الجبهة الشعبية من أبرز التنظيمات اليسارية التي تتبنى الكفاح المسلح لتحرير فلسطين، وقد اشتهرت برفضها للاتفاقيات التي تراها تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني، فقد عارضت بشدة في فترة السبعينات اتفاقية "كامب ديفيد" التي أجراها الرئيس الراحل أنور السادات مع إسرائيل، كما عارضت الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل المتمثلة باتفاقية "أوسلو"، وما تمخض عنها حتى الآن. فى 11 ديسمبر سنة 1967، تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهى حزب يساري فلسطيني متأثر بالشيوعية، من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، أسسها الدكتور جورج حبش، ومصطفى الزبري المعروف بأبو علي مصطفى، وقامت على أفكار ماوتسي تونج، وفي بدايتها تحولت إلى منظمة ماركسية لينينية بالفهم السوفييتي، ثم أصبحت فقط تسترشد بالفكر الماركسى اللينينى. اشتهرت في السبعينات بعمليات خطف الطائرات ونسف المطارات والسفارات واغتيال القادة الصهاينة، وتعتبر ليلى خالد، أول امرأة تختطف طائرة في العالم، وبالرغم من أن الإعلان عن تأسيس الجبهة الشعبية تم بعد نصف سنة من "نكسة" يونيو في العام 1967، إلا أنها تعتبر امتدادا لحركة القوميين العرب التي تجلت في الخمسينات والستينات من القرن المنصرم، وقدمت مع مكوناتها التنظيمية آنذاك التعبير الثوري للفكر القومي والذي أسس لحركة اليسار الفلسطيني بأعلى وتيرته الثورية في فلسطين بعد النكسة. تمتعت الجبهة الشعبية بقدر كبير من الديناميكية الفكرية، أهلتها أن تستفيد من رصيد الثورة الشيوعية الصينية والسوفيتية دون أن تتكلس بقوالب مسبقة الصنع، فقد بدأت من ملتزم بالفكر الماركسي اللينيني متقيد بأدبيات ماو تسي تونغ، إلى متحرر من النص مسترشد بالتجربة العملية، وصولا إلى الانفتاح على الثورة والتجربة الإسلامية، وتكيفا مع خصائص الشعب الفلسطيني بانتمائه العروبي وهويته الحضارية الإسلامية. منذ تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحتى يومنا هذا، تعاقبت على الحركة أجيال من المقاومين، على رأسهم مؤسسها وأمينها العام السابق جورج حبش، ومصطفى الزبري المعروف ب"أبو علي مصطفى"، وصولاً إلى أحمد سعدات، الأمين العام الحالي للجبهة. ناضلت الجبهة على مر الأعوام الماضية من أجل طرد المحتل وتقرير المصير وحق العودة والاستقلال، مثلما ناضلت من أجل حقوق الفقراء من العمال والفلاحين وكل الكادحين، علاوة على نضالها من أجل الحريات الديمقراطية، فقدمت الجبهة مئات الشهداء وآلاف المعتقلين والمعتقلات. انضمت الجبهة الشعبية إلى منظمة التحرير الفلسطينية عام 1968، وكان أمينها العام منذ التأسيس وحتى عام 2000 هو جورج حبش، ثم تنحى ليتستلم مصطفى الزبري، منصب الأمين العام من بعده حتى اغتياله في 27 أغسطس 2001، قبل أن يشغل منصب الأمين العام أحمد سعدات، الذي اعتقل في سجن أريحا الفلسطيني. اشتهرت الجبهة في حقبة السبعينات بعمليات نوعية، من خطف الطائرات ونسف المطارات واقتحام ونسف السفارات واغتيال القيادات الإسرائيلية، حيث كانت الجبهة الشعبية أول من ابتكر خطف الطائرات، وتعتبر ليلى خالد، أول امرأة تختطف طائرة في العالم، ففي 29 أغسطس 1969 قامت ليلى، بمساعدة أحد المقاومين بخطف طائرة ركاب أمريكية للرحلة رقم 840 خط لوس أنجلوس تل أبيب، حيث قاما بالصعود إلى الطائرة عند مرورها من روما، وبعد نصف ساعة قاما بتغيير مسار الرحلة إلى دمشق بسوريا، وأخرجا الركاب ال116 قبل أن يفجرا الطائرة. فضلا عن ذلك، نفذ قياديو الجبهة عدة عمليات داخل تل أبيب وفي حيفا، وقاموا بتصفية العديد من الجواسيس الصهاينة، وخاضت الجبهة عدة معارك أشهرها معركة "مخيم العين"، وكانت آخر عملياتها تلك التي قامت بها في مدينة القدس عندما استهدفت كنيسًا يهوديًا وأوقعت خلالها 5 قتلى و8 جرحى يوم 18 نوفمبر الجاري. مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000، بدأ نشاط المقاومة يزداد بمهاجمة دوريات الاحتلال، وبتفجير عبوات ومهاجمة المستوطنات، ومهاجمة الحواجز العسكرية الإسرائيلية، فقررت الجبهة الشعبية تأسيس ذراع عسكري لها يتخصص في العمليات العسكرية أسمته "قوات المقاومة الشعبية". في عام 2001 اغتيل أمينها العام أبو علي مصطفى، وتم تغيير اسمها من قوات المقاومة الشعبية إلى "كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، وقامت بالرد والانتقام بعد 40 يوما، فاغتالت الكتائب وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي، وفجرت موقع "نحل عوز" العسكري الإسرائيلي، كرد على اغتيال أبو علي مصطفى.