أثار الحكم الصادر من محكمة الأسرة مؤخرا، والذي أقر بصحة الزواج المدني للأقباط، جدلا واسعا داخل الأوساط المسيحية، ووصفه عدد من القساوسة ب«سابقة خطيرة وتدخل سافر واعتداء على ثوابت العقيدة المسيحية». رفض القس سعيد إبراهيم، رئيس كنائس الإيمان الإنجيلية، الزواج المدني، واصفا إياه ب«فرصة للزواج الثاني»، ما تعتبره الكنيسة ضد تعليم ومبادئ المسيحية، متابعا: «عندما ناقش قساوسة كنائس الإيمان القضية، اعترض الجميع علي الزواج المدني؛ لأنه يخالف العقيدة المسيحية، من حيث الشكل والمضمون». وأضاف إبراهيم أن الزواج أسسه الله، واستمر فى العهد الجديد، وتكلم عنه المسيح, وبولس الرسول، وطالما المرأة حيه، فهى تحت ناموس زوجها، وأن الله من البدء خلقهما ذكرا وأنثى، وأن الزواج المدني يفتح باب واسع للطلاق بعلة أو دون، لاسيما مع الشباب، مستطردا: «الزواج المسيحى عهد مقدس، والله هو الذى يُقدس الزواج، والزواج يُجسد العلاقة بين المسيح والكنيسة, ولا يجوز فصل الكنيسة عن المسيح، فمبادئ الله تختلف فى أمور الزواج عن مبادئ العالم». وأوضح رئيس كنائس الإيمان الإنجيلية: «من يشفق علي متضرري الأحوال الشخصية، ويرغب فى حلها عن طريق الزواج المدني، ليسوا أكثر رحمة من خالقهم، الذي كان يستطيع عمل شريعة تُريحهم»، واصفا الزواج المدنى ب«وصمة عار» للكنيسة، متسائلا: «إذا وافقت الكنيسة الحالية على مشروع الزواج المدنى, المرفوض على مدار تاريخ المسيحية, فهل تثق فينا الأجيال القادمة وتثق فى تعاليمنا ومبادئنا؟، وهل الكنيسة فى الغرب ضعفت أم قويت بعدما أباحت هذا النوع من الزواج؟». وتابع: «ليس للكنيسة سلطان أن تحل ما لم يحلله الرب، وبما أن الزواج المدنى الذى يُبيح للمطلق بالزواج مرة أخرى، فإنهم يعيشون فى زنى مدى الحياة, ما يعنى ضمان هلاكهم إلى الأبد، ويتعارض مع رسالة الكنيسة التي تُنادى بالحياة المقدسة», مضيفا: «إقرار الكنيسة للزواج المدنى, معناه موافقتها على حياة النجاسة والشر والخطية إلى ما لا نهاية؛ خاضة أن الزواج المدنى يُشجع على الطلاق بسبب ودون». وأكد إبراهيم أن الطلاق فى الديانات التى تُبيحه, لم يحل مشاكل البشر، فأبناء المطلقين يكونون الضحايا، مطالبا الكنيسة بأن تتمسك بتعاليم المسيح, ولا تنجرف مع تيار العالم بسبب الظروف الراهنة, والمشاكل الأسرية القائمة منذ القدم. ومن جانبه، اعتبر القس ألبرت لويز، راعي الكنيسة الإنجيلية بمركز طما التابع لمحافظة سوهاج، أن الزواج المدني «يقنن الزنا»، وأن الكنيسة الارثوذكسية اكتشفت عدم موافقته الكتاب المقدس، مضيفا أن الزواج المسيحي يقوم به الله منذ بدء الخليقة، وأمر مصيري لا دخل للإنسان فيه، مؤكدا أنه أعد مذكرة تفصيلية تفند المواد التي لا تتوافق مع العقيدة المسيحية، وقدمها لرئيس الكنيسة الإنجيلية. وعلى الجانب الآخر، قال القس صفوت البياضي، رئيس الطائفة الإنجيلية، إن الزواج اختيار شخصي سواء للزوج أو الزوجة، وحتى القرن الثاني عشر، لم يكن للكنائس أي تدخل في الزواج، الذي كان الزواج مدنيًا بحسب العرف، فالرجل والمرأة يتفقان على انعقاد الزواج، ثم تتجمع العائلات، ويقيموا احتفالية، لإشهار العلاقة، تدريجيًا، تدخل الكاهن، في طقس الزواج، فكان دوره في بداية الأمر لا يتعدى تحية موكب العرس، ثم تطور إلى الصلاة على رأسي العروسين، إلى أن وصل إلى قيامه بعقد الزواج وإشهاره. واستطرد البياضي أن حل مشكلات الأحوال الشخصية، في إعطاء حرية الاختيار للزوجين، بين الزواج المدني، والزواج الكنسي، دون إلزام الكنيسة بالاعتراف بالزواج المدني، والكنيسة لها الحرية أيضًا في منع الطلاق، مختتما: «أنا متأكد أن 99 % من المسيحيين بمصر لن يقبلوا الزواج المدني، لكن لكي لا نجبر أحد على تغيير دينه، يجب أن نعطي الحرية في الاختيار بينهما».