لاتزال هجمات باريس تلقي بظلالها على الاجتماعات الدولية، فبعد أن اتفقت القوى الدولية على توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب في مؤتمر "فيينا3″ الخاص بسوريا، عادت القوى الدولية من جديدة لتؤكد الأمر نفسه في مؤتمر "قمة العشرين" الذي تستضيفه تركيا لمدة يومين. جدول أعمال قمة العشرين جاء مُثقل بالعديد من القضايا الإقليمية والأزمات الإنسانية، حيث كانت الأزمة السورية على رأس القمة كما جاء في القمة مناقشة أزمة اللاجئين وقضايا المناخ، وما أضيف لكل هذا الجدول من الهجمات الدموية التي وقعت في فرنسا قبل يومين من القمة. أجواء القمة جاءت متوترة بعض الشيء، حيث ألغى الرئيس الفرنسي "فرنسوا هولاند" مشاركته في القمة على إثر الاعتداءات التي وقعت في بلاده، كما غابت رئيسة الأرجنتين "كريستينا كيرشنر" عن الحضور بسبب الانتخابات. من جانبها؛ شددت السلطات التركية الإجراءات الأمنية، خاصة أن القمة تأتي بعد يوم من وقوع تفجير انتحاري نفذه أحد أعضاء تنظيم "داعش" الإرهابي في مدينة "غازي عنتب" بجنوبي تركيا، وهو ما دفع السلطات الأمنية إلى فرض المزيد من تدابيرها الأمنية المشددة، حيث بلغ عدد رجال الشرطة 14 ألف و400، منهم 1400 من شرطة المرور، و13 ألف من الشرطة المدنية الذين يتولّون حماية 25000 مشترك في القمة، ولتجنّب حدوث أي عقبات تم تكليف 270 مرافقًا و1400 شرطي مرور بالعمل على مدار 24 ساعة، كما تم إعلام جميع الفنادق التي لا تمتلك بطاقات اعتماد، ورابطت وحدات من القوات الخاصة التركية على أسطحة الفنادق القريبة من المجمع الذي يستضيف اللقاء بين الرئيس التركي ونظيره الأمريكي، كما شددت القوات التركية البحرية والجوية، من إجراءاتها الأمنية بالقرب من المجمع الذي يعقد فيه الرئيس التركي لقاءات ثنائية مع كل من الرئيس الروسي والعاهل السعودي والرئيس الصيني. اللقاءات الثنائية التي جاءت على هامش قمة العشرين خطفت الأنظار إليها أكثر من القمة نفسها، حيث اجتمع الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" مع نظيره الأمريكي "باراك أوباما"، وخلال اللقاء تعهد الأخير ب"مضاعفة الجهود" للقضاء على تنظيم "داعش"، وقال "أوباما" في ختام لقاء مع نظيره التركي "رجب طيب أردوغان"، على هامش القمة، "سنضاعف الجهود مع الأعضاء الآخرين في الائتلاف ضد داعش، لضمان انتقال سلمي في سوريا والقضاء على داعش"، وأضاف أنه ناقش مع الرئيس التركي تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود التركية السورية. وعلى صعيد متصل؛ ألتقي الرئيس الروسي زعماء وقادة تركيا وألمانيا والصين وبريطانيا وإيطاليا والسعودية، إضافة إلى قادة بلدان "بريكس"، حيث ألتقى "بوتين" في اليوم الأول للقمة نظيره الصيني "شي جين بينغ"، ورئيس وزراء اليابان "شينزو آبي"، ورئيسة صندوق النقد الدولي "كريستين لاغارد"، كما التقى الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، وكذلك المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل"، والرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، وفي اليوم الثاني والأخير للقمة والذي يُكرس لمسائل إصلاح صندوق النقد الدولي والتجارة العالمية والطاقة، يلتقي "بوتين" برئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" ورئيس الوزراء الإيطالي "ماتيو رينزي"، كما يلتقي العاهل السعودي "سلمان بن عبد العزيز". تعتبر قمة العشرين هي المناسبة الأولى التي تجمع الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" ونظيره الروسي "فلاديمير بوتين" منذ بدء المشاركة العسكرية المباشرة الروسية في سوريا، حيث أن الزعيمين ألتقيا أيضًا على هامش القمة بشكل عفوي ودون تنسيق مسبق، إذ لم يعلن أي من الجانبين الروسي أو الأمريكي أن الزعيمين سيلتقيان خلال القمة، ولكن كاميرات الصحافة رصدتهما داخل صالة الفندق الذي تعقد فيه القمة وهما يتحدثان بشكل غير رسمي برفقة مترجميهما فقط بعد غداء العمل، واستمر اللقاء نحو عشرين دقيقة، وبحثا خلاله الوضع في كل من سوريا وأوكرانيا. قال مساعد الرئيس الروسي"يوري أوشاكوف" إن موسكو وواشنطن متقاربتان في الأهداف الاستراتيجية لمحاربة الإرهاب "داعش" ومختلفتان في التكتيك، وأشار إلى أن الزعيمين تبادلا وجهات النظر بخصوص هجمات باريس الأخيرة، والتهديدات الإرهابية الأخرى. من جانبه صرح المتحدث باسم البيت الأبيض أن الرئيس الروسي ونظيره الأمريكي، لفتا إلى التقدم الدبلوماسي الذي تم تحقيقه مؤخرًا في محادثات فيينا حول سوريا، وأضاف أن الزعيمين أكدا أن حل الأزمة السورية أصبح أكثر إلحاحًا بعد هجمات باريس، واتفقا على ضرورة وقف إطلاق النار في سوريا والبدء بالحوار بين الأطراف برعاية أممية، وأشار إلى أن بوتين وأوباما اتفقا على أن "التحول السياسي في سوريا يقرره السوريون بأنفسهم". خرجت الدول المجتمعه بمسودة بيان لكنها ليست ختامية، حيث جاءت في المسودة ضرورة تقاسم الأعباء فيما يتعلق بأزمة اللاجئين في أوروبا، وأشارت مسودة البيان إلى ضرورة تقاسم العبء بين كل الدول، من بينها إعادة توطين اللاجئين وسائر أشكال المساعدة الإنسانية مع إبراز أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا.