تضاءلت الإعانات المالية التي كانت تتلقاها السلطات المصرية من السعودية والكويت والإمارات، وينخفض بعجلة متسارعة الرصيد الأجنبي من الدولارات أو ما يسمى بالاحتياطى الأجنبي لدى البنك المركزي، وتتجه الحكومة المصرية للاستدانة من الخارج. وقال المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، أمس، إن مصر تعاني من شح في الموارد الدولارية، وتسعى لجمع 4 مليارات دولار من الخارج قبل نهاية 2015، من خلال اقتراض 1.5 مليار دولار من البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية، بجانب طرح أراض للمصريين في الخارج بقيمة 2.5 مليار دولار. وتأتي تصريحات "إسماعيل" بعدما أعلن البنك المركزي الأربعاء الماضي، هبوط احتياطيات البلاد من العملة الصعبة بنحو 1.761 مليار دولار في سبتمبر، مقارنة بالشهر السابق لتصل إلى 16.335 مليار دولار، ما يثير التكهنات حول ما إذا كان البنك المركزي يستطيع دعم الجنيه المصري الذي يتأرجح في نطاق محكوم أمام الدولار، وعما إذا كان انخفاض الرصيد الأجنبي سيجبر الحكومة على خفض قيمة الجنيه مجدداً خلال الشهور المقبلة. ورفع المضاربون في السوق السوداء، وسط هذه المخاوف، سعر الصرف إلى نحو 8.20 جنيهات للدولار، وانخفاض سعر الجنيه المصري في السوق الموازي الذي يستخدمه معظم المغتربين، سيقود تلقائياً إلى انخفاض تحويلات المغتربين المصريين، خاصة الذين يحولون جزءاً من وفوراتهم بغرض الاستثمار؛ لأن تحويل أموالهم من الدولار أو العملات المرتبطة بالدولار إلى الجنيه، سيعني خسارة جزء منها. وتسعى مصر لاحتواء السوق السوداء للعملة من خلال إجراءات، مثل وضع حد أقصى للودائع الدولارية في البنوك، ما يثير الشكوك من قبل المستثمرين ورجال الأعمال حول إطلاع رجال الأمن على حساباتهم، وتهدد استقلالية النظام المصرفي في مصر. وأوضح رئيس مجلس الوزراء أثناء رده على أسئلة لعدد من رجال الأعمال المصريين والفرنسيين خلال حفل عشاء أقيم ليل السبت الماضى، بحضور رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، الذي شهد توقيع عقد شراء مصر لحاملتي طائرات هليكوبتر من فرنسا، أن مصر تعمل على عدة محاور لتوفير الدولار، سواء من خلال قروض أو بيع أراض أو غيرها. من جانبه، قال الدكتور عبد المطلب عبد الحميد، العميد السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن زيادة سعر الدولار اليوم أمر متوقع، بسبب قلة المعروض منه في السوق، موضحًا أنه يقلل من حجم المديونات المطلوبة من الحكومة للخارج. وأضاف "عبد الحميد" أن قرار البنك المركزي برفع السعر لم يأت من فراغ، فهناك نقص واضح في الدولار بالسوق، وكان لابد من انعكاس الصورة على سعر الصرف. وطالب الخبير الاقتصادي، من الحكومة الحالية بضرورة زيادة الصادرات لسد العجز في الدولار، مؤكدًا أن البنك المركزي يعمل الآن على المضاربة وبقوة، كما أن هناك أياد خفية تعمل على ارتفاع السعر من أجل حصد مكاسب ذاتية، وبالتالى سوف يتسبب في ارتفاع الأسعار وموجة تضخمية جديدة، متسائلًا: الحكومة تصدر أكثر من 75% منتجات خام وأوليه، فلماذا لم يتم تصنيعها كمنتج لزيادة الدخل؟ واصفًا ذلك بمثابة "الخيانة"، وضرب المثل بتركيا أنها تصنع 95% من صادرتها لتعافى الاقتصاد التركى. وأوضح "عبد الحميد" أن قرار البنك المركزي برفع سعر الدولار، بمثابة فرض ضريبة غير مباشرة على المواطن البسيط، مؤكدًا أن السياسات المنفذة تصب في النهاية لارتفاع الأسعار بموجة غير طبيعية.