بدأ التقارب الأمريكي الأوكراني يلقي بظلاله على علاقة الأخيرة مع روسيا، فلا تكاد واشنطن تخطو خطوة باتجاه أوروبا الشرقية إلا وهدفها الرئيسي إزعاج الروس، فلم تمضِ أيام على قرار واشنطن بأنها عازمة على تعزيز وجودها العسكري في أوروبا الشرقية، حتى تواردت أنباء عن تعاون استخباراتي أمريكي أوكراني يخترق الحدود الروسية بالفعل هذه المرة؛ ليصل إلى العمق الروسي، حيث أعلن جهاز الأمن الفدرالي بموسكو عن طرد أوكراني دخل أراضي روسيا؛ ليعرض خدماته على الاستخبارات الروسية. العملية لم تقف عند هذا الحد، فروسيا تقول إن عملية الخرق الاستخباراتي هذه أعدَّتها سلفًا وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه"؛ لإدانة موسكو بالتجسس على أوكرانيا وزعزعتها. عملية التجسس أوضح بيان صادر عن الأمن الفدرالي الروسي الخميس أن الجاسوس الأوكراني ضابط برتبة مقدم في قسم مكافحة التجسس المتفرع من جهاز الأمن الأوكراني، ويدعى يوري إيفانتشينكو. المثير في الموضوع أن الاستخبارات الأوكرانية تحظر على العاملين في سلكها زيارة الأراضي الروسية، فيما تحدى إيفانتشينكو هذا الحظر، وتوجه إلى روسيا؛ بذريعة زيارة أقارب له مقيمين فيها. التعاون الاستخباراتي بين أمريكاوأوكرانيا جاء في البيان الروسي، حيث أوضح أن الاستخبارات الروسية كانت على علم مسبق بوصول إيفانتشينكو، ونيته عرض خدماته على الاستخبارات الروسية. وأضاف البيان أن العملية جاءت في إطار عمل مشترك ومنسق بين جهاز الأمن الأوكراني ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، وتهدف العملية إلى النيل من سمعة روسيا، حيثتبيّن أن مهمة إيفانتشينكو كانت تكمن في إقناع الاستخبارات الروسية بقبول خدماته وتبادل المعلومات والمواد الاستخبارية معه عبر أماكن سرية في العاصمة الأوكرانية كييف. وكان من المفترض أن تبتلع الاستخبارات الروسية الطعم، وترسل عنصرًا منها إلى أحد المخابئ التي سيرشد إيافنتشينكو عنها؛ لينقض الأمن الأوكراني على عنصر الاستخبارات الروسي متلبسًا بالجرم المشهود؛ لإدانة موسكو بالتجسس على أوكرانيا وزعزعة الاستقرار فيها. وحسب البيان الروسي تم إفشال المخطط الأمريكي الأوكراني، حيث سيتم طرد إيفانتشينكو الذي ألقي القبض عليه في 26 مارس، وسيضاف إلى قائمة الممنوعين من دخول الأراضي الروسية. اللافت في بيان الاستخبارات الروسية أنه قال إن موظفين من ال "سي آي إيه" يعملون في مقر جهاز الأمن الأوكراني بشكل دائم، ويشرفون على كافة عمليات الاستخبارات الأوكرانية الموجهة ضد روسيا؛ ما يمهد إلى أن فصول الخلاف الروسي الأوكراني ستشهد سلسلة من التوترات، حيث قال المكتب الإعلامي للبيت الأبيض الخميس إن جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي وعد الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو بتقديم مساعدات إضافية لكييف بقيمة 335 مليون دولار؛ لتمويل عمل المستشارين العسكريين الأمريكيين في أوكرانيا، وتزويد كييف بأسلحة غير فتاكة. القروض الأمريكيةلأوكرانيا لا تفوت واشنطن أي فرصة لتعميق النزاع بين الجانب الروسي والأوكراني، خاصة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعى لتعزيز قبضتها على أوكرانيا من بوابة الديون أيضًا، حيث أفاد المكتب الإعلامي للرئاسة الأوكرانية أمس أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عبّر عن استعداد بلاده لتقديم شريحة ثالثة من المساعدات على شكل ضمانات ائتمانية بقيمة مليار دولار، وذلك بعد الانتهاء من تشكيل الحكومة الجديدة في أوكرانيا، حيث بحث الرئيسان الأمريكي والأوكراني على هامش قمة واشنطن للأمن النووي، التي استبعدت روسيا منها، الوضع في دونباس واتفاقات مينسك وتشكيل الحكومة الأوكرانية وتقديم المساعدات لكييف. الرد الروسي عبر الغاز قبضة روسيا على أوكرانيا تأتي من بوابة الغاز، حيث أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أمس الأول أن بلاده تعتزم إيقاف الأسعار التفضيلة للغاز الروسي المصدر إلى أوكرانيا، ابتداء من أول إبريل. وأضاف الوزير الروسي أن أوكرانيا ستمتثل بشكل كامل لبنود العقد الحالي المبرم بين شركة "جازبروم" الروسية و"نفطوجاز" الأوكرانية. ومنذ صيف عام 2014 دخلت العلاقات بين شركتي "جازبروم" و"نفطوجاز" في أزمة، دفعتهما للتوجه إلى محكمة تحكيم ستوكهولم بشأن بعض النقاط المتعلقة بعقد طويل الأمد لتوريد الغاز الروسي إلى أوكرانيا. وقبل حلول فصل الشتاء في عام 2014 تم إيجاد تسوية مؤقتة للأزمة من خلال توقيع اتفاق ما يُعرَف ب "الحزمة الشتوية" بين روسياوأوكرانيا وبوساطة أوروبية؛ ليتم في عام 2015 التوقيع على اتفاق مماثل للمرة الثانية، انتهت صلاحيته الخميس؛ ما يعني انتهاء شروط تخفيض أسعار الغاز الروسي المصدر إلى أوكرانيا، وبداية مرحلة جديدة بين أوكرانياوروسيا، ستحاول روسيا من خلالها فرض شروطها على كييف. روسيا تعزز جيشها على الحدود مع أوروبا أوكرانيا والتي مهدت الطريق لأمريكا للتوغل في أوروبا الشرقية عبر خلافها مع روسيا حول جزيرة القرم ستكون بوابة الروس للرد على قرار الانتشار الأمريكي في القسم الشرقي من أوروبا، حيث أفاد مصدر في هيئة الأركان العامة الروسية أمس أن فرق جيش الدبابات وجيش المشاة التابعة للمنطقة العسكرية الغربية ستضم 6 أفواج لكل منهما، وعليه ستضم من الآن فصاعدًا كل فرقة دبابات 3 أفواج دبابات، وفوجًا للمشاة الميكانيكية، وفوجًا للصواريخ المضادة للجو، وفوجًا للمدفعية ذاتية الحركة،وعلاوة على ذلك ستحصل كل فرقة على وحدات الاستطلاع والاتصال والإمداد والتموين والحرب الإلكترونية والوقاية الإشعاعية والكيميائية والبيولوجية وغيرها. ومن المنتظر تشكيل فرقتين أيضًا للمشاة الميكانيكية؛ لتمثلا أساسًا للجيش العشرين للمشاة حتى نهاية العام الجاري في مقاطعتي "سمولينسك" التي كانت تتحكم في عرش كييف في نهاية القرن ال 12، و"فورونيج" الحدودية مع أوكرانيا؛ لتضم كل منها 10 آلاف فرد.