تصاعدت في الفترة الأخيرة حدة التهديدات العسكرية بين الكوريتين الجارتين، قصف مدفعي مباشر على الحدود دفع الكوريتين إلى إعلان حالة شبه حرب شاملة، وهو ما استدعى بدء مفاوضات لإنهاء التوتر العسكري. بدأت الكوريتان الشمالية والجنوبية محادثات السبت الماضي، وذلك بعد أن وجهه الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونج أون" تهديد للجنوب ب"حرب شاملة" في حال لم يوقف البث الدعائي المعادي بمكبرات الصوت عبر الخط العسكري الفاصل بين الدولتين، وقال وزير الخارجية الكوري الشمالي "جيشنا وشعبنا على استعداد للمجازفة بحرب شاملة ليس فقط لرد الفعل أو الصد بل للدفاع النظام الذي اختاره شعبنا"، وأضاف "وصلنا إلى فجر حرب والوضع لا رجعة فيه". يترأس المفاوضات في قرية "بانمونجوم" مستشار شئون الأمن القومي في كوريا الجنوبية "كيم كوان-جيم"، ونظيره الكوري الشمالي "هوانغ بيونغ-سو"، الذي يعتبر الرجل الثاني في النظام، وأحد اقرب مساعدي الرئيس "كيم جونغ اون". على الرغم من أن المحادثات أخمدت نار الحرب المتوهجة منذ أسابيع بين الجارتين، إلا أن التصريحات النارية بين الطرفين والتهديدات لم تتوقف يومًا حتى أثناء المفاوضات، حيث أعلنت رئيسة كوريا الجنوبية "بارك غوين-هيه"، أنها لن توقف البث الدعائي بمكبرات الصوت على الحدود مع كوريا الشمالية، إذا لم تقدم بيونج يانج "اعتذارًا واضحًا حول سلسلة الاستفزازات الأخيرة"، وأضافت الرئيسة أن كوريا الشمالية تسببت في الأزمة الحالية من خلال "انشطة استفزازية". أعلنت كوريا الجنوبية بأن الشمال يسعى للتأثير على نتيجة العملية التفاوضية مع تحركات عسكرية استفزازية، بما يشمل نقل وحدات مدفعية إضافية إلى الحدود ونشر عشرات الغواصات، حيث أعلنت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية، أن الشمال ضاعف عدد وحدات المدفعية على الحدود، ونشر ثلثي إجمالي عدد غواصاته حوالى 50 غواصة خارج قواعدها، وأضافت الوزارة أنها تراقب تحركات كوريا الشمالية عن كثب، ووصف متحدث باسم الوزارة حجم هذه التحركات بأنه "غير مسبوق"، مشيرًا إلى أن الشمال يعتمد "وجهين في موقفه في المحادثات الجارية"، وفيما يقوم الشمال بنقل وحدات مدفعيته، قامت مقاتلات كورية جنوبية وامريكية بتدريبات على عمليات قصف وهمية قرب الحدود، وهو ما أثار استفزاز كوريا الشمالية، وهنا تبددت الأمال بتحقيق تقدم في المفاوضات في ظل الشد والجذب الكوري. من جانبه، حث الأمين العام للامم المتحدة "بان كي مون"، الكوريتين الشمالية والجنوبية على وضع حد للتوتر المثير للقلق في شبه الجزيرة المقسمة، وقالت متحدثة باسمه إن الأمين العام "يحض الطرفين على الامتناع عن اتخاذ أي تدابير أخرى قد تزيد من حدة التوتر"، وأضاف أنه يشعر "بقلق بالغ" إزاء التطورات، داعيًا إلى الحوار من أجل تخفيف حدة التوتر، كما رحب الأمين العام للأمم المتحدة بقرار استئناف المفاوضات، ودعا البلدين إلى "مضاعفة الجهود". تعود الأزمة بين الكوريتين إلى سنوات قديمة حيث تعيش الكوريتين في حالة حرب منذ 65 عام تقريبًا، وحتى مع توقف الحرب الفعلية بينهما في الفترة بين 1950-1953، تم توقيع اتفاق بوقف إطلاق النار، ولم يوقع اتفاق سلام رسمي، وهناك حوالى 30 ألف جندي أمريكي منتشرون بشكل دائم في كوريا الجنوبية، لكن الأزمة الحالية نشبت في بداية اغسطس، حين أصيب جنديان كوريان جنوبيان بجروح في انفجار الغام مضادة للافراد، وهو الحادث الذي اتهمت سيولبيونج يانج بالضلوع فيه، لكن بالرغم من نفي كوريا الشمالية أن يكون لها أدنى دور في قضية الألغام، أعادت سيول تشغيل مكبرات صوت تبث دعاية ضد نظام كوريا الشمالية على الحدود بين الكوريتين، وذلك بعد 11 عامًا من توقف هذه المكبرات، وهو ما دفع كوريا الشمالية إلى توجيه إنذارًا لجارتها الجنوبية لانهاء هذه "الحرب النفسية"، مهددة بعمليات انتقامية عسكرية إذا لم تستجب سيول، وبالفعل أطلقت بيونج يانج قذائف مدفعية ضد سيول، مما دفع شبة الجزيرة الكورية إلى شفا حرب. مع تأهب الجيشين وعرض أسلحتهما عبر الحدود وإطلاق التصريحات والتهديدات، تنتظر الأيام المقبلة ما سينتج عن المفاوضات، والتحدي الكبير للتوصل إلى تسوية، ويرى محللون أن المفاوضات بين الكورتين مصيرها الفشل، فكوريا الشمالية لن تعتذر عن الألغام، فيما سترفض الجنوبية أية تسوية قد تعتبر مكافأة لتهديدات بيونج يانج الحربية.