في الوقت الذي تتجه فيه بريطانيا إلى شن غارات جوية على الأراضي السورية، كجزء من دعم التحالف الغربي الذي تقوده أمريكا في حربها المزعومة على تنظيم "داعش" هناك، انقلبت موازين السياسة البريطانية تجاه الأزمة السورية، وهو الأمر الذي دفع إلى التساؤل حول ما إذا كانت فرنسا الحليفه الكبرى لبريطانيا يمكن أن تحذو حذوها. اعتادت بريطانيا منذ بداية الأزمة السورية قبل أربع سنوات على التغني بأنه "لا مكان للأسد في المرحلة الانتقالية"، إلا أن تصريح وزير الخارجية البريطاني "فيليب هاموند" جاء ليغير السياسة البريطانية المتشددة، حيث قال "هاموند"، إن بلاده مستعدة لبقاء "بشار الأسد" رئيسًا في الفترة الانتقالية، وألمح خلال اجتماع اللجنة البرلمانية للشئون الخارجية الأربعاء الماضي بأنه "يدعم التسوية السلمية للأزمة السورية"، وأكد أنه إذا كانت لندن تطالب سابقًا برحيل "الأسد" عن المنصب الرئاسي، فإنها اليوم قد توافق على تنفيذه مهام الرئيس السوري خلال فترة انتقالية، إذا كان ذلك يساهم في حل الأزمة، وأوضح "هاموند"، "عندما سنتوافق على العملية مع الروس والإيرانيين أيضًا، وهذا سيتطلب عدة أشهر، فهنا نحن سنناقش الأمر حتمًا". ودعا وزير الخارجية البريطاني "فيليب هاموند" موسكو وطهران إلى استخدام تأثيرهما على "الأسد" لتسوية الأزمة في سوريا، واعتبر أنه "في الواقع يجب إجراء نقاش بمشاركة داعمي اللاعبين المحوريين في سوريا، وخاصة إيرانوروسيا لتوضيح كامل ضرورة التغييرات، وهما قادرتان على ذلك، وتستطيعان التحدث والتأثير على الأسد"، واستطرد مبينًا أن "روسياوإيران تستطيعان اليوم مناقشة الوضع في سوريا، والاتصال غدًا بدمشق وتغيير مستقبل هذا الوضع". من جهة أخرى شنت بريطانيا أولى غاراتها على الأراضي السورية نهاية أغسطس الماضي، حيث كشف رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون"، أمام مجلس العموم أن غارة شنتها طائرة بريطانية من دون طيار أدت إلى مقتل جهادي بريطاني في سوريا كان يخطط لشن هجمات في بريطانيا. كان من المفترض أن تنتظر بريطانيا موافقة برلمانها على شن غارات عسكرية على سوريا، إلا أن رئيس الوزراء قال إن هذه الغارات تأتي في إطار "الدفاع عن النفس" و"شرعية تمامًا"، وشنت عقب التشاور مع النائب العام، وكانت حكومة "كاميرون" قد فشلت مسبقًا في الحصول على السماح لها بشن عمل عسكري في سوريا في 2013، في إحدى الضربات القوية للسياسة الخارجية لحكومته السابقة، وذلك بسبب ضعف أغلبية "كاميرون" في البرلمان، وعدم دعم المعارضة البريطانية لهذه الخطوة. الانعطافة البريطانية بشأن المشهد السوري تأتي في خضم تغيير اللهجة الأوروبية خلال الفترة الأخيرة، خاصة في إسبانيا والنمسا وإيطاليا، فوزير الخارجية الأسباني "خوسيه مانويل غارسيا" طالب خلال زيارته لطهران بالتفاوض مع الرئيس السوري "بشار الأسد" للتوصل إلى وقف إطلاق نار، وشاركه الموقف نظيره النمساوي "سباستيان كورتز" بدعوة الدول الغربية إلى إشراك "الأسد" في الحرب على جماعة داعش، فيما رفض رئيس الوزراء الايطالي "ماثيو رينزي" مشاركة بلاده في الغارات الجوية للتحالف الأمريكي، معتبرًا أن الغارت تؤتي نتائج عكسية. هذا التحول السياسي في اللهجة الأوروبية أثار تساؤلات حول تفكير فرنسا في اتخاذ نفس النهج البريطاني، فمن المفترض أن فرنساوبريطانيا يسيران على نفس النهج، وبينهما تقارب كبير في وجهات النظر بشأن سوريا، فعندما قررت فرنسا شن غارات على الأراضي السورية تبعتها بريطانيا سريعًا في نفس الخطوة، فهل تتبع فرنسا حليفتها البريطانية هذه المرة؟