فتحى كيلانى شيخ قبيلة "الظناين" بسيوة في حوار ل"البديل": نراعي الظروف الاقتصادية للوطن.. ولا نطالب إلا بالضرورات مستشفى سيوة مجهزة جيدا لكن تعاني نقص الأطباء والأدوات الإهمال وعدم تنقية المياه سبب انتشار الفشل الكلوي غياب منظومة صرف صحي وزراعي يتسبب في تلف التربة تصوير: رنا حمدي فى تلك النقطة النائية والتى تبعد مئات الكيلومترات عن القاهرة تقع واحة سيوة التى انعزلت بمشاكلها وسكانها عن باقى محافظات الجمهورية، وتعرف الواحة كمجتمع قبلي تمثل العوائل فيه الوحدة الأهم والأكبر تأثيرا، وإحدى هذه القبائل قبيلة "الظنانين". "البديل" التقت الشيخ فتحي كيلاني، شيخ قبيلة "الظناين" للتعرف على عادات وتقاليد هذا المجتمع القبلي، وللوقوف على المشاكل التى تواجهه، وأهمها نقص الخدمات الصحية، ونقص الأطباء والمعدات الطبية، في ظل انتشار مرض الفشل الكلوي بين الأهالي بسبب سوء معالجة المياه التي يشربها المواطنون؟ وإلى نص الحوار.. -كم عدد سكان سيوة وما المهنة الرئيسية لهم؟ عدد سكان سيوة 30 ألف مواطن من قبائل متفرقة، المهنة الرئيسية في سيوة هي الزراعة، المواطن السيوي يعتمد فى معيشته على الزراعة، ويعد محصول البلح والزيتون هو الناتج الأساسي ومصدر الدخل لأهالي الواحة، ولذلك فالحالة المادية لهم بسيطة، فالمواطن يخرج من بيته إلى الجنينة الخاصة به لرعايتها حتى يأتي موعد الحصاد، وهناك بعض المهن الأخرى كالعمل بالسياحة ولكنها ليست منتشرة بشكل كبير، وتقلصت خلال السنوات الماصية، ولا يوجد موظفون كثر بالواحة سوى بعض الشباب المتعلم حديثا، ولكنه أيضا يعاني من البطالة لعدم وجود وظائف حكومية هنا فى سيوة. -لماذا يتحدث أهل الواحة لغة غير العربية؟ الأهالي فى واحة سيوة يتحدثون باللهجة السيوية، ويرجع البعض أصلها إلى مزيج من اللغتين العربية والأمازيغية نتيجة لتعدد الأصول الموجودة داخل الواحة، فمنهم من هم من المغرب والجزائر وليبيا، ولكن اللهجة عندنا شفوية، وهي طريقة التواصل بين سكان الواحة وفي البيوت حتى الأطفال، ثم يبدأ السيويون بتعلم اللغة العربية عند الالتحاق بالحضانة أو المدرسة، فالمناهج باللغة العربية بالطبع، لكن اللغة الأمازيغية في البلدان العربية لها مناهج وكتب، أما في سيوة فهي لهجة للتواصل تم اكتسابها عبر الزمن وتوارثها من الأجداد. -كيف يتعاطى المجتمع السيوي مع المشاكل؟ أهالي الواحة يتميزون بالتعاون والوقوف كتلة واحدة أمام المشاكل التى تواجههم، وفي حالة حدوث مشكلة يتم اللجوء لشيخ القبيلة لعقد جلسة عرفية، فإن لم تحل في المجالس العرفية يتم تحويلها إلى قسم الشرطة، وهناك تعاون كبير بين مأمور القسم وشيوخ القبائل. -ما المشاكل التى يعاني منها المواطنون في سيوة؟ تعاني الواحة من نقص الخدمات بها، ونحن نراعي الظروف الاقتصادية وحالة الانهيار التى تعانيها الدولة، ولكن ما نطلبه هو الضروريات وأهمها الخدمات الصحية المقدمة بمستشفى سيوة والتي يوجد بها نقص في الأطباء والمعدات الطبية، فالمستشفى حالتها جيدة من حيث المباني، ولكن ما نطالب به هوالأطباء وبعض المعدات كأجهزة الغسيل الكلوي، وأيضا هناك مشاكل في عدم وجود السرنجات وبعض المستلزمات الأخرى كأدوية التخدير، فلا توجد عمليات تتم داخل المستشفى نتيجة لعدم وجود أطباء تخدير، وهناك أيضا نقص في أطباء النساء والتوليد، وهذه من أكبر المشاكل لأنه أحيانا تحدث حالات ولادة قيصرية ونتيجة لعدم وجود طاقم طبي متكامل ولنقص أكياس الدماء يتم نقل الحالة 300 كم إلى مطروح في ظل استمرار النزيف مما يمثل خطرا على حياة الأم، وفي معظم الأحيان يأتي إلينا المسؤولون في المستشفى شاكين نقص الإمكانيات مما نضطر معه إلى توفيرها عن طريق الجهود الذاتية بجمع التبرعات من أهالي الواحة. وهناك الكثير من القوافل الطبية تأتي لسيوة لتقديم الخدمة للمواطنين نظرا لعدم وجود إمكانيات بالمستشفى، ولكن هذا حل مؤقت لأن المريض يحتاج الرعاية المستمرة وليس أن يتم تقديم العلاج له بين الحين والآخر. -ما السبب في انتشار مرض الفشل الكلوي بين أهالي الواحة؟ يرجع انتشار الفشل الكلوي بين الأهالى للمشاكل المتعلقة بالمياه التى يشربها المواطن السيوي، فمياه سيوة تصدر إلى بلدان العالم أجمع ولكن هناك إهمالا من قبل المسؤولين بعدم تشغيل محطات للتنقية داخل الواحة، فالمياه تحتوي على معادن ثقيلة جدا ومنها الحديد ولذلك تناولها دون خضوعها للتنقية يؤدي لإصابة المواطنين بكثير من الأمراض منها الأنيميا والفشل الكلوي، بالإضافة إلى أن المحطة لم تعمل إلا مرة واحدة فى إحدى الزيارات الرسمية للواحة، ويعاني الأهالي من مشكلة المياه منذ 2003 تقريبا. -هل هناك مشاكل أخرى بخلاف الوضع الصحي تواجه المواطن السيوي؟ نعم هناك مشكلتان كبيرتان هما الصرف الزراعي والصرف الصحي، فسيوة تعاني من عدم وجود منظومة صرف زراعي منذ ما يقرب من 18 عشر عاما، ومازالت المشكلة قائمة حتى الآن، فلقد قمنا كمشايخ قبائل بتقديم شكوى للمسؤولين وقت تولي الرئيس الأسبق حسني مبارك، بعد زيارته لسيوة عام 1996 وقام وزير الري بعمل تخطيط لرفع مياه الصرف من بحيرة إلى بحيرة أخرى، ولكن بعد مرور الزمن امتلأت البحيرتان ولم تخرج مياه الصرف الزراعي من أراضي سيوة نفسها، مما أدى إلى تلف التربة في العديد من الجناين واحدة تلو الأخرى لعدم وجود مشروع صرف حقيقي لرفع المياه خارج أراضي الواحة. أما بالنسبة لمشكلة الصرف الصحي فهي نتيجة مترتبة على عدم وجود محطات رفع لمياه الصرف الزراعي، فالمواطنون يقومون بحفر آبار على عمق فى الأرض يطلق عليها "طرنش" ويتم الصرف عن طريقها، ولكنها عندما تمتلئ تحدث مشاكل كبيرة نتيجة لعدم وجود مشاريع صرف صحي أو زراعي في الواحة وتلك المشاكل تعد ضربة لشريان الحياة في سيوة. -ما الاقتراحات التى قمتم بعرضها لحل مشاكل الواحة؟ نعم قمنا بعرض اقتراحات على المسؤولين بعمل محطات لرفع المياه الخاصة بالصرف الصحي والزراعي وتحويلها إلى منطقة تسمى منخفض "بغبغ" وذلك لحل أزمة الصرف، واقتراحات أخرى منها استصلاح أراضي أخرى في الصحراء، وقمنا بالتحدث مع وكيل وزارة الصحة بمحافظة مطروح لأن مستشفى سيوة تتبع مطروح، وذلك لتوفير طاقم طبي للمستشفى ولتوفير المستلزمات الطبية للحفاظ على حياة المواطن السيوي، لأن مسألة تحويل الحالات الطارئة إلى مستشفى مطروح ليست حلا، وتعد مخاطرة بحياة المواطنين.