قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية: إن تركيا من بين عشرة دول غالبيتها في الشرق الأوسط من المحتمل أن تدخل حروبا خلال العام الجاري، على خلفية الصراع الداخلي بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني الذي بات يثير مخاوف كبيرة. وقد أعلن الجيش التركي، الاثنين الماضي، أن 225 إرهابيا -على حد تعبيره- من مسلحي منظمة «بي كا كا» الانفصالية، قتلوا في ولاية شيرناق جنوب شرق تركيا، منذ بدء العمليات العسكرية فيها منتصف ديسمبر الماضي، كما لفت البيان الصادر عن الأركان التركية، إلى استمرار العمليات العسكرية ضد المنظمة الانفصالية في بلدتي؛ جيزرة وسيلوبي بالولاية. إعلان لم ينته حتى جاء الرد الكردي، حيث قالت مصادر أمنية إن مدنيين اثنين وجندياً وضابط شرطة قتلوا في جنوب شرق تركيا حيث تركز العمليات العسكرية ضد المقاتلين المسلحين على مراكز الحضر في المنطقة التي تقطنها أغلبية كردية، كما قال قائد الأركان العامة للقوات المسلحة، في بيان له الاثنين الماضي، إن جنديا قُتِل في انفجار قنبلة نفذه أعضاء في حزب العمال الكردستاني بمنطقة سور. التحركات الدبلوماسية الأخيرة لرئيس حزب الشعوب الديمقراطي الكردي صلاح الدين ديمرطاش، أثارت غضب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقد حظي دميرطاش، باستقبال حافل خلال زيارته لموسكو، وعلى ما يبدو بأن ما أزعج أردوغان هو أن دميرطاش خلال لقائه بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، انتقد إسقاط تركيا للقاذفة الروسية فوق الحدود السورية كما أنه وصف الرئيس التركي بأنه «ناطق باسم تنظيمات إرهابية». وتكمن الأزمة الحقيقية في طبيعة زيارة ديمرطاش لروسيا، كما أنه يصر على أن زيارته ذات طبيعة سياسية بحتة، إذ قال وزير الخارجية الروسي لدميرطاش: إن روسيا تدعم البرنامج السياسي لحزبه، مضيفاً: سلوكنا إزاء العمل الذي نفذته الإدارة التركية الراهنة، في ما يتعلق بالمقاتلة الروسية التي كانت تنفذ مهمة ضد الإرهاب، لا ينطبق بأيّ حال على سلوكنا تجاه الشعب التركي. وعلى ما يبدو أن الحكومة التركية لم تقتنع بسلمية هذه الزيارة، فتركيا تراقب بعين حذرة كل التحركات الكردية وخصوصاً المتعلقة بال بي كا كا، فأنقرة ترفض مبدأ تسليح حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره حزبا إرهابيا، كما أن تصريحات وزير الخارجية التركي، فريدون سينيرلي أوغلو، خلال مؤتمر مستقبل الشرق الأوسط الذي عقد في شمال العراق، نوفمبر الماضي، تدل على ذلك، فقال: إن كانت السياسة الديمقراطية تحظى بأهمية، فإنه ينبغي إلقاء الأسلحة، حيث لا يمكن تصور وجود مسلحين بي كا كا خلال العملية الديمقراطية، ولايمكن القبول بوجود منظمة إرهابية في ظل مسيرة السلام الداخلي. ويتضح الرابط بين بي كا كا وديمرطاش في نظر أنقرة، هو أن الأخير مقرب جداً من الكرد في تركيا، فألمحت أنقرة إلى أن زيارة ديمرطاش لروسيا جاءت لطلب صواريخ مضادة للدبابات من طرازAT-14 لتقديمها إلى تنظيم بي كا كا. قالت صحيفة بوغون التركية: إن زيارة ديميرطاش إلى موسكو لم تكن لحل الأزمة بين البلدين كما ادّعى، ولكنها جاءت لطلب أسلحة لمساعدة التنظيم ضد الحكومة التركية. ويزعم مراقبون أتراك أن ديميرطاش استغل الأزمة للقيام بمثل هذا، لافتين الانتباه إلى الدعم الذي جاء على لسان لافروف لحزب الشعوب الديمقراطي أثناء لقائه مع ديميرطاش، فأكد مرارًا وقوف بلاده إلى جانب الكرد وكفاحهم لنيل حرياتهم، وأن روسيا جاهزة للتعاون معهم في هذا السياق. وعلى ما يبدو بأن فصول الصراع الخفي بين تركياوروسيا لن يقف عند المحطة الكردية، فروسيا وعبر خارجيتها دعت في بيان لها أمس، للتحقيق في حصول داعش على غاز السارين السام من تركيا.