"من أمن العقوبة أساء الأدب" هو أبلغ تعبير ينطبق على ما حل من فساد يملأ ربوع بنك التنمية والائتمان التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، فكل ما يتم الإعلان عنه من إصلاحات وضرب على أيدي المفسدين داخل أروقته لا يتعدى الشو الإعلامي، ويبدو أن الإهمال الحكومي والتغاضي عن المخالفات وإهدار المال العام وفرا مناخًا مناسبًا لقيادات البنك للتستر على الفساد وحمايته. فوفقًا للمستندات التي حصلت "البديل" على صورة ضوئية منها والتي كانت إحداها مذكرة قطاع الشئون القانونية بالبنك الرئيسي والمحررة بتاريخ 19-03-2014 والموقعة من ماجدة كمال بلبع، رئيس القطاع، بشأن تنفيذ الحكم الصادر في الاستناف رقم 326 لسنة 2014 لصالح رجاء إبراهيم السيد ضد البنك، والذي يقضي بحصولها على مبلغ 51 ألفًا و332 جنيهًا كتعويض؛ نظير ما لحق بها من أضرار؛ جراء قيام مسئولي البنك بفرع القاهرة التابع للبنك الرئيسي بتزوير شيك لصالح البنك بقيمة 490 ألف جنيه، كضمان لقرض بقيمة عشرة آلاف جنيه كانت هي الضامنة فيه، والذي أثبت تقرير خبير الطب الشرعي المنتدب من المحكمة أن التوقيع المذيل به الشيك ليس توقيع "رجاء"، وبناء عليه تم الحكم بانتفاء الدعوى الجنائية، والتي سبق للبنك الحصول من خلالها على حكم بحبس السيدة غيابيًّا، والحكم لصالحها بالتعويض. وكان من المتوقع أن يقوم رئيس البنك بفتح تحقيق داخلي في الواقعة؛ تمهيدًا لإحالة الموظف المزور إلى النيابة العامة، لمعاقبته على المخالفات القانونية المرتكبة، هذا بجانب تحميله قيمة التعويض، ولكن وجهت الشئون القانونية مذكرتها إلى رئيس البنك، تطلب موافقته على تنفيذ الحكم وقيام قطاع الشئون المالية وإدارة الخزينة بصرف التعويض، والذي يعد إهدارًا صريحًا لأموال المودعين المنتمين إلى فئة الفلاحين البسطاء، والذي قام بدوره بالتأشير بالموافقة على الصرف، وهو ما نتج عنه تحمل البنك قيمة التعويض دون محاسبة المتسبب وتحميله خطأه، وهو ما يمثل جريمة إهدار للمال العام وتسترًا على الفساد يتحمل مسؤليتها رئيس البنك وقطاع الشئون القانونية.