«البقرة المبروكة».. مصطلح انتشر كالنار فى الهشيم خلال اليومين الماضيين، تداوله الكثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسلطت الصحف والمواقع الإخبارية عليه الضوء، وحدثت حالة من الضجة الإعلامية حول وجود بقرة تدر لبنا دون أن تلد. وصاحب الخبر مزاعم كثيرة، أبرزها قدرة لبن «البقرة المبروكة» على علاج العديد من الأمراض، علي رأسها الفيروسات الكبدية, والأورام, والسكر وغيرها من الأمراض الأخري التي يعجز الطب أحيانا عن علاجها, ورغم أننا علي أعتاب عام 2016، إلا أن الوعي لدي بعض المصريين مازال محدودا، ويسير الكثيرون خلف خرافات, على أمل زائف أن يجدوا علاجا لأمراضهم المستعصية. زعم مواطن يدعي محمد فودة، بقرية كفر سعد التابعة لمركز الرحمانية بالبحيرة، أن لديه بقرة تدر لبنا رغم صغر عمرها, كما أنها لم تلد من قبل, وانتشر الخبر في وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين، مدعين أن لبن البقرة مبروكة يشفي من أمراض الفيروسات الكبدية, ما جعل أهالي القرية يتوافدون علي صاحبها، مطالبين إياه بكمية من اللبن للتداوي؛ بعدما ادعى أن حفيده شرب من لبنها فشُفي تماما من مغص بالمعدة. وحذر بعض الأطباء البيطريين من الانسياق خلف خرافات البقرة المبروكة، مؤكدين أنها لا تشفي الأمراض كما يدعي البعض، لكنها مصابة بخلل في الهرمونات. يقول الدكتور يوسف ممدوح شلبي، رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطري، إنالبقرة المشار إليها مصابة بخلل في الهرمونات، ما يجعلها تدر لبنا، والأمر ليس غريبا أو معجزة نبوية، كما يري أهالي البحيرة، أو كما روجتها وسائل الإعلام، لكنها حالة مرضية, مثلما يحدث لبعض السيدات والفتيات، موضحا أن صاحب البقرة استغل الأمر، وحاول الترويج أنها تشفي من الأمراض الكبدية على خلاف الحقيقة. ومن جانبه، قال الدكتور حافظ زينهم، مفتش بيطري، إن شكل وحجم البقرة يوضحان أن عمرها أكثر من عام, مؤكدا أنها بالفعل مصابة بخلل هرموني يؤدي إلي نزول اللبن دون سابق الولادة, نافيا وجود معجزة كما يروج البعض. وفي نفس السياق، أوضح الدكتور سيف رجب قزام، أستاذ الفقه والعميد السابق لكلية الشريعة بجامعة طنطا، أن عددا كبيرا من المصريين يسيرون خلف الخرافات والخزعبلات والأمور التي تخرج عن القرآن الكريم والسنة النبوية, مضيفا أن العرب قبل الإسلام كان لديهم تقاليد ومعتقدات كثيرة وكانوا يؤمنون بالخرافات، لكن عندما نزل الإسلام نهي عن كل ذلك، وحث علي الأخذ بالأسباب الكونية، لذا فإيمان البعض بما يتردد أن البقرة المبروكة تشفي من الأمراض أو غيرها، يدل علي غياب الوعي الثقافي والديني أيضا, ويدل علي فهم الدين بصورة خاطئة تماما, مطالبا الأزهر بضرورة توعية المواطنين من الخرافات التي أدت إلي تراجعنا عن جميع دول العالم التي تعتمد علي الأبحاث العلمية أولا وأخيرا. وأكد الدكتور رمزي حسنين، طبيب نفسي: «رغم التقدم والثورة التكنولوجية التي نعيشها الآن, إلا أن حالة الشعب المصري أصبحت تزداد سوءا؛ بتصديق الخرافات والسير خلف الخزعبلات», موضحا أن الأمر لا يقتصر علي البسطاء أو غير المتعلمين فقط، بل وصل إلي طبقات راقية. وأضاف حسنين أن تصديق المواطنين للخرافات يعود إلي سببين رئيسيين، أولها الإحباط الذي يعاني منه المواطن الكادح، فعندما يسمع مواطن بسيط أن هناك بقرة تشفي من فيروس سي، سوف يهرول للحصول علي جزء منه؛ لأنه لا يملك ثمن العلاج الحقيقي، أي أن المواطن البسيط يحاول تطبيق نظرية الاستغناء عما يكلفه أموال طائلة, والسبب الثاني الذي يدفع المصريون إلى السير وراء الخرافات، انتشارها عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. واختتم: «علي الدولة ضرورة وأد تلك الخزعبلات قبل أن تنتشر الفتنة في القرية التي قد تؤدي إلي اقتتال المواطنين للحصول علي بضع قطرات من لبن البقرة، وعلى مؤسسة الأزهر أيضا دور كبير لمحاربة الخرافات».