شهدت الحدود التركية السورية تطورًا خطيرًا خلال الفترة الأخيرة إلا أن التطور الأبرز كان أمس بعد إسقاط طائرات تركية من طراز "إف 16′′، طائرة حربية روسية، ما يمثل تصعيدًا لتركيا أمام الغارات التي تشنها موسكو على داعش منذ أكثر من شهر. وأمام استحالة الرد العسكري الروسي بضرب المناطق التركية كرد فعل على إسقاط الطائرة الروسية، والدخول في حرب طويلة الأمد ما قد يؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه، رصدت "البديل" الردود الروسية المحتملة والتي قد تكون موجهه لأنقرة سياسيًا بشكل غير مباشر. ورقة الأكراد ضد النظام التركي يرتبط الصراع الداخلي في تركيا بين الأكراد والحكومة التركية بالصراع الدائر خارجيًا، فارتباط الأكراد بحلمهم التاريخي بإنشاء دولة كردية يضم أكراد تركياوسوريا وباقي المنطقة، وتعتبر القشة التي تقسم ظهر الدولة التركية، ويرى محللون أن هناك تخوف تركي من استغلال روسيا لهذا الوضع لتكون ورقة تستخدمها ضد "أردوغان" بعد إسقاط الطائرة الروسية، فبعد ما شهده الوضع في مدينة تل أبيض بريف محافظة الرقة السورية، باتت الأحداث هناك تشكل تهديداً لتركيا، خاصة بعد إعلانها منطقة إدارة ذاتية من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، لاسيما وأن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بمثابة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني المسلح ذو الطابع اليساري الذي يقوم على أساس القومية الكردية بهدف إنشاء دولة كردستان المستقلة. وكان نائب وزير الخارجية الروسي، أليكسي ميشكوف صرح لوكالة "تاس" الروسية للأنباء أن موسكو مستعدة للتعاون مع كل القوى البناءة في محاربة تنظيم داعش بسوريا، بمن فيهم الأكراد، ولفت إلى أن روسيا لا تمد أكراد سوريا بالسلاح. تصعيد العمليات العسكرية في سوريا رد روسيا على هذه الضربة سيكون أيضا عبر تكثيف العمليات العسكرية في سوريا ضد الجماعات الإرهابية، والمنظمات الموالية للحكومة التركية في سوريا، فبعد هذا التصعيد الأردوغاني سيكون أمام روسيا فرصة ذهبية لاستغلاها أمام المجتمع الدولي لتبرير استمرار عملياتها بسوريا، عبر تكثيفها للانتقام من كافة التنظيمات المسلحة. وظهر ذلك جليا في تصريحات دميتري بيسكوف الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي أن بوتين وافق على اقتراح وزارة الدفاع لنشر منظومة "إس-400″ وهي أحدث نظام روسي للدفاع الجوي، في قاعدة حميميم، وكشف بيسكوف أن بوتين لم يبحث موضوع نشر "إس-400″ في سوريا مع زعماء دول حلف الناتو، وشدد على أن العملية الروسية لمكافحة الإرهاب في سوريا مستمرة. وأردف قائلا: الطائرات الحربية الروسية تواصل عملها في سوريا وتدمر البنية التحتية للإرهابيين، وتقطع تدفقات توريدات النفط والمشتقات النفطية غير الشرعية والتي تشكل تغذية مالية للإرهاب.. وفي هذا الحال تتعلق الأولوية بضمان أمن طيارينا والطائرات التي تشارك بالعملية. كشف تعاون تركيا مع الإرهابيين في سوريا أمام روسيا فرصة أيضًا لشرح ما تصفه بدوافع تركيا وراء إسقاط الطائرة الروسية، فبعد سقوط الطائرة بساعات خرج رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف ليؤكد أن إسقاط الطائرة الحربية الروسية في أجواء سوريا من قبل سلاح الجو التركي جاء في إطار سعي أنقرة للدفاع عن تنظيم داعش الإرهابي. وأضاف رئيس الوزراء بعد عودته إلى روسيا إثر جولة في منطقة جنوب شرق آسيا، أن ما أبدته أنقرة من حماية ل"داعش" أمر غير مثير للاستغراب نظرا لمصالح مالية مباشرة لبعض المسئولين الأتراك ترتبط بتوريدات المشتقات النفطية المنتجة في الورش الخاضعة لسيطرة داعش. وقال "مدفيديف" تصرفات تركيا التي أسقطت الطائرة الحربية الروسية أدت إلى 3 عواقب أولية، ومنها، أولا التصعيد الخطير في العلاقات بين روسيا والناتو، وهو أمر لا يمكن تبريره بأي مصالح قومية، بما في ذلك الدفاع عن الحدود، كما أن التصريحات الروسية التي اتهمت فيها تركيا بدعم الإرهاب، سيكون لها انعكاسات على مساعي تركيا للانضمام للحلف الذي يحارب تنظيم داعش. محاصرة تركيا عبر الحلفاء الإقليميين الزيارات الأخيرة للقادة الروس بمنطقة الشرق الأوسط تؤكد أن هناك تحالفات مع موسكو مناوئة للحكومة التركية، إلا أن ما حدث بالأمس على خلفية إسقاط الطائرة الروسية سيدفع موسكو إلى دعم حلفائها في المنطقة والذين يحملون مواقف متناقضة مع تركيا في أغلب قضايا المنطقة مثل مصر وإيران. وشهدت الأيام القليلة الماضية عدة زيارات للمسئولين الروس، كان أهمها زيارة للرئيس "بوتين" إلى إيران لحضور قمة منتدى الدول المصدرة للغاز، وتوطيد العلاقات مع إيران التي تعتبر غريم تركيا الأول في المنطقة، كما زار وزير الدفاع الروسي القاهرة لبحث التعاون العسكري مع المسئولين المصريين.