لعب المقاول الصغير دورًا بارزًا في إنشاء "مصر الجديدة" خلال التسعينيات، والتى ظلت لفترة كبيرة أرقى أحياء مصر، بل وصفها البعض بالمدينة الفاضلة، حتى أتت شركات المقاولات الكبرى، بعد أن أممتها الدولة، واستحوذت على كل المشروعات العقارية، دون النظر لأهمية دور المقاول الصغير، رغم أنه نواة أي تنمية. واليوم اختفى المقاول الصغير تمامًا، في ظل إهمال الدولة وعدم قدرته على منافسة الكيانات الكبرى الأجنبية والمحلية، حتى طالبت جمعية رجال الأعمال بضرورة طرح الدولة للأراضي الصغرى المتراوحة مساحتها بين 500 و1000 متر بنظام التخصيص المباشر، كما طالب المقاولون بثورة تصحيح في الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، للنهوض بالاقتصاد المصري وإعادة مصر للصدارة في مجال المقاولات. وطالب المهندس داكر عبد اللاه، عضو لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين وعضو الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، وزارة الإسكان بطرح الأراضى ذات المساحات الصغرى للمقاولين الصغار بالتخصيص المباشر دون اتباع القرعة؛ لإضرارها بالقطاع العقارى فى السنوات الماضية. وأشار عبد اللاه إلى أن استخدام التخصيص المباشر للأراضى المتراوحة مساحتها بين 500 و1000 متر يسهم فى تلبية الطلب المتزايد على الأراضى وسد الاحتياجات الحقيقية للعملاء. ولفت إلى مساهمة زيادة المطروح أيضاً فى إنعاش خزينة الدولة من مقدمات حجز العملاء لتلك الأراضى، وتوفير الأموال اللازمة لإتمام عمليات الترفيق والتنمية ورفع الأعباء عن كاهلها، مشيراً إلى ضرورة تحديد المدة الزمنية لتسليم الدولة للأراضى بعامين إلى 3 أعوام؛ لإتاحة فرصة للترفيق، مع التزام العملاء فى المقابل بدفع مقدمات الحجز وجميع المبالغ المحددة؛ لضمان الحفاظ على حقوق الدولة. وأكد عبد اللاه أن اتباع القرعة أدى إلى رفع أسعار الأراضى وانتشار عمليات المضاربات والتسقيع وعدم وصولها إلى مستحقيها، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار الأراضى الصغرى نتيجة المضاربات ينتقل بالتبعية إلى الأراضى الكبرى والوحدات السكنية؛ مما يضر بالمواطن فى النهاية. وأوضح عبد اللاه أن عودة التخصيص المباشر لتلك المساحات ستسهم فى تلبية احتياجات شريحة كبرى من العملاء وتشجيع محور الإسكان العائلى مجدداً، بالإضافة لضبط الأسعار تلقائيًّا، مع زيادة القطع المطروحة وسد احتياجات السوق. وشدد عبد اللاه على أن الدولة تمتلك مساحات شاسعة من الأراضى فى أنحاء الجمهورية، تتطلب تنميتها واستقطاب الكتل السكانية إليها واتباع آليات جاذبة؛ لحصول العملاء على أراضٍ. وقال المهندس محسن يحيى، رئيس مجلس إدارة الدار الهندسية للمقاولات والهندسة وعضو اتحاد المقاولين المصريين، إن الحكومة الحالية لا تهتم بالمقاول الصغير، والشكاوى لن تجدى نفعًا، مؤكدًا أن اتحاد المقاولين فشل فى تطوير مهنته واسترجاع حقه. وانتقد يحيى عقود الإذعان بين شركات المقاولات الكبرى والمقاولين الصغار، والتي تهدر حق المقاول وتجعله ضحية، فالدولة تقاعست عن حمايته، في ظل تجاهل اتحاد مقاولي التشييد والبناء له، حتى إن آلاف المقاولين عزفوا عن المهنة، واتجهوا لأنشطة أخرى، ومنهم من انهار تمامًا، بعدما ضاعت مستحقاته لدى الشركات الكبرى والدولة. ولفت يحيى إلى أن أي كارثة يتعرض لها الاقتصاد المصري، سواء كانت كارثة طبيعية مثل السيول والأمطار، أو اقتصادية مثل الأزمة المالية العالمية عام 2008، لا يتحملها سوى المقاول الصغير، فهو لا يملك أن يطالب بحقوقه؛ لأنه يعمل من الباطن، والدولة لا تحميه.