أثارت الصور التي بثها تنظيم داعش الإرهابي لعمليات تحطيمه للتماثيل الأثرية في العراق، غضب أغلب المتابعين العرب، لاسيما بعدما قام بتدمير معبد "بعلشمين" في مدينة تدمر الأثرية التي سيطر عليها التنظيم مؤخرًا، وكلما يدخل داعش في مكان يزول الأمل بسبب أعمال النهب والتخريب التي ينفذها في كل مدينة يسيطر عليها. سيطر تنظيم "داعش" في 21 مايو على مدينة تدمر الأثرية المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، وأقدم عناصره في 21 يونيو على تفخيخ المواقع الأثرية في مدينة تدمر بالألغام والعبوات الناسفة كما أعدموا أكثر من مئتي شخص داخل المدينة وخارجها، عشرون منهم في المدرج الأثري. وكشفت الصحف الأجنبية في الفترة الأخيرة، عن معلومات تفيد بتهريب التنظيم المتطرف الآثار العراقية والسورية إلى الخارج لتوفير التمويل لتنفيذ عملياتها الإرهابية، حيث كشفت صحيفة "التايمز البريطانية"، في وقت سابق أن آثارا غير تلك التي دمرها التنظيم نهبت، وظهر جزء من منها على موقع المزاد الأول الشهير "إي باي"ebay، حيث ظهرت قطع أثرية معدنية وقطع من الخزف والنقود والمجوهرات كانت نهبت من العراقوسوريا، وتهرب هذه القطع الأثرية التاريخية عبر عصابات إجرامية في تجارة الآثار، ما يعود على أفرادها بأموال وأرباح طائلة. و تفاخرت صحف إسرائيلية بأنه تم (استرجاع) سرقة عدد من اللفائف التوراتية القديمة من سوريا عن طريق تجار وسرّاق آثار، وقد وصفت الصحافة الإسرائيلية سرقة هذه اللفائف بالغنيمة الكبيرة وبالعمل الهام، ونشرت معلومات أن المعابر الرئيسية لتهريب السلاح والمسلحين هي نفسها التي تستخدم لتهريب الآثار، حيث تشكل تركيا السوق المزدهرة لبيع تلك الآثار وتسويقها، وتصل إلى الكيان الإسرائيلي عبر الأردن. ثمة تقارير إعلامية تشير إلى أن تنظيم "داعش" شكل مجموعات تنقيب سرية وقام بشراء أدوات جديدة من أجهزة الكشف عن المعادن والتنقيب عن الآثار لتهريبها إلى خارج سورياوالعراق وبيعها بصورة غير مشروعة لتمويل عملياته المسلحة. تدمير آثار العراق وتهريبها ليس بعيد عن مخططات داعش، فوزارة السياحة والآثار العراقية أعلنت في وقت سابق من هذا العالم عن استيلاء تنظيم داعش الإرهابي على أكثر من 1791 موقع أثري مهم في محافظة الموصل، فيما كشف رئيس اسناد ام الربعين عن سرقة كنوز" قصر سرجون الأكدي"، الذي كان مطموراً تحت مرقد النبي يونس وتهريب تلك الآثار والكنوز إلى إسرائيل. معلومات خرجت مرات عديدة من رؤساء المتاحف العراقية تؤكد وصول أغلب الآثار الذي تم تهريبها من العراق إلى الاحتلال الإسرائيلي وبأعداد كبيره، لافتين إلى «عدم وجود إحصائيات دقيقة لهذه الآثار، والسبب يعود لأنها آثار غير منقبة، وتم حفرها من قبل (داعش)، وكشفها وتهريبها إلى الخارج». المشهد الأكثر وقاحة عندما احتفلت وزارة خارجية الكيان الصهيوني بسرقة جزء من أرشيف العراق القومي وتهريبه إلى الأراضي المحتلة، ففي يناير الماضي أعلنت وزارة السياحة والآثار العراقية عن احتجاجها الرسمي على سرقة مخطوطات وتهريبها إلى الاحتلال؛ مؤكّدة مفاتحاتها السابقة التي طالبت فيها ضرورة استعادة جميع فقرات الأرشيف العبري إلى بلده العراق وإنهاء هذا الملف الذي كان من المقرر أن ينتهي عام 2005، متهمه أمريكا بالتسهيل والمساعدة في سرقة الاثار الأمريكية. واحتجت العراق أكثر من مرة على «الاستحواذ غير القانوني لهذه القطع الآثرية كجزء من الموروث العراقي بدلالة حمله أختام رسمية عراقية، وطالبت مركز " نارا" الأمريكي الذي يقوم بصيانة وترميم الأرشيف العبري العراقي بتقديم إجابات واضحة حول اختفاء هذه المخطوطة». وكانت وسائل إعلام صهيونية "احتفت بخبر وصول مخطوطة التوراة العراقية إلى إسرائيل ونشرت تقارير عن احتفال وزارة الخارجية الإسرائيلية بهذه المخطوطة»، ما يعد مؤشرًا أخر على سعى الكيان الصهيوني إلى تزوير التاريخ وسرقته للأثار العربية.