"غني يا سمسمية، لرصاص البندقية، ولكل إيد قوية، حاضنة زنودها المدافع، غني للمدافع، وللي وراها بيدافع، ووصي عبد الشافع يضرب في الطلقة مية". صاحبت آلة السمسمية أغاني المقاومة خلال فترات حروب مصر الطويلة ضد العدو الصهيوني، فصارت رمزًا للمقاومة، الآلة التي طالما عبرت عن حياة وأشواق ومعاناة الصيادين في منطقة القناة، كانت أيضا رفيقًا للمهجرين من أهل القناة، والمعبر الحقيقي عن جبهة القتال، واختصرت وجسدت نبض الشعب في "غني يا سمسمية لرصاص البندقية". من أجدر من أهل القناة بالاحتفال بذكري نصر أكتوبر؟ كثير من الأغاني تم تأليفها للنصر عاش منها ما التحم بالحس الشعبي بها، ولكن لأهل القناة حكاية أخرى، فلا يمكن حساب تضحياتهم في سبيل تحرير الأرض، حفظت السمسمية تراثًا شعبيًا ثريًا يحتاج إلى نظرة جادة في الاهتمام به، توثيقه والحفاظ عليه، حيث تمثل فرق السمسمية حالة خاصة جدًا، أجيال مختلفة ترقص وتغني بنفس الحيوية، في ظاهرة لا تتكرر في محافظات أخرى، فرغم كل الصعاب التي واجهها أهل القناة ممن عاشوا على خط النار، إلا أن قدرتهم على الحفاظ على تراكم تراثهم الغنائي مذهلة. الأحد الماضي، نظمت هيئة قصور الثقافة، بالتعاون مع محافظة الإسماعيلية، المهرجان الأول للسمسمية، وهي مبادرة جيدة، شهدت تكريم رموز الفن الشعبي في "القنال"، على رأسهم شاعر المقاومة الكابتن غزالي، قائد فرقة ولاد الأرض في السويس، الذي مازالت كلماته وروحه المقاتلة حية. وكان من المدهش أن تعتبر قامة بحجمه، فنيًا ووطنيًا، تكريمها "كتير عليه"، منشدًا بعفوية أبياتا شعرية عن "الشهيد الذي يضحي ويرحل في صمت"، وإليه أهدى تكريمه. حفل افتتاح المهرجان، بقصر ثقافة الإسماعيلية، حضره المحافظ اللواء ياسين طاهر، وممثل عن القوات المسلحة، والكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، رئيس هيئة قصور الثقافة، وكرم فيه، مع غزالي، يحى مولر، قائد فرقة تراث السمسية بالإسماعيلية. مرسى بركة، أحد رواد فن السمسمية بالإسماعيلية. فوزى الجمل، مطرب فرقة الصامدين بالإسماعيلية. الفنانان حسن سعد وحسن العشري. الشاعر كامل عيد، قائد فرقة شباب النصر ببورسعيد. وفرقة بورسعيد للالات الشعبية. واهدي درع المهرجان لفرقة اولاد مكى، ومنحت شهادة تقدير للفنان محمود السمان، شاعر وملحن. والفنان محمد ميدا، صانع آلة السمسيمية. والفنانان مسعد القص وسيد كابوريا من السويس. والفنان حسن صالح من بورسعيد. واسم الإعلامى الراحل محمود الشرقاوى، احد من كرسوا جهودهم لدعم فن السمسمية، وحفظ هذا التراث الشعبي بمكتبة تليفزيون القنال. وعبر فنانون عن استيائهم من تجاهلهم، منهم أحمد جابر صاحب أغنية "أنا الإسماعيلي". مدير وصاحب فكرة المهرجان، السيد فؤاد، مدير السياحة بمحافظة الاسماعيلية، علق ل"البديل": "يستحيل تكريم كل الفنانين في الدورة الأولى، ولدينا قائمة طويلة من مبدعي هذا الفن الأصيل، ستأخذ حقها المعنوي في الدورات القادمة". وكشف عن استبعاد أسماء رموز راحلين، مؤقتا، مثل الوزيري والعثمانلي، لعدم التمكن من التواصل مع عائلاتهم، وسنستدرك ذلك في السنوات المقبلة. وتعهد بأن تشهد الدورات القادمة مسابقة رسمية تمنح جوائز للفرق الأهلية وفناني مدن القناةعن دعم السمسيمية، لأفضل.. فرقة، عازف، مغن وأشعار. وقال: نتواصل مع نقابة الموسيقيين والمعاهد المتخصصة لضم السمسمية الي فرق الموسيقي العربية. تضمن أوبريت الافتتاح تنويعة من تراث السمسمية، بمشاركة منتخب من فرق الفنون الشعبية في الإسماعيلية وبورسعيد والسويس ووزارة الشباب والرياضة، كتب أشعاره إبراهيم زهران، وصمم استعراضاته عمرو عجمي، وأخرجه ماهر كمال، مدير فرع ثقافة الإسماعيلية. الأوبريت، الذي كان خلفه شعار المهرجان، فنان يحتضن آلته وصياد يلقي شبكته وخلفهما البحر، تضمن رقصات وأغاني في تابلوهات تعبر درامياً عن حياة الصيادين، وعددا من أيقونات تراثها: بتغني لمين, يا ريس البحرية يا مصري, 6 اكتوبر عيد النصر, والحنة السويسي. واختتم الحفل باستعراض لفرقة اطفال الفنون الشعبية بالاسماعيلية حاملين نماذج لآلة السمسمية. علي هامش المهرجان أقيم معرضآ لآلة السمسمية ببهو المسرح ضم نماذج متنوعة للآلة صممها محمد ميدا أشهر صناع الآلة، من الشكل القديم لها بشكل المثلث وصندوق تجويفها المكون من "طبق"، وأخرى صندوقها من المعدن إلى تنويعات لشكل صندوقها الخشبي المزخرف ومن الآلة التقليدية خماسية الأوتار إلى الستة أوتار، والأكبر ب 14 وترا. السمسيمية: آلة وترية مصرية تنتشر في مدن القناة، اصولها تعود للعصر الفرعوني، حيث وجدت رسوم لها علي المعابد. أوتارها عبارة عن أسلاك من الصلب الرفيع، تُشد بشكل قوي على صندوق خشبى، ويتم العزف بالضرب على هذه الأسلاك، ارتبط تاريخها باغاني البمبوطية والصيادين.