يقف رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" مكبل اليدين أمام رفض البرلمان البريطاني منحه فرصة التدخل في سوريا، حيث يسعى "كاميرون" بشكل حثيث ليسير على نهج حلفائه في التحالف الأمريكي، لكن جهوده دائمًا ما تصطدم برفض البرلمان، وهو ما دفعه إلى محاولة الالتفاف على هذا الرفض المتكرر. تجدد المحاولات رغم فشل "كاميرون" المتكرر في إقناع البرلمان البريطاني بوجهة النظر الحكومية، لم يفقد رئيس الوزراء البريطاني الأمل وأصر على الدخول في محاولة جديدة قد تنجح هذه المرة، حيث كشف "كاميرون" أنه سيدعو البرلمان للموافقة على دخول الحرب على داعش في سوريا والعراق من جديد، محاولًا استمالة أعضاء البرلمان للتصويت لصالح القرار من خلال ترهيبهم بأن أمن بلاده وسلامتها يتوقفان على العمل مع حلفائها، لافتاً إلى أن بريطانيا ستستثمر في وكالات الاستخبارات لمكافحة التهديدات الإرهابية. تصطدم رغبة "كاميرون" دائمًا بقرار لجنة الشئون الخارجية في مجلس العموم البريطاني بعدم الإقدام على توجيه ضربات لتنظيم "داعش" في سوريا دون وجود استراتيجية واضحة للتعامل مع الأزمة السورية، وهو ما دفع رئيس الوزراء البريطانى إلى وضع استراتيجية مستقبلية فيما يتعلق بالأوضاع الراهنة فى سوريا والسياسة التي ستتبعها بريطانيا مع تنظيم داعش المسلح فى المنطقة، وذلك بغرض تفادي الرفض البرلماني مجددًا. معارضة البرلمان البريطاني تأتي متناغمة مع معارضة رئيس حزب العمال "جيريمي كوربين" اتخاذ أي خطوة عسكرية فى الأراضى السورية وعدم المشاركة فى الضربات الجوية الموجهة ضد تنظيم داعش هناك، ولكن "كوربين" اضطر إلى فتح المجال لأعضاء الحزب وترك لهم حرية التصويت على هذا الأمر إما بالرفض أو بالقبول، وفي الوقت نفسه أكد "كوربين" أنه يدعم أى قرار سيساعد على حماية الشعب البريطانى ولكن ذلك لا ينفى من ضرورة أتباع سياسة منظمة خاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها باريس مؤخرًا حتى لا تغرق بريطانيا فى بحر من العنف. وعلى صعيد آخر؛ يرى وزير الدفاع البريطانى الأسبق "ليام فوكس"، أنه على لندن أن تفكر مجددًا فيما يتعلق بمشاركتها فى الائتلاف المشكل ضد داعش، وألا تعمل على إرسال قواب برية إلى دمشق، وذكر "فوكس" أن الائتلاف الدولى لابد وأن يكون مثل الائتلاف الذي أجبر "صدام حسين" للخروج من الكويت، وبذلك نكون على ثقة من القدرة على هزيمة مسلحى تنظيم "داعش". محاولات التفاف في ذات الإطار حاول "كاميرون" الالتفاف على رفض البرلمان، حيث أعلن "كاميرون" أنه وضع قاعدة جوية بريطانية في قبرص تحت تصرف فرنسا لتوجيه ضربات لتنظيم "داعش"، وذلك بعد لقاء جمعه بالرئيس الفرنسى "فرنسوا أولاند"، وقال "كاميرون": اقترحت على الرئيس استخدام قاعدة اكروتيري من قبل الطيران الفرنسي المشارك في العمليات ضد داعش، ومساندة إضافية لتزويد الطائرات بالوقود جوًا، وأشار إلى أنه مقتنع بأنه يجب على بلاده الانضمام إلى فرنسا وشركاء آخرين في شن ضربات جوية بسوريا بهدف هزيمة "داعش". أسلحة "كاميرون" في مواجهة البرلمان كشف تحقيق سري للقناة البريطانية الرابعة، أن خلية نسائية كانت تنشط بالبلاد لاستقطاب شابات مسلمات، وتشجيعهن على الالتحاق بداعش، ونقلت صحيفة "تليجراف" البريطانية عن التحقيق، أن الخلية كانت تعقد اجتماعات في أماكن مغلقة بشمالي لندن، وتظهر فيها الحاضرات ولائهن للتنظيم المتطرف، وتوعدهن لبريطانيا، وكانت سيدة تقطن في بيت بمفردها تتولى عملية الاستقطاب إلى جانب أخريات يعشن في مكان مشترك، فيما انعقدت إحدى الجلسات داخل مركز تموله الحكومة المحلية، وأظهرت كاميرا جرى تثبيتها في إحدى أماكن الاجتماعات، طفلات في مقتبل العمر يشتمن أقليات دينية، ويظهرن كرهًا لبريطانيا. على إثر هذا التقرير قامت الشرطة البريطانية، بالتحقق من الصور التي جرى الحصول عليها، وجرى كشف الخلية عن طريق اختراقها من قبل ناشطة مسلمة، برعاية من القناة البريطانية الرابعة، وتقول إحدى القياديات في المجموعة المتطرفة لمن حضرن أحد دروسها، إن الأخبار الجيدة بدأت تتوالى بعدما جرى تأسيس ما تقول إنها "خلافة" على يد داعش. تقرير القناة البريطانية الرابعة يمثل ثقلا لحملة رئيس الوزراء "ديفيد كاميرون" لتوسيع نطاق الضربات الجوية البريطانية ضد التنظيم المتشدد لتشمل سوريا، فيبدو أن "كاميرون" سيستغل مثل هذا التقرير لإقناع برلمان بلاده بأن الخطر الداعشي يلامس الحدود البريطانية بل يخترقها ليصل إلى عقد اجتماعات لعناصر تابعة للتنظيم داخل البلاد. في نفس الإطار كشف استطلاع للرأي أعدته مؤسسة "كوم ريس" أن نحو ثلثي البريطانيون يؤيدون نشر جنود بريطانيين على الأرض لمحاربة تنظيم "داعش"، حيث يؤيد 60 % ممن استطلعت آراؤهم وعددهم 1061 أن تنفذ بريطانيا ضربات جوية في سوريا، بينما يوافق 59% على أن تقاتل قوات برية بريطانية مع حلفاء في حرب برية ضد "داعش"، وعبر 68% من المشاركين عن دعمهم لإرسال الأممالمتحدة قوات برية لمحاربة التنظيم، لكن 35% قالوا إن احتمال أن تتعرض بريطانيا لهجوم إرهابي سيزداد إذا قامت بعمل عسكري ضد تنظيم "داعش". محاولات "كاميرون" قد تكون انعشتها النشاطات الفرنسية الملموسة في سماء سوريا بعد هجمات "باريس"، لكنها ليست وليدة اللحظة، بل بدأت مع انطلاق التحالف الأمريكي لمكافحة "داعش" سوريا والعراق، فحينها وافق مجلس العموم البريطاني على المشاركة فى ضرب "داعش" بالعراق جويًا، وفي وقت لاحق سعى "كاميرون" إلى إقناع المجلس بتوسيع نشاط الطيران البريطاني ليشمل سوريا أيضًا، لكن جهوده باءت بالفشل، حيث صوت نواب البرلمان ضد إتخاذ قوات الجيش البريطانى لأي خطوة عدائية ضد الحكومة السورية عام 2013.