ازدحمت السماء السورية بالمقاتلات بعضها روسي والآخر أمريكي، وهو ما جعل التنسيق العسكري ضرورة حتمية لتفادي أي تضارب عسكري بين المقاتلات في السماء السورية، وعلى الرغم من إعلان المسئولين الأمريكيين إجراء تنسيقات في أقرب وقت ممكن إلا أن هذه التنسيقات لم تتم حتى الآن. منذ بدء العمليات الروسية في الأراضي السورية، انطلقت تحذيرات الدب الروسي ودعواته المتكررة لأمريكا بإجراء محادثات وتنسيق عسكري منعًا لحدوث أي تصادم أو تشابك في السماء السورية بين المقاتلات الروسية والأمريكية، وحفاظًا على أمن وسلامة طاقمها في السلاح الجوي الذين يحلقون بسرعات كبيرة في المجال الجوي السوري، إلا أن الإدارة الأمريكية تحدت التحذيرات الروسية، وقال مسئولون في الجيش الأمريكي لصحيفة "واشنطن بوست"، إن الجيش الأمريكي قاد طلعة جوية دون التنسيق مع الجانب الروسي أو تحديد موعدها ومكانها، وقال وزير الدفاع الأمريكي "أشتون كارتر"، إن التحالف سيواصل التحليق فوق العراقوسوريا كما هو مخطط، في تحدي واضح للتخذيرات الروسية. لم يمض كثيرا حتى تحققت التحذيرات الروسية، حيث حدثت مواجهة بين سلاح الجو الأمريكي والروسي في سماء سوريا كان ينذر بكارثه كبيرة على الطرفين، فقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن طائرة واحدة على الأقل تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده أمريكا ضد تنظيم "داعش"، اضطرت لتغيير مسارها أثناء تحليقها في الأجواء السورية لكي تتجنب الاقتراب كثيرًا من مقاتلة روسية، وقال المتحدث باسم البنتاجون "جيف ديفيس"، "مرة واحدة على الأقل اضطررنا لأخذ إجراء لتغيير مسار إحدى طائرات التحالف". بحسب مسئول البنتاجون، فإن الحادث يتعلق بطائرتي "أف-16″ أمريكيتين تراجعتا عن مهمة قصف في سوريا كي لا تقتربا كثيرًا من الطائرات الروسية، وذكر "اضطرتا إلى التراجع عن ضرب الهدف"، وأوضح أنه بسبب عدم وجود آلية لتبادل المعلومات مع الروس لتحاشي حصول الحوادث، مشيرًا إلى أن التحالف وضع "قواعده الخاصة به للأمن الجوي"، وأضاف أن المقاتلتين الأمريكيتين انطلقتا من قاعدة انجرليك التركية، وأن قرار التخلي عن المهمة اتخذه الطيارون تطبيقا لهذه القواعد. على الرغم من إعلان المسئولون الأمريكيون والروس مؤخرًا، استعداد بلديهما للتنسيق بخصوص العمليات العسكرية في سوريا، منعًا لحدوث أية صدامات، إلا أن الموضوع لا يزال غير جدي حيث لم ترقى التصريحات إلى مستوى التنفيذ على الأرض، كشف المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "بيتر كوك"، الأسبوع الماضي عن مباحثات أجراها مسئولون أمريكيون وروس، لتأمين سلامة طواقم البلدين الجوية في سوريا، وأكد "كوك" أن "مسئولين عسكريين من الولاياتالمتحدةوروسيا بحثوا على مدى أكثر من ساعة كيفية تحسين سلامة الطواقم الجوية التي تنفذ ضربات جوية متزامنة في سوريا"، لافتاً أنه "اتفق كل طرف على دراسة مقترحات الآخر"، وأردف المسئول أن "الجانبين اتفقا على دراسة المقترحات وتقديم الردود في الأيام القادمة"، في حين أكد وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" على ضرورة إجراء محادثات بين العسكريين بأسرع وقت ممكن"، من جانبه قال وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف"، "اتفقنا على أن يجري العسكريون اتصالات في ما بينهم قريبًا جدًا". يأتي ذلك في الوقت الذي اختتمت فيه روسيا محادثات عسكرية رفيعة المستوى مع إسرائيل بتوجيه دعوة لدول، أخرى بينها الولاياتالمتحدة وتركيا من أجل تنسيق العمليات في سوريا، وناقش البلدان كيفية تجنب أي صدام عارض بينهما أثناء العمليات العسكرية في سوريا، حيث تشعر إسرائيل بالقلق من أن يؤدي الانتشار العسكري الروسي هناك إلى مواجهة غير مرغوب فيها.