القرار الأخير المتعلق بعودة تيران وصنافير للسعودية جاء على خلفية ضغوط سعودية وطلب رسمي منها، في وقت ترى فيه القاهرة أنها تواجه أزمات تريد ألا تخسر فيها السعودية إحدى القوى الرئسية التي دعمت الإدارة المصرية خلال الثلاثة أعوام الماضية. وبالرجوع لتاريخ هاتين الجزيرتين انتشرت وثائق كثيرة خلال اليومين الماضيين تؤكد أنهما ظلتا تحت السيادة المصرية خلال القرن الماضي بأكمله، في نفس الوقت قدمت الحكومة المصرية والسعودية وثائق ترجع لتسعينيات القرن الماضي لإثبات أحقية السعودية في الجزيرتين. وأكد المراقبون أنها ليست من حق السعودية لا سيما بعد استردادها من إسرائيل والدفاع عنها أكثر من مرة وخوض حروب من أجلها. وفي ضوء ذلك توالت الانتقادت التي وجهت للحكومة بشأن القرار الذي اتخذ بالإعلان عن تبعية الجزيرتين للسعودية، وأرجعت ذلك إلى أن الكثير من المناطق التي عليها نزاع دولي بين دولتين لم تحل بهذه الطريقة، على الرغم من أحقية دولة عن أخرى فيها. وانتقد كثيرون طريقة وتوقيت إعلان القرار، حيث اتسم بعدم الشفافية والمصارحة مع الشعب، كما أنه أثار حفيظة البعض بأنه جاء متزامنًا مع زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز والاتفاقيات الاقتصادية الصخمة الموقعة مع مصر. ونتيجة لذلك لم تسلم الإدارة المصرية من الانتقادات التي تحدثت عن ارتباط إعلان تبعية الجزر للسعودية مع الزيارة وحجم الاستمثارات التي أعلنت عنها المملكة. القمة الإسلامية في تركيا استضافت تركيا رؤساء دول وحكومات نحو ثلاثين بلدًا في إسطنبول، يشاركون في قمة منظمة التعاون الإسلامي. وتسعى هذه الدول من خلال القمة إلى إبراز تأثيرها في العالم الإسلامي والتقريب بين دوله، لكن الخلافات بشأن النزاعين في سوريا واليمن دائمًا ما تطغى على مثل هذه المحادثات. وناقش القادة ورؤساء الوفود على مدى يومين في القمة الإسلامية، التي تعقد تحت شعار "الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام"، ملفات الإسلاموفوبيا، والوضع الإنساني في العالم الإسلامي، والخطة العشرية الجديدة 2015-2025 ل "منظمة التعاون الإسلامي"، إضافة إلى القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، والنزاعات في العالم الإسلامي والهجرة، ووضعية المجتمعات المحلية المسلمة في الدول غير الأعضاء، ومكافحة الإرهاب والتطرف. رأس وفد مصر في هذه القمة وزير الخارجية سامح شكري، بعدما فشلت مساعي السعودية في إقناع الرئيس المصري بحضورها وإجراء مصالحة مصرية تركية، ترغب من خلالها المملكة في تشكيل تحالف موجه ضد إيران. وفي القمة تجنب سامح شكري وزير الخارجية المصري، الذي سلم رئاسة القِمة الإسلامية ال 13 لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مصافحة أردوغان، كما تجاهل شكري الرئيس التركي في ختام كلمته بالجلسة الافتتاحية للقمة، وقال شكري في ختام كلمته "تتوجه مصر بالشكر إلى كل الدول التي ساندتها خلال رئاستها للدورة ال 12 للقمة الإسلامية. والآن أعلن انتقال القمة إلى الرئاسة التركية"، متجاهلًا ذكر اسم الرئيس التركي، كما أنه غادر فور انتهائه من إلقاء كلمته نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولم يجرِ أية مباحثات ثنائية مع وزراء الخارجية أو المسؤولين الأتراك. كثرة الاحتمالات التي ظهرت مؤخرًا بأن هناك مصالحة جادة بين تركيا ومصر جاءت على خلفية رغبة مشتركة بين البلدين لتحسين العلاقات؛ بسبب ما فرضة الوضع الإقليمي والداخلي، فمن ناحية أنقرة تواجه ضغوطًا داخلية وخارجية، تتمثل فى صراع مع الأكراد، إضافة إلى التحديات الاقتصادية والاشتباك مع روسيا، ومن ناحية أخرى فإن مصر تسعى إلى أن تكون أكثر انفتاحًا على المجتمع الدولي؛ للقيام بدور إقليمى على الساحة السياسية، الأمر الذي يمثل دافعًا لمصر وتركيا لتحسين العلاقات مع بعضهما. وفي المقابل فإن المشاركة الضعيفة لمصر في القمة الإسلامية وزيارة شكري التي لم تستغرق ساعات وتجنب مصافحة أردوغان توضح هي الأخرى أنه ما زال هناك عدم ثقة في تركيا، على خلفية عدم التزامها بعدد من المطالب المصرية المتعلقة بوقف دعم جماعة الإخوان وعدم التدخل في الشؤون الداخلية المصرية.