استعادة الرمادي، المدينة الواقعة غرب العراق، معركة وصفها كثيرون بالصعبة والحاسمة في نفس الوقت على القوات العراقية، التي تحاول جاهدة استعادتها من قبضة تنظيم داعش الإرهابي. صعبة لوجود مدنيين عراقيين داخل المدينة وسط تخوف من استخدامهم من قِبَل التنظيم الإرهابي كدروع بشرية، وحاسمة لكونها من المدن الكبرى التي سيكون استعادتها دافعًا قويًّا للاستمرار في حسم المعارك المقبلة، فماذا يدور في هذه المنطقة؟ وما أهميتها؟ يقول رئيس أركان الجيش العراقي، الفريق عثمان الغانمي، إن القوات الحكومية تتوقع إخراج مقاتلي تنظيم د2اعش من مدينة الرمادي خلال أيام، مؤكدًا أن "القوات العراقية تستعد لاقتحام منطقة الحوز التي يتواجد فيها المجمع الحكومي وسط المدينة". وسط هذا التأكيد من الجيش العراقي على أن حسم المعركة هي مسألة وقت يعيش آلاف المواطنين المتواجدين في الرمادي وضعًا صعبًا، فبعد دعوات لأهالي المدينة لمغادرتها قبل اقتحام مركز المدينة، لا يدرك الفارُّون إلى أين يذهبون، وإذا تركوا منازلهم، لا يعلمون متى يعودون، وخلفهم معارك لا يعرف أحد متى يمكن أن تنتهي، وتدور رحاها منذ أشهر بين تنظيم داعش والقوات العراقية. أهمية الرمادي تعد الرمادي التابعة لمركز الأنبار أكبر محافظاتالعراق من حيث المساحة، وتكتسب أهمية بالغة للقوات العراقية والتنظيم الذي يقاتلها في نفس الوقت، فهي ثاني محافظة في العراق بعد الموصل ما زال التنظيم يسيطر عليها. وكان تنظيم داعش قد سيطر على الرمادي منتصف شهر مايو الماضي، بعد أسابيع من القتال دافعًا بالقوات العراقية إلى الانسحاب في أكبر تقدم ميداني له في العراق خلال عام، واستخدم في الهجوم أسلحة ثقيلة وصواريخ وسيارات مفخخة، واستولى على مستودعات أسلحة وذخائر، واعترف الأمريكيون حينها أنهم كانوا يركزون على بيجي، التي تضم منشآت نفطية كبيرة تجعلها في نظرهم أهم من الرمادي. ويكتسب موقع الأنبار أهمية مضاعفة؛ لقربها مع جارتيها بغداد وكربلاء وحدودها الممتدة مع سوريا؛ ما جعلها ضمن أهداف داعش لضمها إلى ما يسميه دولة الخلافة، كما يبقيها قريبة من خطوط الإمداد الموصولة بمعاقل داعش في الموصل والرقة، وهي بذلك تشكل ممرًّا أساسيًّا بين العاصمة بغداد وحدود العراق مع الأردنوسوريا. وتراهن الحكومة العراقية على أن يعجل سقوط الرمادي باستعادة الفلوجة، المدينة الأخرى الكبيرة في محافظة الأنبار، التي لا تزال بحوزة داعش منذ عامين، وتخضع بدورها لحصار كبير من القوات العراقية. وضع أهالي الرمادي في خضم ذلك يعيش المدنيون من أهالي الرمادي والمفلوجة ظروفًا مأسوية، تزداد تعقيدًا مع الوقت. وألقت القوات العراقية عدة مرات خلال الشهر الجاري منشورات تحض السكان على مغادرة المدينة، ورد تنظيم داعش بمنعهم من الرحيل والتهديد بتصفية من يفعل. ويصعب تفادي سقوط كثير من المدنيين لو اعتمدت قوات التحالف على نفس الطريقة التي استعادت بها مدينة سنجار مؤخرًا، حيث مهدت للهجوم البري بعملية قصف مركز دمر أغلب البنية التحتية للمدينة قبل دخول قوات البيشمركة الكردية إليها. وعكس سنجار ما زالت الرمادي آهلة بالسكان. ومع بدء العملية العسكرية لتحرير الرمادي، يحاول تنظيم داعش منع المواطنين من مغادرة المدينة، بعد إسقاط طائرات عسكرية عراقية منشورات تطالب أهالي الرمادي بمغادرتها، قبل الهجوم لتحرير المدينة من قبضة داعش. ومع تقدم العملية لاستعادة عاصمة المحافظة، لا يزال سكان الرمادي – الذين يقدر عددهم بين 4 و10 آلاف شخص – محاصرين داخل المدينة. ونقلت "أسوشيتد برس" عن المتحدث باسم التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، العقيد ستيف وارن، قوله إن التنظيم وزع منشورات تطالب بالتنكر في زي قوات الأمن العراقية ثم تصوير أنفسهم وهم يرتكبون الفظائع، مثل قتل وتعذيب المدنيين ونسف المساجد. وجاء في نسخة من الوثيقة التي وُزِّعت للصحفيين أن التسجيلات المصورة يجب أن تُوزَّع على المنافذ التليفزيونية؛ لتصوير الصراع على أنه حرب طائفية. المعركة صعبة يقول الخبراء الأمنيون إن معركة الرمادي هي معركة صعبة؛ لأن القوات العراقية كثيرة العدد، لكنها تواجه تنظيمًا إرهابيًّا ينتهج سياسة الأرض المحروقة، مشيرين إلى أنه رغم ذلك، فإن القوات المشتركة حققت النصر في قطع طرق إمداد التنظيم في المنطقة، لكنها فشلت في السيطرة على الجسور، معتبرين أنه ليس من السهل إنجاز ذلك. وأحكمت القوات الحكومية الشهر الماضي تطويق المدينة ذات الغالبية السنية، وحاصرت مسلحي التنظيم داخل مركزها؛ لتقطع الاتصالات بينهم وبين معاقل التنظيم في مناطق الأنبار الأخرى وفي سوريا المجاورة. وتتجه القوات العراقية، مدعومة بمقاتلين من العشائر وغارات التحالف الدولي، صوب المجمع الحكومي الرئيسي، حيث من المتوقع أن تواجه بهجمات القناصة والانتحاريين. وقال العقيد ستيف وارين، المتحدث باسم التحالف الدولي، إن حوالي 350 مقاتلًا من تنظيم داعش ما زالوا في الرمادي، إضافة إلى ما قد يصل إلى عشرات الآلاف من المدنيين. الجيش العراقي يتعهد بالحسم وسائل الإعلام العراقية تشير إلى نجاح الجيش العراقي في تحقيق تقدم ملحوظ في أحياء الرمادي السكنية. وتقوم طائرات التحالف بجانب الطيران العراقي بتغطية جوية للعمليات؛ من أجل إنجاح العملية. وبحسب المصادر العراقية فإنه ومع بدء العمليات وحلول ساعة الصفر، تمركزت المعارك في الجانب الجنوبي من المدينة وسط ضربات جوية مكثفة لطيران التحالف الدولي ومروحيات الجيش العراقي.