«داعش ليسوا كفارًا» .. فتوى أصدرها مجددا الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أثارت جدلا واسعا فى الأوساط الدينية؛ كونها تصطدم بالجرائم والآثام التى يرتكبها التنظيم الإرهابى من قتل وحرق وسبى للنساء وانتهاك الأرض والعرض واستباحة الدماء التى حرمها المولى عز وجل. وعن حديث شيخ الأزهر مجددًا ثارت التساؤلات، لماذا تؤكد مؤسسة الأزهر على عدم تكفير داعش، وما حجتها؟، ومن جانبه، يوضح الدكتور عثمان عبد الرحيم القميحي، الأمين العام للهيئة العالمية لجودة الدعوة الإسلامية وتقييم الأداء، عن الحالات التى إذا تحققت يتم فيها تكفير داعش. يقول "القميحي" إن الطائفة التي يطلق عليها تنظيم داعش، مزقت العالم العربي والإسلامي بصورة لم يقدر على فعلها اليهود في أوج مجدهم، ويجب النظر في مدى صلتهم بالإسلام بعد تغير الزمان والمكان والأحوال بصورة يتغير معها الحكم الشرعي نظرا لاختلاف واقعه، لا سيما بعد حدوث تطورات أدت إلى تغير مناط الحكم، موضحا أن هناك 5 أسباب تدفعنا إلى تكفير داعش. تمويل الغرب أكد "القميحي" أن هناك إجماعا من أهل السياسة على حضور البعد التآمري في نشوء واستمرار وتمويل تنظيم داعش من بعض الجهات الغربية، أفلا يكون لذلك ظل في تجديد النظر في الحكم عليهم من باب مظاهرة غير المسلمين على المسلمين. تطور مفهوم الانتساب إلى الإسلام ورأى "القميحي" أن مفهوم "الانتساب إلى الإسلام" شهد تطورًا كبيرًا، حيث كانت قضية تكفير شخص ما أو جماعة من عدمها سابقا، تفهم في إطار فقهي بين نخبة علمية تدور رحاها حول تمتعه ببعض الحقوق والواجبات كالميراث والدفن والتغسيل والتكفين في مقابر المسلمين، وهي في النهاية حالة فردية، أما الآن تغير الواقع وأصبح عدم التكفير يعني عند غير المسلمين منح الغطاء الانتمائي وإقرار الأفعال وتفهم الدوافع، لا سيما إذا كانت أفعاله متعلقة بمصائر غير المسلمين وحياتهم، ثم إن عقلية غير المسلم لا تعرف دقة المفاصلة المستقرة في أذهان علماء المسلمين التي تفرق بين حالة الكفر وحالة الفسق وحالة البغي ومقتضيات كل حكم هو سيأخذ رأس الكلام ويمضي وهي انك لم تكفره اي مازال منتسبا إلى الدين ويتمتع بحقوقه وواجباته أفلا يكون كل ذلك دافعا لإعادة النظر في حكم تنظيم داعش من باب الصد عن سبيل الله؟ لا سيما مع اعتبار الشارع لمآل نظرة غير المسلمين إلى تصرفات المسلمين كما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدم قتله لعبد الله بن أبي بن سلول "مخافة أن يقال إن محمدا يقتل أصحابه. إسرائيل في مأمن من داعش وتساءل الأمين العام للهيئة العالمية لجودة الدعوة الإسلامية: ماذا يعني أن نرى أمام أعيننا تدمير دول مسلمة، والعمل على انهيار جيوش لها تاريخ طويل وخبرة عريقة في مقاتلة إسرائيل، وحماية المجتمعات الإسلامية، في الوقت الذي لم يقتل فيه إسرائيلي واحد ولم يفجر داعشي نفسه في أي مدينة إسرائيلية، وما سيبنى على ذلك من سيطرة جيوش غير مسلمة على ديار الإسلام والتحكم في قرارها كما في حدث في سوريا والعراق وليبيا ثم نقول بعد كل ذلك هؤلاء مسلمون.. فأي إسلام؟ وهل من يفعل كل ذلك مسلم؟ صحيح أن الخوارج لم يكفرهم أكثر العلماء، غير أن الخوارج كانت حالة إسلامية داخلية تختلف عن حالة داعش لا سيما في مآل أفعالهم وتصرفاتهم التي تؤول وتنتهي قطعا إلى ضياع الدول وهتك الأعراض وتمكن غير المسلمين من ديار المسلمين تحت دعاوى التدخلات الدولية، أفلا يكون ذلك دافعا لإعادة النظر في مدى انتسابهم إلى الإسلام؟!. تكفير الخوارج «النموذج التاريخي لداعش» وأشار "القميحي" إلى أن قضية تكفير الخوارج أقرب نموذج تاريخي لداعش، ليست من مواطن الأحكام المستقرة أو القضايا القطعية حتى يقال لا علاقة لها بالتجديد، إنما من موارد الخلاف بين الأمة، فمن العلماء من كفرهم ومنهم من لم يقطع بتكفيرهم، موضحا أن تكفير الخوارج "النموذج التاريخي لداعش" له حججه القوية وهي أحاديث المروق المشهورة عند علماء الفرق، رادين الخوارج إلى سلفهم القديم ذي الخويصرة وموقفه الخاطئ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أقرب إلى الدلالة القطعية "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية"، فشبه خروجهم من الدين بخروج السهم المصاد به الحيوان منه، وفى أحاديث أخرى "شر قتلى تحت أديم السماء" ومعلوم أن شر القتلى وشرار خلق الله هم الكفار، وأيضا "لأقتلنهم قتل عاد وثمود" ومعلوم ضرورة كفر عاد وثمود. حدثاء الأسنان الذي يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وتابع "القميحي" أن قضية تكفير داعش ليست لها علاقة بالمستقر في اعتقاد أهل السنة والجماعة من عدم تكفيرهم لمرتكب الكبيرة ما لم يستحلها، إنما من باب خصوصية ورود أحاديث الفرق خاصة متعلقة بحال فريق من المسلمين حدثاء. وقال إنه يتلبس داعش بممارسات تعد إلى الكفر أقرب منها إلى الفسق أو البغي كاستحلال دماء المخالفين والعاملين في نظام الدولة كالجيش والشرطة والقضاء، وصارف الكفر هنا شبة التأويل، وفي ظل الواقع المعاش ينتفي التأويل المستساغ أو المقبول الذي زال بانتشار العلم وذيوعه. وأوضح أن جهات تكفير الأعيان هي ساحات القضاء التي تستوفي إجراءات إقامة الحجة بصورة تبرأ معها الذمة ويتحقق بها الإعذار إلى الله تعالى وليست الجهات العلمية او الفكرية، وأن تكفير أعيان داعش لا يكون من جهة التكفير بارتكاب الكبيرة، وإنما من جهة خصوصية أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن قوم مخصوصين وصفهم بقوله "حدثاء الأسنان الذي يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".