عُرفت بأنها «ملكة الجريمة» بسبب عدد كبير من الأشكال الكلاسيكية التي عرضتها، تربعت الروائية الإنجليزية «أجاثا كريستي» على عرش روايات الجرائم الإنجليزية طوال نصف قرن دون مزاحمة، حققت مكانة كبيرة في ميدان أدب الجريمة على صعيد عالمي، واستخدمت لغة سلسة وهذا ما يفسر رواج قصصها ورواياتها لدى الأوساط الشعبية في بريطانيا وأوروبا كما يفسر سهولة ترجمتها إلى مختلف لغات العالم. أول رواياتها هي رواية ثلوج على الصحراء التي لم يقبلها أي من الناشرين، ألفت بعدها رواية أخرى وهي «قضية ستايلز الغامضة» وأدخلتها هذه القصة عالم الكتابة عندما قبلها أحد الناشرين بعد أن رفض ستة من الناشرين طباعتها وتوزيعها، ألَّفت «كريستي» العديد من روايات الجرائم. تمر اليوم ذكرى ميلادها فهي ولدت في 15 سبتمبر عام 1890 في مدينة «توركاي» تلقت تعليمها في المنزل، حيث كانت والدتها كلارا تشجعها على القراءة ثم شجعتها على الكتابة في سن المراهقة، في العشرينات من عمرها تقدّم لها عدد من الخاطبين الأثرياء والفقراء لكن رفضتهم جميعاً، حتَّى كان زواجها الأول من العسكري البريطاني «أرتشي كريستي» عام 1914 ومنه أخذت لقبها الذي لازمها طوال حياتها، ولكن زواجها منه فشل بسبب ارتباط زوجها بعلاقة عاطفية مع امرأة أخرى، بعد أن أنجبت منه ابنتها «روزلند». في عام 1930 تزوجت «كريستي» من ماكس مالوان، عالم الآثار، بعد أن التقت به في إحدى رحلاتها إلى الشرق حيث عاشت معه في سورياوالعراق عندما كان يقوم بابحاثه، وكان عمرها 39 عاما، بينما كان عمره 26 عاما، أتاح لها زواجها هذا أن تزور معظم بلاد الشرق الأدنى والأعلى، فتجولت في بلاد الشام العراق ومصر وبلاد فارس، ووفَّر لها هذا التجوال فرصاً مميزة لكتابة أجمل رواياتها وقصصها المليئة بالأسرار، المفعمة بالغموض، المعتمدة ليس على مواقع الحدث في بلاد الشرق الساحرة فقط وإنما على خيال الكاتبة، كذلك قدرتها الفريدة على ابتكار الشخصيات الغامضة والمثيرة وتحريكها عبر الرواية باتجاهات مختلفة تُذهل القارئ. ردَّدت الكاتبة، أن أعظم متعة يحس بها المؤلف هي اختراع الحبكاتِ الدرامية ففي قصصها ورواياتها كما في مسرحياتها نجد ذلك الكم الهائل من الألغاز والحبكات الغامضة سواء كان ذلك في البناء القصصي أو المعمار الدرامي أو في الحوار أو الشخصيات، بل حتَّى في اختيار مواقع الأحداث التي غالباً ما تكون مشوقة ومنها مواقع أثرية، ومدن شرقية، ومعابد، وقصور، وقطارات أو طائرات، وفي العادة تلجأ الكاتبة إلى تكنيك قصصي يستند إلى الحيلة أو الخدعة كأسلوب إثارة وتشويق مفعم بالغموض، يستدرج لغتها السيالة الانسيابية في تيار متصل من السرد النثري المجرد والمتصف أحياناً بالأطناب والإطالة، ولكي تبعد الملل عن القارئ تعمد إلى إقحام بعض الألغاز والرموز التي تحتمل التأويلات والتفسيرات المتضادةً، وبذلك تشد القارئ إلى متابعة الحدث دون أن تبتعد به عن المحور الأساسي للبناء الدرامي الذي خططت له بإتقان. صُنفت «كريستي» من قبل موسوعة جينيس للأرقام القياسية باعتبارها المؤلف الأكثر مبيعا على الإطلاق، ويعتقد أنها باعت ما بين اثنين الى أربعة مليارات كتاب في جميع أنحاء العالم، وذلك بعد أن كتبت أكثر من مائة رواية وقصة قصيرة ومسرحية تبحث فيها عن سر الموت ولغز الجريمة، تُرجمت إلى مائة لغة وبيع منها أكثر من مائة مليون نسخة عالمياً.