تزخر مصر بكثير من الأماكن والآثار التاريخية التي يجهل الكثير من المصريين تاريخها الحقيقي، في ظل عدم انتشار الوعي الأثري والتاريخي، و"البديل" من جانبها تبنت حملة "اعرف تاريخك" لنشر الوعي بتاريخنا، ونتكلم اليوم عن مسجد الأشرف برسباي، والذي يقع بشارع المعز لدين اللهعند تقاطعهمع شارع جوهر القائد. وعن المسجد تقول سالي سليمان الباحثة في الآثار وصاحبة مدونة "البصارة": "أنشأه الملك الأشرف برسباي، وبدأ فى عمارته سنة 826 ه/ 1424م، وهو أحد مساجد ثلاثة ما زالت باقية إلى الآن، وثانيهما مسجده الملحق به مدفنه وخانقاه، والواقع بقرافة الممالك، وثالثهما جامعه الكبير الذى أنشأه بالخانكة سنة 841 ه/ 1437م. وكلها تنطق بجمال الهندسة وحسن الزخرف". وأضافت سليمان "بلغت صناعة الرخام وخصوصاً بالمدفن شأنًا عظيمًا فى الدقة والإتقان، وكذلك الشبابيك الجصية المفرغة المحلاة بالزجاج الملون، فجمعت بين براعة التصميم ودقة الصناعة". وتابعت "أنشئ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، أي صحن مكشوف يحيط به أربعة إيوانات متقابلة، وتقع القبة ملاصقة لإيوان القبلة، وهذا الإيوان كمثيله فى المدارس الأخرى أهم الإيوانات وأكثرها زخرفة، ويسترعي النظر فيه أرضيته الرخامية الجميلة وشبابيكه الجصية الدقيقة المصنوعة حديثًا على نمط نظيراتها القديمة بمدفن الأشرف برسباى بقرافة المماليك، أما منبره الخشبى فحافل بالتطعيم بالسن والزرنشان،شأنه فى ذلك شأن منابر المساجد التى أنشئت فى القرن التاسع الهجرى الخامس عشر الميلادي. وأوضحت أن السلطان الأشرف أبو النصر برسباي شركسي اشتراه تاجر جاء به إلى حلب، وهناك اشتراه الأمير جقمق الذي أهداه إلى السلطان برقوق، وقد عين بالطباق السلطانية بالقلعة، ثم أعتق وأصبح من الجمدارية، وبعد ذلك نقل إلى خدمة السلطان الناصر فرج، ومنحهالسلطان "المؤيد شيخ"لقبأمير. ثم رقي عام 821ه /1418م ليصبح نائبًا لطرابلس "الشام". وأشارت "سليمان" إلى أن الأشرف برسباى عين في منصب الدودار الأعظم، أو المستشار، في عهد السلطان الصالح محمد بن تاتار، ثم أصبح نائب السلطنة في مصر، وأصبح الأشرف برسباي سلطانًا عام 825ه / 1422م، ويصفه المؤرخون بأنه كان أشقر، ورشيقًا وطويلاً وحسن المظهر؛ كما كان محسنًا وخيرًا للغاية، وقد منع السلطان الأشرف برسباي شعيرة تقبيل الأرض بين يدي الملوك، كما أوقف استخدام الإفرنتيكعملة؛ وبدأ صك عملته الخاصة باسم "الأشرفية"، وكانت أكثر نقاء، وحاول تشجيع السكة الفلورنسية كي تضرب في مصر، وبعد أن قضى السلطان برسباي في الحكم نحو سبعة عشر عامًا، تُوفي في ذي الحجة 841ه / مايو 1437م، بعد أن ارتبط اسمه بالجهاد ضد الصليبيين، وأضاف إلى دولته جزيرة قبرص".