أعلن وزير خارجية السعودية عادل الجبير 29 ديسمبر، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في الرياض، اتفاق قادة البلدين على ضرورة إنشاء «مجلس تعاون استراتيجي» لتعزيز التعاون العسكري والسياسي والاقتصادي، كما أكد تطابق موقف الجانبين تجاه الأزمة السورية في دعم المعارضة المعتدلة؛ تمهيدًا لحل سياسي لا يكون الرئيس السوري بشار الأسد جزءًا منه، جاء ذلك بعدما بحث الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان العلاقات الثناية والتطورات الإقليمية والدولية، في زيارة هي الثالثة هذا العام لأردوغان للسعودية. وأوضح الجبير أن اجتماع الملك سلمان والرئيس أردوغان نتج منه رغبتهما في تشكيل مجلس تعاون استراتيجي رفيع المستوى، كما أشار إلى أن مجلس التعاون الاستراتيجي يأتي في سياق تطوير العلاقات بين البلدين، كما أنه سيعزز التعاون في العديد من المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والطبية، فضلًا عن الطاقة وغيرها. يأتي الحديث عن نية السعودية تشكيل مجلس تعاون استراتيجي بينها وبين تركيا في توقيت مقارب عن إعلان السعودية تأسيس مجلس تنسيق بينها وبين مصر، حيث أسس الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المجلس في 11 نوفمبر الماضي؛ لتنفيذ «إعلان القاهرة» الذي يهدف لاستكمال بناء عملية إنشاء القوة العربية المشتركة. التوجه السعودي للتنسيق العسكري مع تركيا يشير إلى برجماتية السياسة السعودية، خصوصًا في ظل الخصومة المصرية التركية، التي ليس آخرها انتقاد مصر لأي نفوذ تركي عند حدودها المشتركة مع غزة، الشرط الذي طالب الأتراك بوجوده لعودة التطبيع مع الكيان الصهيوني، فمصر انتقدت التدخل العسكري التركي في شمال العراق، حيث شدد وزير الخارجية سامح شكري في الاجتماع الوزاري بالجامعة العربية على ضرورة سحب تركيا قواتها من العراق بوجه السرعة، دون شرط أو مماطلة، مؤكدًا أن تدخل الجيش التركي في العراق يعد انتهاكًا واضحًا لسيادته. الإشارة الأبرز التي وجهتها السعودية من خلال الدعوة إلى تشكيل المجلس الاستراتيجي مع تركيا، هي أن الرياض قررت التعاون مع أنقرة عبر خلق مسارات جديدة للتوافق، وفقًا لتبدل المعطيات على الساحة الدولية، وعلى ما يبدو أن السعودية غضت الطرف ولو بصورة مؤقتة عن الخلاف المصري والتركي حول التباين بينهما حول ملف جماعة الإخوان المسلمين، واتجهت إلى تركيا حيث المساحة المشتركة في المواقف السياسية في عموم ملفات المنطقة التي تصل في بعض الأحيان إلى حد التطابق، حيث أكد الجبير تطابق مواقف الرياضوأنقرة من الأزمة السورية منذ البداية، وأشار إلى أن البلدين ودولًا أخرى صديقة تفضل الحل السياسي، بناء على مبادئ جنيف1 ومؤتمر فيينا 2 واجتماعات نيويورك وقرار مجلس الأمن، بما يشير بوضوح إلى أنه لا مكان للأسد في المرحلة الانتقالية، وبالتالي الموقف من الرئيس الأسد منسجم بين كل من السعودية وتركيا، بينما يرى الجانب المصري بأن الشعب السوري وحده من يقرر مصير الأسد. الشكوك حول التباين في الرؤى بين مصر والسعودية في موضوع دعم السعودية لجماعة الإخوان المسلمين والتي حاولت السعودية نفيها، بدأت تجد ما يدعمها، فدعمها لها في اليمن وتوجه السعودية للتنسيق مع زعيم الإخوان في المنطقة أردوغان بات يؤكد هذه الشكوك. الحديث عن التقارب السعودي التركي يعني بالضرورة وجود قواسم مشتركة بدأت تلوح في الأفق، وهنا لا يجب إغفال زيارة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني للسعودية نهاية نوفمبر الماضي وزيارة أردوغان للمملكة نهاية ديسمبر الماضي أيضا، ففي وقت سابق اتهم نائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس السابق جلال طالباني، رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني بالتحالف مع السعودية وتركيا «لاستهداف وضرب بعض أكراد المنطقة». وأشار النائب شوان الداوودي إلى أنه على بارزاني أن يساوم الأطراف الكردية المتمثلة في الاتحاد الوطني والتغيير وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني لا السعودية وتركيا، فعليه أن يوحد البيت الكردي وليس البيت العربي السني على حد قوله، وتابع إذا قرر بارزاني أن يكون رئيسًا فإنه سيكون رئيسًا للكرد وبدعم الكرد وبعكسه سيكون بالنسبة للعرب السنة صلاح الدين آخر فقط. الحديث عن تحركات تركية كردية برعاية سعودية أرخى الستار عنها بعض المراقبين، حيث كشف المحلل السياسي الكردي ريبوار عبد الله 19 ديسمبر النقاب عن أن مسعود بارزاني بعث برسالة إلى الملك السعودي يعرب فيها عن رغبته بالانضمام إلى ما يسمى التحالف الإسلامي، كشف تدعمه زيارة البارزاني إلى تركيا بعد زيارته للرياض، حيث وصل أنقرة في11ديسمبر الماضي، على الرغم من أن هذه الزيارة تأتي وسط أزمة بين بغدادوأنقرة، والتي تأججت بعد نشر الأخيرة قوات بالقرب من الموصل شمال العراق. وفي سياق متصل غادر القاهرة الأربعاء الماضي سامح شكري وزير الخارجية متوجهًا إلى المملكة العربية السعودية في زيارة يلتقي خلالها عددًا من المسؤولين لبحث العلاقات بين البلدين والأوضاع الإقليمية، وقال شكري في تصريح له: إن زيارته للسعودية تأتي في إطار بحث العلاقات الثنائية بين مصر والمملكة، وبحث آخر مستجدات الأوضاع الإقليمية في المنطقة، بالإضافة إلى التحضير لاجتماع لجنة التنسيق بين الدولتين. وفي الوقت ذاته، نفى وزير الخارجية المصري سامح شكري قبل سفره إلى الرياض، ما تردد في وسائل الإعلام عن وجود وساطة سعودية بين مصر وتركيا، كما نفى إمكانية عقد لقاء بين المسؤولين المصريين والرئيس التركي الموجود حاليًا بالسعودية.