انتهاكات واقتحامات وتدنيس متكرر للمسجد الأقصى، الذي لم تتركه القوات الإسرائيلية يومًا دون تدنيس باحاته وتخريب محتوياته والاعتداء على المرابطين فيه، حيث تجددت الاقتحامات بعد يوم واحد من وقوع اشتباكات بين الشرطة وفلسطينيين في باحات المسجد الأقصى، فيما لم يكد الأقصى يتنفس الصعداء من اقتحامات متوالية أثارت قلق وغضب دولي الأسابيع الأخيرة. تجددت الاشتباكات بين القوات الاسرائيلية والمرابطين الفلسطينيين داخل المسجد الأقصى، اليوم الاثنين، فمع حلول عيد العرش اليهودي الذي يستمر سبعة أيام ويعد من العطل التي تدفع عددًا أكبر من المستوطنين إلى التوجه للحرم القدسي، يحل التوتر والعنف في المسجد الأقصى من جديد. اندلعت المواجهات بين الفلسطينيين المدافعين عن أقصاهم والقوات الإسرائيلية التي تحمي المستوطنين، وهو ما أدى إلى إصابة أكثر من 13 فلسطينيًا، جراء إطلاق القوات الإسرائيلية القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع باتجاههم، بعد اقتحام أكثر من 150 عنصرًا من قوات الاحتلال الاسرائيلي باحات الحرم القدسي، كما حاصرت القوات الإسرائيلية مجموعة من المصلين داخل المصلى القبلي، بعد إغلاق مدخله الرئيسي بلوح من الصفيح. انتشرت عناصر من الشرطة في باحة المسجد الأقصى، بعدما استخدموا قنابل مسيلة للدموع وقنابل صوتية لتفريق المحتجين الفلسطينيين، فيما قذفهم بعض الشبان بالحجارة قبل أن يتجمعوا داخل المسجد الأقصى الذي تحاصره قوات الأمن، وأفادت بعض وسائل الإعلام باستخدام الاحتلال آلية شبيهة بالمدرعة خلال اقتحام الأقصى للمرة الأولى منذ عام 1967، فيما قال شهود عيان إن 15 قناصًا اعتلوا سطح المسجد القبلي وتمركزوا عليه. كانت قوات الاحتلال هددت منذ يوم أمس باستخدام القوة لإخلاء المرابطين في الأقصى للسماح للمستوطنين باقتحامه والصلاة فيه ضمن الطقوس التوراتية بمناسبة العيد اليهودي، وبناء على هذا التهديد اتخذت إجراءات من شأنها تقويض الدخل إلى الأقصى من الفجر، حيث منعت قوات الاحتلال من هم دون الخمسين من الرجال من دخول المسجد الأقصى المبارك والصلاة فيه، فيما سمحت للنساء من كل الأعمار، وأدى العشرات من المصلين على أبوابه صلاه الفجر، وأغلقت قوات الاحتلال جميع الطرق المؤدية إلى الأقصى ومحيط البلدة القديمة، فيما نشرت المئات من قواتها على كل المداخل، وعلى أبواب الأقصى، وتحديدًا بالقرب من باب المغاربة احتشد المئات من الجنود المدججين بالسلاح، ومنعوا الصحفيين من تصوير الإجراءات الصهيونية والجنود المستعدين للاشتباك. قال رئيس مجلس الأوقاف بالقدس، إن الشرطة الإسرائيلية حطمت نوافذ أثرية في المسجد الأقصى، وأعرب فلسطينيون عن خشيتهم من أن تقوض زيارات الجماعات اليهودية للحرم القدسي سيطرة المسلمين عليه، حيث وقعت اشتباكات مشابهة في الحرم القدسي خلال الأسابيع المنصرمة، فيما أصدرت قيادات فلسطينية دعوات للنفير العام والرباط داخل المسجد لمواجهة هجمات المستوطنين. استهجن مدير المسجد الأقصى "عمر الكسواني" اقتحامات قوات الاحتلال للمسجد، وتساءل "أي سياحة هذه التي تتم وسط قوة السلاح والقنابل والتخريب والتدمير؟"، في إشارة إلى فتح باب المغاربة بوجه اقتحامات المستوطنين، ضمن ما يعرف "ببرنامج السياحة"، الذي يقتحم من خلاله المستوطنون باحات الأقصى منذ سنوات. من جانبه، حذر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى الشيخ "محمد حسين"، من التداعيات الخطيرة للاقتحامات المتكررة للمستوطنين بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، لباحات المسجد الأقصى المبارك، والاعتداء على المصلين والمرابطين هناك. انتفاضة جديدة في القدس قد تنطلق من المسجد الأقصى، وإن كانت لم تشتعل بعد بالمعني الحقيقي إلا أن بوادر اشتعالها تلوح في الأفق منذ فترة، وسط تهديدات وتحذيرات فصائل المقاومة الفلسطينية من أن الانتفاضة قد تأتي على الأخضر واليابس، وقد تكون الأسوء في تاريخ الحروب بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلا أن القيادة الإسرائيلية كعادتها لاتزال تصم أذانها عن التهديدات الفلسطينية، بل تصعد من لهجتها وسياسياتها وقراراتها وقوانينها الاستفزازية.